سمعنا بكائك ورأيناك تنهارين مجللة بالحزن والأسى .. بعد أن أوصلت رسالتك بتعبير هز القلوب والنفوس , وتعاطف العراق بجنوبه وشماله ووسطه معك , بكل قومياته وأطيافه وملله , ولكن خارج قبة البرلمان تمنيت صيحتك هذه في مكان غير هذا المكان فقد تحول منذ أول “يوم التحرير” الى تحرير مالا يتحرر, ما كانوا يتمنون سماع صوتك المتهدج ويرون دموعك المتساقطة فقد كانوا مشغولين مع أنفسهم بقضية أكبر من قضيتك .
أنت تعرفين أن صوتك يخترق آذانهم لكنه لا يستقر في رؤوسهم ومع هذا قلت ما تحبين قوله , رسالة تخشعت لها القلوب وتطاولت لها الأعناق , هي الآن عزاء أبناء جلدتك في محنتهم وتيههم , فأنت في كل مرة تقولين بجرأة النائب المحترق داخليا وخارجيا ما تجدينه تجاوزا وظلما للشعب ,وفي هذه المرة كنت أكبر وأجرء , لهذا حتى الرئيس كان بوده ان تتوقفي عن الكلام , هو من وجهة نظره أخذت أكثر من حقك من الوقت لأن لديه مَحضَّر مُحضَّر يعرف أنه سيؤجل ككل مرة لكنه يريد من يقول لك : رجاء السكوت .
لا أتصور في كل برلمانات العالم نائبا ينقل معاناة شعبه وأهله ومجتمعة بهذه الحرقة ولا تبكي العيون المحيطة به ,على الأقل مجاملة أن لم تكن تعزية , ومع هذا لم نرى دموعا في العيون ,ولا تعابيرا حزينة بمستوى ما كنت عليه .
نحن الذين خارج القبة البرلمانية بكينا ما فيه الكفاية وتألمنا ما فيه الكفاية , لأننا تعودنا البكاء بإعتباره العزاء الوحيد لشعب تعددت جراحه حتى تخدر من شدة ألمه ,أ رادوا أن يعلمونا الذلة , التي أستمرتها نفوسهم لكنا كنا عصيين عليها وعليهم , أما كان الأولى بهم أن يتذكروا بكاء زينب وحرقة رقية وسبي البيت الحسيني ,وهم المشغولين به ليل نهار؟ . كيف يريدون من الآخرين أن يصدقوهم وهم لا يعيرون هما لمثل ذلك الهم , لا أتجنى عليهم إذا قلت أنهم مجرد ممثلين درامين على خشبة مسرح بنوه في ذواتهم لخدعة الآخرين , ولكن غير درامين عندما تكون المصيبة على غيرهم , فقد تعودوا ما لم نتعوده نحن , لذلك لم يقدروا بكائك حق قدره ويعلنوا جلسة إستثنائية ويجعلوننا نشعر أنهم غير أؤلئك الاأباليين بهموم الشعب والحريصين على تحقيق الامتيازات والمكاسب .
تمنيت عليهم ان يضجوا بالبكاء, ليس من أجلك بل من أجل العراق المفقود أرضا وشعبا, حتى لا يقال أن هذا الوطن لا ممثل له في أكبر صرح يمثل الشعب !.
تمنيت ان تكون قضيتك بمثابة الصعقة التي تهز الأبدان وتغير الألوان ويتصور كل واحد منهم سيناريو ما جرى ليس على الأزيدين فقط بل على كل العراقيين . أنها الحقيقة المرة التي لا يتصور فجاعتها إلا من ذاق مرارتها.
اللهم لا تتركنا بأيدي من لا يخافك , فقد قتلنا الذل وما عدنا نرى طريقا لعودتنا للحياة المطلوبة إنسانياً .