23 ديسمبر، 2024 11:23 ص

لنا ايماننا ولكم ايمانكم

لنا ايماننا ولكم ايمانكم

كتب ” صفاء خلف ” في صحيفة ” العالم الجديد”  ما نصه :
يخرج الحجيج الشيعة من مدنهم وقراهم الى كربلاء، مشياً على الاقدام، تلبية لرغبة معلنة هي “الشفاعة” والقبض على “الجنة”، مأسورين بفكرة الراحة الابدية من الشقاء الدنيوي، يخطفون انفسهم من الواقع المرير الى المتخيل السرمدي، يهربون بارواحهم المثقلة الى خفة اداء “الواجب”، لكنهم لا يتلفتون ابداً الى حقيقة الرجل المذبوح عطشاناً، والساعي وراء “كرامته” التي باتت معرضة للهتك. وأضاف ” خلف ” .. (يخرجون مشياً لاعلان الولاء السنوي للرجل الذي ثار من اجل ان لا يخضع ويكون شاهد زورٍ على عصر “انحطاط” السلطة، وتلاعبها بمصائر الناس. فيما هم -اي الماشين – لا يفكرون بـ”كرامتهم” المنزوعة من قبل السلطة ) . ويستدرك الكاتب بالقول .. (الحسين أُفرغ من قيمته الثورية التغييرية، وبات ذاك الرجل “الضعيف” الذي القت به المصائر الجائرة الى القتل البشع، فاستحق من “الشيعة” عراقياً، سوى النواح والندب والضرب بالزناجيل والرايات الرخيصة المستوردة من الصين الشيوعية “الكافرة” ) ثم يضيف ويقول .. (يخرج الحجيج “الزوار” الشيعة من مدنهم وقراهم الى كربلاء مشياً على الاقدام، يهجرون مدنهم، قراهم، قصباتهم، وضيعاتهم، يقاسون البرد العاصف، الموت المزروع على الطريق، والمتربص بهم كـ”أعداء مذهبيين لدودلين”، يسخرونا اموالهم من اجل طعام وشرب، ويغالون كثيراً بفتنهم بـ”الحسين” ) .. ويسهب ايضا فيقول .. (فالدين العراقي الحسيني دينٌ، يطالب بالمعجزات، ولا يعترف الا بالاتكال على الغيّب الذي لا يستجيب لرجاءاتهم المخذولة من اجل ان تنصفهم “الدولة” في الخدمات ) .. ويقول ايضا .. (العراقيين بطبعهم يعشقون “دور الضحية” نذروا انفسهم لليأس، وخرجوا الى “الحسين” ماشين، يمرون بالمدن الخربة، يهجرون بيوتهم المتهالكة، والتي اصابها الفيض، ويزحفون في حشود بينما الموت يحصدهم، وليس فيهم من يستعيد ذاك “الحسين” المهمل، صاحب الصيحة الاثيرة ضد الظلم ) .. ثم يختم ما كان يريد من المقال فيقول .( ايها السائرون الى “الحسين”، لستم مأجورين بشيء من “شفاعته” حسب ايمانكم، ما لم تحولوا المسيرة السلمية العظيمة الى انتفاضة حقيقية ضد السلطة التي تنهب اموالكم، وتخرّب مدنكم، وتترككم ترزحون تحت خط الفقر المدقع ) . انتهى …
المسير  الى الأمام الحسين عليه السلام ربما يقرأه من هم على شاكلة السيد ” صفاء خلف ” على انه ركون الى ظلم او استسلام لواقع معدم وانه اليأس الذي يقتاتونه معاشاً مُستمد من واقعهم المزري لذا ومن أجل الهروب من ذلك الواقع يركنون الى التمسك بــ ” الإمام الحسين كشفيع ومخلص ” وحسب وجهة نظر الكاتب أي انهم تركوا حتى فكرة ان يكون هناك مخلص اسمه ” مهدي هذه الأمة ” ؟ وهذه قفزة حداثوية ربما تشفي غليل من لم يؤمن بالظهور حتى من الشيعة انفسهم .؟؟  المهم لنعاود الى مسببات القنوط والبوس وحسب وجهة نظر الكاتب …  ” فمن اجل الخدمات وتبليط الطرق وعمل المجاري ” لذا فهم بائسون قانتون ولا مفر سوى المسير الى الحسين الشهيد ع كي يشكوا اليه هذا الواقع المرير ؟ وأنا اقول له لا تبتأس اخي  ” القيادات المسؤولة  سيهتدوا ويشفقوا على اولئك البائسون  ويشقوا لهم الطرق ويوفروا لهم الخدمات وبفعل صفعة في المنام من يد سيد الشهداء  وحسب معتقدات جدتك رحمها الله ؟؟ أي عقلية هذه التي ترتضي لنفسها ان تفكر على هذا النحو ؟ وأي استخفاف هذا بعقول الزاحفين الى المرقد الشريف ولم أوجعتك أخي الكاتب تلك الجموع المتوجهة الى المرقد الشريف ؟؟ حتما شيئا ما الح عليك بالكتابة على هذا النحو   ؟؟ ظلال العشق الحسيني الذي غطى ربوع الأرض العراقية اكيدا لم يرق للبعض ممن ينصبون العداوة والبغضاء لشيعة العراق خصوصا بعدما تمكنوا وبفعل العمل الديمقراطي من ان يحكموا انفسهم بأنفسهم . نعم هناك قصور وتقصير من بعض من القيادات الشيعية اتجاه المواطنين ونعم هناك صراع سلطة بين ثالوث التحزب الشيعي الداخل في العمل السياسي الحالي والذي افضى وللأسف الشديد الى ضعف الأداء في العمل الحكومي وبالتالي ارهاصاته انعكست سلبا على توفير الخدمات وجعل المواطن العراقي يحيا في حياة غير مستقرة من السلام والأمان لكن ذلك لا يعني ان نقحم شعائرنا وطقوسنا الحسينية بالعمل السياسي والذي سيسبب بنهاية المطاف من خروج التوجه الروحي العقائدي بقضية الامام الحسين الى توجه دنيوي لا يعدوا ان يكون “عفطة عنز” وكما وصف بها دنيانا امير المؤمنين علي عليه السلام  . وأما الفاسدون والمفسدون فهؤلاء ليسوا وليدي اللحظة وهم متوافرون على مد التأريخ في كل عصر ومصر ولذا فليس معنى عدم الظهور عليهم بامتطاء تلك الشعيرة هو الركون والخوف لا بل على العكس الوعي الفكري لدى العراقيين بات في تطور دائم وتدريجي على الرغم من مسيره البطيء .  تقول ”  لكنهم لا يتلفتون ابداً الى حقيقة الرجل المذبوح عطشاناً، والساعي وراء “كرامته والتي باتت معرضة للهتك ” وانا هنا أسالك : كم من محب للحسين مات عطشانا ؟؟ وكم محب للحسين مات وهو يدافع عن دينه ومذهبه ؟ وكم من عراقي محب للحسين قتل من اجل انسانيته وهي اصل اصل الكرامة .؟ لولا معرفة السائرون الى الحسين في فهم معنى الكرامة  لما قصدوه اصلا اذ كيف يعقل ان احترم شخص مسلوب الكرامة وأقدم له نفسي وأهلي قرابين ؟ ستقول لي ما كنت اقول هكذا بل قصدت الزاحفين ؟ وانا اقول وهل كرامة المحب الا من كرامة معشوقه ومحبوبه اذا كيف يسمح ان تمتهن كرامة العشق الالهي المتمثل في حب الحسين عليه السلام والمحبون بذلوا النفس قبل المال والجهد . وتقول ان ”  الحسين أُفرغ من قيمته الثورية التغييرية …. ” ولا أدري اين الدليل الذي اكتنزه السيد الكاتب كي يتهم شيعة العراق بهكذا تهمة ومتى ركن العراقيون الى الظالم المستبد وحتى مع اعتى طاغية حكمهم . ولألفت ذاكرة الكاتب الى مقدار التضحيات التي قدمت كقيمة ثورية تغيرية سقط جرائها الآلاف من الشهداء وهذا ما يفند ادعائك .  وإما ما تحب من تحقيقه من احلام وأماني كقيم تغيرية تتأتى وفق اشتهاءاتك فانك تريد بذلك ان تدفع  من المحسوس من مقدار ما يشعر به المواطن من امن الى فوضى عارمة يتحول من خلالها البلد الى جنوب افريقيا اخرى في زمن التمييز العنصري لا بل سنكون كمسلمي بورما وأفظع . وانت تعلم كما يعلم غيرك حجم العداوة والبغضاء اتجاه شيعة العراق على ان اعدائهم ليس بالضرورة ان يكونوا من الطرف الآخر لا بل هناك دول ومنظومات عالمية لا يسعدها ان تجد العراق في حال من الاستقرار والرفاهية ..  ولذا فهؤلاء البائسون هم اذكى مما تتوقع وهم ليسوا مشيدين لصنمية جديدة بل انهم يدركون حجم ما ستؤول اليه الامور فيما إذا حدث التغيير من دون تخطيط  مسبق وبرنامج شفاف وواضح والصندوق هو الأساس في تلك العملية . وأخيرا تقول ” ايها السائرون الى “الحسين”، لستم مأجورين بشيء من “شفاعته” حسب ايمانكم، ما لم تحولوا المسيرة السلمية العظيمة الى انتفاضة حقيقية ضد السلطة التي تنهب اموالكم، وتخرّب مدنكم، وتترككم ترزحون تحت خط الفقر المدقع ” .. أخيرا كشرت عن انياب  قلمك وبما افرزته مدلولاتك العقلية في اللاشعور من اهداف تريد الوصول اليها وبأسلوب رخيص استخدمت من خلالها كلمات منمقة ساقتها اليك دوغمائيتك المفرطة  …  فها انت أخذت دور الرب أو وضعت نفسك متحدث رسميا عن الحسين في قبول المسعى من عدمه ” لستم مأجورين … ” ومن أنت حتى تفتي بقبول الأجر من عدمه ؟ وكيف استدللت على النتيجة وأنت بعيد كل البعد عن مقدماتها “صاحب الشأن وصاحب الشفاعة  “الحسين ” ” .؟ ثم ها انت تدحض قناعاتك التي اسدلتها كستار نافذة حجبت ” ضياء الشمس ” فتحول تهكمك على ” أيقونة الشفاعة  ” والـــ ” القبض على الجنة ” الى توسل بالزائرين وطلب بائس بالثورة  بتحويل مسيرتهم السلمية الى ” انتفاضة حقيقية ” وهو اثبات وجودي  لمبدأ  الشفاعة المنقوصة الدليل عندك  ؟؟؟؟ ثم لم اقحمت نفسك في هكذا متاهة روحانية لا يعلم كنهها الا الفرد نفسه مع ربه ووفق نوعية من  السلوك للربط بينهما سواء بشفاعة الحسين أم غيره ؟ ولو انك اوجزت مقالك بتحريض العامة على الثورة ببضع كلمات لوفرت على نفسك عناء الكتابة ووفرت علينا الاسهاب في الرد وكان من الممكن تقول ” يا شعب العراق انتفضوا على الإسلام السياسي وعلى هذه الحكومة الفاسدة التي يترأسها المالكي والتفوا حول الاحزاب الليبرالية والعلمانية لان فيها نجاتكم .. وكان الله يحب المحسنين ؟؟
رابط المقال :
http://asso.in/url/qgi