22 ديسمبر، 2024 8:40 م

لنتعلم من شباب تشرين

لنتعلم من شباب تشرين

عادت بي الذاكرة الى عنفوان وصدق المشاعر الوطنية ابان فترة الخمسينات وما بعدها التي ميزت المجتمع العراقي والشباب منهم بشكل خاص وانا استمع واتطلع الى احد شباب تشرين وهو يتحدث في يوم احياء الذكرى الثانية للانتفاضة الشعبية الى احدى الفضائيات الاجنبية ..وبقدر ما اتسم حديثه بالبساطة والعفوية فانه كان عميقاً ويدلل عن مستوى الايمان بانتصار ارادة الشعب لانقاذ العراق من الفاسدين .. حديث فيه تحدي لاحزاب المحاصصة المهيمنة وثقة ليس لها حدود وهو يؤكد ان انتفاضة تشرين مستمرة كونها تعبر عن ارادة العراقيين جميعا وهي باقية تجدها في صرخة ارملة ويتيم بل في آهات كل مواطن يتطلع الى تحقيق حلمه البسيط بالمساواة وسيادة القانون .. شاب لا يتجاوز عمره الخامسة والعشرين غير انك لا تملك وانت تستمع اليه الا ان تنفض كل عوامل اليأس والقنوط وتعيد كل حساباتك وترى نصر العراق في عيونه وعيون زملائه الشباب الثائرين .. وعندما سألته المراسلة عن الانتخابات اكد انهم مقاطعون وهو موقف ثابت لا حياد عنه فلا تغيير بالانتخابات بوجود احزاب السلطة المحاصصاتية التي هي سبب دمار وضعف العراق ..وقال لن نتفاجأ بنتائج الانتخابات ولا نتوقع ان يحدث التغيير ، غير اننا نراهن على وعي شعبنا الذي صبر وضحى وتحمل الكثير فالتغيير يحتاج الى صحوة شعبية كبيرة .. وهذه الصحوة بدأت تتسع منذ انطلاق انتفاضة تشرين الاول من عام 2019.واكد ان لاخيار غير دولة مدنية تعيد قيم المواطنة بعيداً عن الطائفية ومحاولات تمزيق المجتمع وخيارنا بقاء انتفاضتنا سلمية برغم ما قد يسببه ذلك من تضحيات .. كان ختام حديثه مسك كما يقال وهويومي بيده العراقية الطاهرة صوب المتظاهرين مخاطباً مراسلة الفضائية فيقول انظري لهذه الجموع الموحدة ففيهاالشباب والشيوخ النساء والشباب والفتيان ومن كل الطوائف انها صورة مصغرة عن وحدة كلمة العراقيين..كلمات هذا الشاب التشريني بما تحمله من ثقة تمثل صوت جميع شباب تشرين ،وهي خلاصة تطلعات المواطنين في كل محافظات العراق من دون استثناء .. هي ليست كلمات عابرة ولا انشاء بل موسومة بدماء وتضحيات كبيرة قدمها ابناء شعبنا الرافضين للاحتلال وما افرزه من محاصصة وعملية سياسية ولدت ميتة سريرياً ولا ينفع معها عمليات تجميل وترقيع ..
درس كبير منحنا اياه شباب تشرين في الاول من هذا الشهر وهم يهتفون للعراق وسيادته وحقوق شعبه المسلوبة من سياسيين فاسدين .. درس وعبرة تذكرنا بتاريخ نضالي مشرق للحركات والتيارات الوطنية والقومية حيث كان جل قادتها وقواعدها من الشباب المؤمن بقضايا شعبه ..فما احوجنا جميعا اشخاص وحركات وطنية الى ان نتعلم من ثوار تشرين ونراجع انفسنا ونتوقف بشجاعة لتشخيص اسباب اخفاقاتنا ونتجاوز عقد الماضي على طريق جبهة وطنية واسعة هدفها الاول التغيير الجذري وانقاذ العراق مما هو فيه ..