8 أبريل، 2024 9:24 ص
Search
Close this search box.

لنكن شجعان ونعتذر

Facebook
Twitter
LinkedIn

 لا اريد الغور في دهاليز التاريخ والكتابة بشكل مفصل عما حلَ بجزء مرموق من النسيج العراقي, حيث توالتهم النكبات قرونا على ارضه ,ولكن اريد التحدث عن حقبة تاريخية قصيرة تبدأ منذ العقد الثامن للقرن المنصرم اي بدخول العراق وايران حربا ضروس احرقت الاخضر واليابس تمثلت بين قيادة حملت لواء الاسلام السياسي وتصدير الثورة وفي مضامينها الداخلية تريد استمرار السطوة الفارسية القديمة وسياسة الهيمنة الحديثة شرطيا للخليج وبين من حمل في العراق لواء القومية العربية ليدافع عنها  وحماية البوابة الشرقية للعالم العربي ….ففي هذه الحرب اللعينة جلس مسيحيَ العراق في الخنادق الامامية جنودا في حرب لا ناقة لهم فيها ولا جمل ودخلوا مكرهين في بودقة الصراع  للإسلام السياسي مجمَلا بصور شتى تحت ذرائع القومية والدين والانتصار للمذهب ودفع الشعبين العراقي والايراني مئات الالاف من الضحايا تحت هذه المسميات وكان حظ مسيحي العراق حصة وفيرة من النكبات لفقدان شبابهم وترمل نسائهم بحرب لعينة  لصراع فكري يقوده الخصوم في المنطقة بذرائع دينية وقومية.
         وبانتهاء تلك الحرب توالت النكبات الاقتصادية على العراق بعد احتلال الكويت فهب الكثير منهم مستنجدين في الجمعيات الخيرية للعالم الغربي هروبا من وطن ساهموا بصنعه وابدعوا ببنيانه وتركو كل ذكرياتهم من اجل سلامة بقايا اولادهم ولكن الكثير منهم بقي متمسكا في العراق متضرعا للرب ان يمن السلام على ارضه.
         واستبشروا خيرا بعد عام 2003 وحلموا بعراق مدني ديمقراطي تعددي ولكن بتشابك المصالح بين المغادرين قسرا بالدبابة الامريكية وبين الآتين على ظهرها حلت الويلات, الا ان نسمع صيحات مدوية مرعبة على غير المسلمين ان يدفعوا الجزية في ارض الاسلام وبدا النهب والسلب لبيوتهم ومصالحهم والقيادات الدينية السياسية لم تحرك ساكنا للدفاع عن ابسط المقومات الانسانية لحقوقهم وكشر القائمون على سدة الحكم عن انيابهم ,ومرة اخرى هجٌر مسيحي العراق بمسميات جديدة وبأسلوب جديد ومن بقي منهم عليه ان يطبخ الهريس ويحجٌب بناته ويذهب الى الجامع ليلا ليصلي الوتر والنوافل ويكفر ديانته جهارا امام حملة لواء الاسلامي السياسي الجديد.
        أتساءل اين الدولة العادلة لتعوضهم عن بيوتهم التي فقدت وعن شبابهم الذين سوقوا الى الحرب كرها وعن العصابات والميلشيات التي ارعبتهم واستباحت نسائهم وحللت اموالهم تحت شعار يأتونك لدفع الجزية وهم صاغرين.

     فأي انسانية مفقودة واي حرج نمر به دون اي ضابط للأخلاق لا يسعني الا ان اقف بين الجموع جهارا واقول:
تحية لكم ايها الشرفاء
مسيحيي العراق
صابئة العراق
يهود العراق
يزيدي العراق
مسلمي العراق المعتدلين الذين كانوا رمزا للتآخي والحياة المدنية.
            انتم لبنته الاولى وانتم صناع ثقافاته الممتدة لقرون خلت … فتحية لكم بمولد السيد المسيح(ع) وأعياد الميلاد , ولكم اقدس الاعتذار مني ومن عائلتي ونحن نعيش الذكريات الغائبة الحاضرة بتقاسم العيش المشترك في العراق حتى وقت قريب وان بـَعد الكثير منكم عنا .
       والرحمة لشهداء كنيسة النجاة.   

مقالات اخري للكاتب

أخر الاخبار

كتابات الثقافية

عطر الكتب