23 ديسمبر، 2024 4:54 ص

لنجمع من كل حزب رجلا ونقتل عمار الحكيم

لنجمع من كل حزب رجلا ونقتل عمار الحكيم

عمار الحكيم؛ هو ابن العائلة ذات السلسلة الذهبية, حسبا ونسبا وجهادا وعلما, فهو بن عبد العزيز الحكيم بن محسن الحكيم, مرجع الطائفة الشيعية في العالم, التي يعود نسبها الى الإمام الحسن ع, ابن عائلة المراجع والعلماء والمجاهدين, الذين دافعوا عن هذه الأمة, وقدمت 63 شهيدا, كان آخرهم عمه محمد باقر الحكيم .
    بدأ السيد محسن الحكيم حياته, بالجهاد ضد الانكليز عام 1914, ثم قاتلهم في ثورة العشرين, وكان من قادتها, ثم عرف بمقارعته للشيوعية, التي اصدر فتوى بكفرها وإلحادها, ولما استولى البعث على السلطة, كان أول من وقف ضدهم وضد طغيانهم, فكان مصير عائلته السجن والإعدام, الذي طال حتى الطفل ذو الأربع سنوات, ولم ينجو من أولاده, إلا آية الله السيد محمد باقر الحكيم, والسيد عبد العزيز الحكيم .
    هاجر السيد محمد باقر الحكيم وشقيقه السيد عبد العزيز الحكيم الى إيران, وأسسا هناك المعارضة العراقية, ضد نظام الطاغية صدام حسين, وتجرعا الم الغربة والجهاد, لفترة تزيد على 23عاما, تعرضا خلالها للكثير من محاولات الاغتيال, إضافة الى الإعلام الذي كان يتهمهم بالعمالة والخيانة, حتى سقوط الطاغية, ليأتي السيد محمد باقر الحكيم, ويعلنها في ضريح الإمام علي ع, للجماهير التي كانت متجمعة لاستقباله, بأنه يقبل أيادي الجميع, لا سيما أيادي مراجع النجف الأشرف, وعلى رأسهم المرجع السيد السيستاني, في رسالة واضحة تعبر عن وطنيته وعراقيته, ولكن ذلك لم يهن لأعداء العراق, فكان أن إستهدفته أول سيارة مفخخة, في تعاون واضح, بين القاعدة والمحتل .
    إستلم السيد عبد العزيز الحكيم المهمة, بعد أخيه الشهيد, والعملية السياسية في العراق لازالت في بدايتها, وبجهوده تشكل الائتلاف الوطني العراقي, الذي ظل حريصا على وحدته حتى وفاته, وقدم العديد من المشاريع, التي كان يقصد منها خدمة البلد, واهما مشروع الأقاليم, فكان أن رفض هذا المشروع, من نفس الجهات, التي رفضت مبادرة أنبارنا الصامدة, واتهم الحكيم بالعمالة, وبأنه يحاول بيع العراق لإيران, ولو تحقق هذا المشروع, لما خضنا هذه الحروب, ولما فقدنا كل هذه الأرواح والأموال .
    وكان حريصا على عدم إشراك البعثيين في السلطة, لأنهم أساس كل مفسده, وأنهم سيتسببون بخراب البلد لوعادوا, فكان هدفا لإشاعاتهم وتسقطيهم, وأصبحت كل شاردة وواردة, ترمى على السيد عبد العزيز الحكيم, وغيره يتعاون مع البعث ويعيدهم بقرارات استثنائية, الى أن انتقل الى جوار ربه فبكاه الجميع, بما فيهم أعدائه, تاركا خلفه وصيته, التي قال فيها: “أوصيكم بإتباع المرجعية, فإنها دين ندين الله به, وإلتزام ولدي عمار الحكيم”.
