23 ديسمبر، 2024 3:50 م

لنتخيّل لا وجود للغرب ولا لأميركا ؛ و”قطر” تهدّد ؟!

لنتخيّل لا وجود للغرب ولا لأميركا ؛ و”قطر” تهدّد ؟!

الّذي أريد الوصول إليه من مقال مقتضب كهذا تدارك حقيقة “سياسيّة” والمساهمة بترسيخها في المفهوم التثقيفي السياسي العام بعد سلسة هزّات إعلاميّة خلطت الأوراق فلم يعد الانسان يميّز بين حجم قطر مثلاً وبين حجم كندا أو الهند ! , أنّ أيّ من دول ما تسمّى ب”الحلفاء” هي دول تدور حول الفلك الغربي لا تدور حول نفسها لوحدها !  ونخصّ بالذكر من ما تسمّيه اللغة السياسيّة لهذه الحقبة التاريخيّة بالحلفاء , السعوديّة وقطر مثالاً , صحيح أنّ بريطانيا لا تزيد مساحتها إلاّ قليلاً عن مساحة محافظة الأنبار من العراق , يعني أنّ الأحجام مهما صغرت لا يسقط عنها احتماليّة القيادة العالميّة , لكنّ بريطانيا اشتدّ عودها وتمحورت حول نفسها أوّل الأمر بجهودها هي وتهيكلت سياساتها المتنوّعة ذاتيّاً الداخليّة منها أو الخارجيّة مع تنوّع بلدان العالم وانتشرت شيئاً فشيئاً حتّى غدت القوّة المهيمنة الرئيسيّة فيه “والّتي لا تغيب عنها الشمس” ولعدّة قرون كانت خلالها القوّة المهيمنة على بحار وعلى يابسته بما فيها ما عرفت اليوم بالولايات المتّحدة الأميركيّة ! لا تضارعها سوى قوّة بقايا “الرجل المريض”, يعني من الممكن دولة مثل قطر أن تصبح بريطانيا ثانية لكن شرط أن تمرّ بنفس الظروف الّتي أتاحت لبريطانيا التدرّج نحو القوّة بالتمترس الثقافي والفلسفي والتحصّن بالطروحات الفكرّيّة وحريّة التعبير وعزل الدولة عن الكنيسة تدريجيّاً ممّا حتّم على بريطانيا تعيش غليان فورة طموحات لا تقطّع فيها تصنع ثرواتها وتصرّفها بنفسها , وقطر لم تفعل ذلك ولا بجزء بسيط منه , ممّا يشكّك بوجود قوّة دافعة أخرى مستندة على ثروات قطر البتروليّة والغازيّة الّتي بإمكانها جعل بلد مثل السودان قوّة عابرة للإقليميّة اقتصاديّاً وسياسيّاً وعسكريّاً , وإلاّ ما الّذي حصل وفجأةً , ومنذ ما بعد حرب الكويت , اخترقت قطر الكثير من الستر لا تقدر عليها دول كبيرة الحجم أضعاف حجم قطر ومكتنزة بالثروات وخلال هذا العمر القصير نسبيّاً ؟ , مؤشّرات كثيرة تدفع لمثل هذه الشكوك خاصّةً تلك الزيارات المكّوكيّة  لأولبرايت مسؤول وزارة الخارجيّة الأميركيّة الأسبق وبعض المسؤولون “الاسرائيليّين” كبيريز مثلاً ؟ .. إذاً هنالك دور ما أنيط بقطر بعيد كلّ البعد عن رغبات وطموحات القطريّين أنفسهم , لكنّ على ما يبدو فُرض فرضاً عليهم هذا التوجّه وانتخبت قيادتها السياسيّة بعد عمليّة دراماتيكيّة راح ضحيّتها حمد “الأب” بمؤامرة من ابنه وليّ العهد حمد الابن , ومنذ ذاك الحين “تعملقت” قطر , نحن لسنا بالضدّ لأيّ مشروع طموح  من الّذي تسعى إليه قطر , ولكنّ يجب أن يكون ذاتيّاً ولا يتعدّى على أنوف الآخرين , فعندما هدّدت قطر روسيا في الآونة الأخيرة “طبعاً إيصال الغاز القطري لأوروبّا لتحطيم الاقتصاد الروسي وتقزيم روسيا عند حدّ معيّن لا يخرج عن الشكوك الّتي تناولناها” ما الّذي ترجوه قطر لتهدّد روسيا ؟ , هل كان باستطاعة قطر لولا ارتباط تحرّكاتها السياسيّة بالغرب “وبكأس العالم” هل بإمكانها تهديد , ليس روسيا , تهديد الصومال حتّى على وضعها الاقتصادي هذا الّذي لا زال مقياسها الصاع والصاعين , فيما لو قطر كانت غير مرتبطة بأحد وخالية من أيّة قاعدة أجنبيّة , فهل ستسكت الصومال عن ذلك التهديد المفترض لها من دولة بحجم قطر ؟ بالتأكيد سيبحر بعض قراصنة الصومال نحو السواحل القطريّة , وبقنبلتين إلى ثلاث على القصر الأميري سترفع بعدها رايات الاستسلام البيضاء .. هذه الحالة لا تخصّ قطر وحدها بل جميع من يحاول التعملق على حساب الغير مستنداً على سياسته المرتبطة بسياسات قوى عظمى .. وهم يعرفون أنفسهم وحجومهم الحقيقيّة , لكنّه الطموح عندما يوجّه غير وجهته الحقيقيّة ..