18 ديسمبر، 2024 6:59 م

لندع خلافات التاريخ ومشاكله ونهتم  بحاضرنا ومستقبلنا..!!

لندع خلافات التاريخ ومشاكله ونهتم  بحاضرنا ومستقبلنا..!!

بعد التفجيرات الإجرامية الأخيرة التي حصدت أرواح المئات من الضحايا الأبرياء ، وبعد أستمرار عرض فصول مسلسل الأيام الدامية التي يشهدها العراق، نشعر بأننا اليوم أحوج مانكون إلى ممارسة الحوار والتفاهم حول قضايانا المختلفة ، وأن علينا أن تتسع صورنا لبعضنا في قراءاتنا الخاصة ، وأن يتحمل كل طرف الطرف الآخر ولايضّيق عليه بالرأي ، وأن لانُخّون بعضنا البعض ، وأن لانكفر بعضنا البعض ، وأن لا نخرج كل من خالفنا في الرأي من الدين ومن المذهب ومن الوطنية ومن الجنة أحياناً  !!
وأهم مايجب أن نتحاور به خاصة القضايا التراثية والثقافية والعقائدية التي مضى عليها زمن طويل ، والأجتهاد فيها وغربلتها وتصفية الكثير مما دخل فيها من أحاديث مزورة وتأويلات تعسّفية ، ونظريات بشرية وفرضيات فلسفية ، نخرت حضارتنا الإسلامية وشلّت مجتمعاتنا ، وعطلت طاقاتنا ، وزرعت العداوة والبغضاء في نفوسنا ، ومزقت وحدتنا !!
وإذا كانت الأمة قد أختلفت في عصرها الأول وسنينها الأولى حول طبيعة النظام السياسي وشروط الحاكم ودور الأمة في السياسة ، وحق هذه الأسرة أو تلك بالخلافة والحكم ، فإنه ليس من الجائز أن نظل نجتّر تلك الخلافات القديمة والبائدة بعد أكثر من أربعة عشر قرناً من حدوثها ، ونتعصب لهذا الرجل أو ذاك ، أو لهذه الأسرة أو تلك ، وقد مضى الجميع إلى ربهم ولم يبق منهم أحد يطالب بالخلافة والملك والرياسة ، ولابد من الأهتمام بحاضرنا ومستقبلنا ، وعلينا التفكير اليوم بأسباب أنحطاطنا وعجزنا عن مواجهة التحديات المعاصرة ، التي تهدد وجودنا في كل لحظة !!
أن دماء الناس والحفاظ على حياتهم مسؤولية كبيرة ، يتحمل تبعاتها الجميع كل على قدره وطاقته ، فلا يقول أحد ممن يعيش في أرض العراق ويستظل سمائه (أنا لايهمني مايجري ..وسينجلي الموقف بعد حين ) ..!! فهذا كلام العاطلين عن واجبهم الأخلاقي والشرعي والوطني ، ولايمكن أن يكونوا بمنأى عن الخطر الذي سيعم الجميع ، وعليه أن يتذكر قول النبي الأكرم صلى الله عليه وآله وسلم : (كلكم راع ..وكلكم مسؤول عن رعيته ) ..
نحن كثيراً مانتسائل : لماذا نتقاتل وندمر ونتعصب ونتباغض؟ ونبحث عن الحل ولن نجد الحل إلا إذا إستطعنا أن نخضع لخطة إيمانية نغيير فيها مافسد من أفكارنا ومن أخلاقنا ومن عواطفنا التي ورثناها من التاريخ وأختلافاته ومشاكله ، فأن التغيير في الداخل سوف ينعكس على الخارج فنحن عندما لانكون في مواقع الأنانية فلاشك أننا سنتعاون مع بعضنا بكل أريحية وعندما لانكون في مواقع الأختلاف سيستمع بعضنا للبعض الآخر  ، لكن كيف يمكن أن نغيير المجتمع من دون أن نغيير العناصر الأساسية الفكرية والروحية والعقلية والعاطفية التي صنعت مأساة المجتمع ؟
نحن نعرف أن كل النتائج السلبية التي تأتي من الأنانية ومن العصبية لايمكن أن تتغير ،وأن كل أوضاع الصراع التي نعيشها وكل المشاكل الآتية من التعصب  ومن الأنانية لن تُحل مادامت نفوسنا مشبعة بهما، لأن مافي نفوسنا ينعكس على أعمالنا ، ولأن الله تعالى قال [لايغير الله مابقوم حتى يغيروا مابأنفسهم ]  لهذا لابد أن نغير هذا الشيء الداخلي حتى نحقق أهدافنا الخارجية بكل سعادة وإطمئنان ..
إننا معنيون جميعاً سنّة وشيعةً ومسيحيين وصابئة وكلدان وغيرهم في هذه الظروف العصيبة التي يمر بها وطننا إلى العمل على  تحرير الإنسان العراقي المضطهد والمقموع والمهمش منذ عهود طويلة ، وإعادة الروح الحيوية الفاعلة إليه ، كما أننا مطالبون بتوحيد كل مكونات الشعب العراقي المهمشة والممزقة والعمل على إعادة بناء الحضارة العراقية ثقافياً وأقتصادياً وسياسياً ، حتى ننال إحترام العالم ونحتل موقعنا المناسب ونستطيع أداء أدوارنا  بإيجابية فاعلة ، ونساهم بدفع عجلة الحضارة الإنسانية نحو الأمام ، ولكي يسجل تاريخ هذا الوطن العريق لهذا الجيل المعاصر أروع صور الأخلاص والتفاني ليكون محط فخر وأعتزاز للأجيال القادمة بأذن الله تعالى ..
[email protected]