     وجاء عمار الحكيم الشاب, وسط عواصف سياسية, داخلية وإقليمية ودولية, فمكونات الائتلاف أخذت تتصارع في ما بينها, من اجل الاستئثار بالسلطة, وقدمت التنازلات تلو الأخرى, ولو على حساب الدستور والقانون, والصراع الدولي على أوجه في الساحة العراقية, دفع ضربته المجلس الأعلى, بعدم موافقته على الولاية الثانية, فساءت العلاقة مع ايران, التي أرادت المالكي, بالتوافق مع أمريكا, التي لم ترد يوما, للإسلام الشيعي الحقيقي أن يكون حاكما, وإنما كانت ولازالت, تدعم الإسلام اللندني .
     تعرض عمار الحكيم, طوال كل هذه الفترة, لحملات ممنهجة من التسقيط والتشويه, من الخصوم السياسيين, مرة ومن أذناب البعث التي تطلبه ثأرا بغضا به وبعائلته التي أسقطت حكمهم, ومن الطائفيين تارة أخرى, وتحمله أي فشل في العملية السياسية, أو كل أزمة ليس له فيها ناقة ولا جمل, وصرفت الأموال الكثيرة, التي تم سرقتها من قوت الشعب, من اجل الانتقاص من هذه القامة, التي يشعر جميع هؤلاء بالخطر منها, لأنها تمثل الصدق بوجه الكذب, والحق بوجه الباطل.
    وكما فعل جيش يزيد, يوم العاشر من محرم, حين أكثروا الضجيج مع الإمام الحسين ع, لأنه أراد نصحهم, هكذا يفعل مع مشاريع عمار الحكيم, فحين طرح مبادرة أنبارنا الصامدة, كثر الضجيج والعويل حولها, وبأنه يريد بيع العراق, وبأنه متعاون مع القاعدة, فلما حدث ما حدث واجتاحت داعش العراق, عضو أصابعهم ندما, ولكنه سبقهم في تلبية فتوى المرجعية, وتشكليه لفصائل مسلحة, قاتلت داعش هزمته شر هزيمة.
     وكذلك علا العويل والصياح, حين وقف بوجه الولاية الثالثة, التي مازال جرحها نديا في جسد صاحبها, وتسويف مشروع البترودولار للمحافظات المنتجة للنفط, والالتواء على قانون منحة الطلبة, وجهوده في إقرار قانون الحشد الشعبي, الذي سحب البساط من تحت أقدام, من يسمونه بالمليشيات, كل هذا خرج من تحت عبائة عمار الحكيم, دون أن يلتفت لتلك الأصوات المأزومة والإعلام المضلل, الذي يحاول ان يتلاعب بعقول الناس, لإغراض انتخابية.
  ولأن عمار الحكيم همه الوطن, والدفاع عن شعبه وأهله, دون النظر الى طائفة أو لون, فهو لطالما عرف بخطابه المعتدل, اخذ على عاتقه مشروع التسوية الوطنية, الذي هو مشروع التحالف الوطني, والذي لم يرق للطائفيين وتجار الأزمات والحروب, والغالبية فيهم لا يعرف احد اسم أبيهم أو جدهم فضلا عن عائلتهم, مثل عمار الحكيم, فعاد الإعلام المأجور ليهاجم هذا المشروع, ويهاجم الحكيم مرة أخرى, متهما إياه بالتخوين والعمالة, والانتقاص من تاريخه الناصع, متناسين بالأمس ما حل بالبلد وما جرى فيه, وندمهم أنهم لم يسمعوا الحكمة من الحكيم .
    يقينا إن الظلم الذي وقع على عائلة الحكيم, قد ورثه عمار الحكيم وزيادة, ولو عاد محمد باقر الحكيم وعبد العزيز الحكيم الآن, لعادت الناس التي تتباكى عليهم لظلمهم والانتقاص منهم, فقد توارثوه من ظلامة جدهم الحسن ع, ولم يبق أمام القوم, إلا أن يجمعوا من كل حزب رجلا, ويقتلوا عمار الحكيم .