23 ديسمبر، 2024 8:11 ص

لنعش سعداء كما يجب

لنعش سعداء كما يجب

السعادة ليست أمطارا تتساقط من السماء، أو نفطا ينبع من باطن الأرض، أو أموالا تتناقلها الرياح لمستحقيها، وإنما شيء غير ذلك، إنها حالة من الرضى، تغمر النفس فتنزاح الهموم وتتفتت الكربات.

الرضا المقترن بالقناعة؛ حيث يعيش المرء راضيا عن أقداره، فلا تململ من نصيبه ورزقه المتواضع، ولا تذمر من نوائب الزمان، ولا سخط من قضاء الخالق في مخلوقاته.

السعادة ليست في امتلاك ناطحات نيويورك، ولا أبراج دبي، وليست أيضا في الأموال المتكدسة في بنوك سويسرا، لأن كل ذلك لا يتغلغل في كينونة النفس البشرية بقدر ما يشد أعين ناظريه.

وحده الرضا الذي يتغلغل في أعماق النفس فينعكس سعادة تذهب الكدر، وابتسامة تذهب الضجر، وتصبّر لنوائب الدهر، ولأن السعادة حالة شعورية تطرب لها النفس، فلا مناص من الارتباط الروحي بالذي خلق هذه النفس، ووضع فيها عوامل السعادة والشقاء معاً، قال تعالی: “ومن أعرض عن ذكري فإن له معيشة ضنكا ونحشره يوم القيامة أعمی”.

وهذا تفسير منطقي لما يعانيه دعاة الإلحاد وعبدة المال الذين يحيط بهم الشقاء من كل الجهات نظرا لافتقارهم للحبل الروحي الذي يربطهم بالله الذي لا يؤمنون به أصلاً.

إن الاطمئنان الذي يغمر القلب، ويحول دون ولوج كوابيس الهم وتيار الاكتئاب، لا يشتری بالمال ولا يتواجد في الأسواق، ولا تنتجه معامل الصناعة المختلفة، ولكنه يوجد في اللسان الذي يلهج بتسبيح الواحد جل في علاه، شاكرا وذاكرا، قال تعالی: “ألا بذكر الله تطمئن القلوب”.