19 ديسمبر، 2024 3:24 ص

اردت ان اتحرر من قيودي ,ثرت على واقعي، خرجت من جلباب ابي، ، حطمت جميع الاصنام من حولي، سابقت زمني، فعلت كل ما هو غريب, فقط لأثبت لنفسي اني اختلف عن الاخرين, الذين سبقوني.

لقد عانيت سابقا اضطهاد الحاكم، ظلم الوطن، كنت اشتكي مصادرة حريتي، سرقة ثروتي، سرقة احلامي، ظلمة غدي.

كنت اشتاق للصراخ، وأقول (لا)، لكن خشيتي على نفسي كانت تمنعني، تمنيت ان يكون باستطاعتي السؤال، لماذا قتل اخي؟ لأي سبب تم اعتقال عمي؟ ولماذا طرد خالي من وظيفته؟

كان حلمي، عندما اخرج من البيت، ان لا أرى في عيون امي الخوف من عدم عودتي، وكم تمنيت ان لا اسمع ابي يكذب علي، عندما اساله عن الوطن، وعن سبب الحرب والموت.

دارت الأيام، وسقط الحاكم، وأصبحت جميع احلامي قاب قوسين او أدني، لذلك كنت في كل مرة اختار أناس لكي يمثلوني، يحملون نفس معاناتي، عاشوا الحرمان كما انا، وذاقوا الظلم كالفقراء امثالي، كنت ابحث عن صوت، طالما حاول اخراسه الظالم، لكنه ابى ان يسكت.

اخذت فأسي بيدي، وقررت ان أسقط جميع الاصنام، التي صنعها الظالم لنفسه، لدرجة أني تخيلت نفسي مثل النبي إبراهيم، لكن الفرق أني لم تنزل علي رسالة النبوة، ولم أعلق الفأس في عنق كبير الاصنام، ببساطة قد كسرت الفأس عندما انتهيت من تحطيمهم، لعدم حاجتي اليه بعد اليوم.

عدت الى بيتي، ووضعت راسي على وسادتي، ونمت نوما عميقا، كيف لا انام وانا مطمأن، فمن يعرفني، ويشعر بمعاناتي أصبح هو المؤتمن على كل شيء في بلدي، من عاش الظلم من المستحيل ان يظلم.

اغمضت عيني، وعندما فتحتها، وجدت ان كل شيء قد تغير من حولي، سألت من كان بقربي (كم لبثنا؟)، قال لي خمسة عشر عاما” لا تسوي روحك من اهل الكهف”

قيلولتي الصغيرة، افرزت اصنام كثيرة، وعبدها كثر، فأصبح من كان يعاني الظلم سابقا هو الظالم” وان اختلفت طريقة الظلم” أدركت حينها، أنى استعجلت بكسر الفأس، واخطأت حينها عندما اعتقدت ان الاصنام، هي تلك الأحجار او التماثيل، التي كانت في القصور او الساحات العامة.

الاصنام تعشعش في عقولنا، ولا نستطيع ان نستمر او نحيا بدونها، لذلك كلما حطمنا صنم صنع غيره، ربما شكله مختلف، لكن يبقى صنما ليس الا.

اتضح لي ان تحطيم اصنام الفكر، يحتاج الى فأس من نوع اخر، فأس تكون القلم يده, والحبر سكينه, ليخترق العقول, ويزيل الصدئ منها.

أحدث المقالات

أحدث المقالات