22 ديسمبر، 2024 8:22 م

لنجعل الشعائر الحسينية شعائر إلهية رسالية

لنجعل الشعائر الحسينية شعائر إلهية رسالية

إنَّ القراءة الواعية التحليلية المُستوحاة من النصوص الشرعية لواقعة الطف في كربلاء بكل جوانبها وأبعادها تكشفُ عن مشروع إلهي دائم عظيم نفَّذه الحسين عابر للأديان والمذهبية- نعم إنَّ الدين الإلهي الإنساني هو الركيزة التي ينطلق منها هذا المشروع- الهدفُ منه تحقيق السعادة والكمال للبشرية في الدارين.

ولمّا كانت طفّ كربلاء تمثّل الخير والشرّ والصراع بينهما منذ خلق آدم إلى يوم الدين، وهي التي حافظت على استمرارية وبقاء الرسالة الخاتمة، وهي التي شيَّدت الأساسات الرصينة للدولة المهدوية العادلة بقيادة الموعود ووزيره عيسى المسيح…

اذن فالحُسينُ أراد في نهضته الإصلاحية أنْ يُغير أخلاقية الهزيمة التي اصيبت بها الأمة حينما سلَّمت أمرها بيد الجاهل والفاسد.

الحُسينُ اراد أنْ يُحيي فريضة الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر التي بها تحيا الشعوب وترتقي وتنجو من الهلاك…

الحُسين أراد أنْ يُعيد الأمة الى المسار الإلهي المحمدي الأصيل: مسارُ الفكر والعلم والأخلاق والانسانية… مسارُ إدعُ الى سبيل ربك بالحكمة والموعظة الحسنة… والحوار العلمي والمجادلة بالتي هي أحسن…مسار الاعتدال والوسطية… واحترام حرية الرأي والمعتقد…مسارُ (الناس صنفان: إمَا أخ لك في الدين أو نظير لك في الخلق)… مسار السلام والتعايش السلمي بين الأنام…

الحسينُ أراد أنْ يُحرِّر الأمة من الجهل والظلام والانقياد الأعمى الذي استعبدها وأذلها بعد أن حرَّرها الله…الحسينُ أراد من دمه الطاهر أنْ يكون الشريان المُغذي للأمة يمنحها طاقة السير الحقيقي الصادق في المنهج الإلهي العلمي الاخلاقي الانساني.

الحسينُ أراد أنْ يؤسِّس قانون (مثلي لا يبايع مثله) وهو القانون الإلهي العلمي الشرعي الأخلاقي في الاختيار والتنصيب والبيعة، لكي لا يتسلط عليها مثل يزيد في كل زمان ومكان.

الحسين أراد أنْ يكون مقتله هو الحرارةُ التي لا تبرد أبدًا تُحرِّكُ الأمة نحو الخير والصلاح بكل مصاديقه، قال النبي: « إنَّ لقتل الحسين حرارةٌ في قلوب المؤمنين لا تبرد أبداً »وقد عبَّر الأستاذ المُعلم عن هذا المعنى بقوله: « ثورة الحسين عليه السلام هي النبض والحياة لكل ثورة حق وكل كلمة حق تصدر من مظلوم، أو مستضعف، وهي الأنيس لكل حزين ومكروب، وهي الأسوة لكل مُعذَّب ومُضطهد ومظلوم».

وعليه فإن مسؤولية الأمة الحسينية هي السير على نهج الحسين عبر تطبيق الأهداف السامية التي ضحى من أجلها شهيد العلم والتقوى والوسطية والأخلاق… شهيد الانسانية، فتجعل من الشعائر الحسينية شعائر الهية تحركها نحو الخير والكمال وهذا ما دعا وأكد عليه وجسَّده المرجع المُعلم في بيانه الموسوم (محطات في مسير كربلاء) حيث قال:« اذن لنجعل الشعائر الحسينية شعائر إلهية رسالية نثبت فيها ومنها وعليها صدقاً وعدلاً الحب والولاء والطاعة والامتثال والانقياد للحسين (عليه السلام) ورسالته ورسالة جدّه الصادق الامين ((عليه وعلى آله الصلاة والسلام)) في تحقيق السير السليم الصحيح الصالح في ايجاد الصلاح والاصلاح ونزول رحمة الله ونعمه على العباد ما داموا في الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر فينالهم رضا الله وخيره في الدنيا ودار القرار».

على ضوء ذلك ووفقا لرؤية النبي وأهل بيتة النبوة فإنَّ احياء الشعائر الحسينية ونصرة الحسين يكون باحياء ونصرة وتجسيد الأهداف والقيم والمبادئ الإلهية العلمية الأخلاقية الإنسانية الحضارية التي نادى بها الحسين وضحى من أجلها الحسين …