23 ديسمبر، 2024 5:49 م

لنا الانفجارات لكم الامتيازات

لنا الانفجارات لكم الامتيازات

هذا هو لسان حال الكثير الكثير من ابناء الشعب العراقي المبتلى بمشاكل وهموم وازمات ومعاناة لانهاية لها.
لايكاد يمر يوم الا ومشاهد الدماء النازفة والارواح الزاهقة تتصدر نشرات الاخبار وبرامج الفضائيات، واحاديث الشوارع والمقاهي والاسواق والبيوت، ولاتزاحم تلك المشاهد، الا مشاهد كبار المسؤولين وهم اما يزايدون على ابناء هذا الشعب ويحاولون استغفالهم بشعارات رنانة وطنانة، او يلهثون وراء امتيازاتهم ورواتبهم، والذين لو كانوا يلهثون وراء مصالح الشعب مثلما يلهثون وراء الرواتب والامتيازات، لتغير الواقع البائس كثيرا.
عجيب امر الكثير الكثير ممن ائتمنوا على مصالح الشعب العراقي وحاضره ومستقبله، فهم وفي ذروة دورة القتل الدموي الاجرامي اليومي، يستقتلون على امتيازاتهم، وكأن الذين تحصدهم السيارات المفخخة والاحزمة والعبوات الناسفة في عرض البلاد وطولها ليسوا من العراقيين، وانما من شعب اخر يقطن اقصى الكرة الارضية.
ليس مهما من تحصده الة القتل الدموي اليومي، وليس مهما عدد الذين تحصدهم الة القتل، بقدر اهمية تثبيت المادة 37 من قانون التقاعد الموحد، بالنسبة للكثير الكثير من المتربعين على الكراسي. ويكفي لاي عراقي ان يشاهد اية قناة فضائية او يقلب اية صحيفة، ليتأكد ان القتل اليومي لايأتي في اعلى سلم اولويات الكثير الكثير من السادة اصحاب الفخامة والمعالي والسيادة والسماحة، وانما يتقدم عليه موضوع الامتيازات وموضوعات اخرى غيره، ناهيك عن التسقيط والتشهير الذي تجاوز الحدود وخرج عن حدود الادب والذوق والمنطق.
ولان الانتخابات باتت على الابواب، فأن الكثير الكثير من المسؤولين راحوا يركزون جل اهتماهم وجهدهم في كيفية الاحتفاظ بمواقعهم وكراسيهم، فمنهم من راح يشتري بطاقات الانتخاب الالكترونية، ومنهم من راح يوزع البطانيات ذات الالوان الزاهية الجميلة، ومنهم من شرع بتوزيع قناني زيت الطعام واكياس الرز والسكر، واخرين اكتفوا او سيكتفون بتوزيع بطاقات تعبئة رصيد الهواتف النقالة، هذا الى جانب ولائم الطعام ..ووو …
كل ذلك يجري وسط مشاهد مأساوية ومؤلمة، يندر ان يمر يوم تغيب فيه عن العراقيين… والمفارقة انه عندما تبدو الامور هادئة في بعض الاحيان وفي بعض الاماكن، يبدأ الناس بالتساؤل “شو هالايام ماكو انفجارات؟”!…. اي الناس اعتادوا على مشاهد القتل والدم بفضل وبركة المتربعين على الكراسي والمهمومين بالمادة 37.
والملفت ان اغلب ضحايا الانفجارات هم الناس البسطاء المحرومين المقهورين الطيبين، وليسوا من اصحاب المواقع العالية، والرواتب الباهضة والامتيازات الفاضحة، والضمائر الميتة!.
واذا كان الواقع القائم كذلك فكيف لاتكون “لنا الانفجارات ولكم الامتيازات”!.
[email protected]