22 نوفمبر، 2024 10:31 م
Search
Close this search box.

لم يخطئ الجيش في مواجهة داعش في محافظة الانبار

لم يخطئ الجيش في مواجهة داعش في محافظة الانبار

من خلال متابعتي لبعض اللقاءات التي تجريها بعض القنوات مع عدد من السياسيين الرافضين لتدخل الجيش في مواجهة الجماعات المتطرفة (داعش) في محافظة الانبار العزيزة رأيت انهم يرددون عبارة مشتركة وملخصها (ان على الجيش ان لا يتدخل في قمع هذه الجماعات لان وظيفته حماية الحدود للبلد وليس من مهامه التواجد  في المناطق او التدخل في القضايا المحلية فان هذا الامر اقحام للجيش في شأن داخلي للمحافظة وان تواجد ابناء الطائفة الاخرى من الجيش في هذه المحافظة قد يسبب مشكلة نتيجة استفزاز ابناء المحافظة وهو ما يعقد المشكلة وليس يحلها)، هذا تقريبا ملخص فكرة يطرحها العديد من السياسيين وقد اثارت استغرابي لانها فكرة سقيمة وواضحة الخواء لاكثر من سبب:
1-   الفكرة القائلة بان الجيش مسؤول عن الحدود والشرطة مسؤولة عن حفظ الامن الداخلي هي ليست فكرة مقدسة ومسنونة في قانون لا يقبل التبديل والاستثناء، ولو كانت مقدسة فهل هي اقدس من دم الابرياء الذي يراق؟!! ثم ان هذه الفكرة هي من باب توزيع المسؤوليات بين القوى الحامية للبلد لكن لا مانع من وجود استثناءات لها لو حصل خرقا ً يتطلب تكاتفها كالذي حصل في محافظة الانبار خصوصا ً في ظل عدم قدرة قوى امن المحافظة على المواجهة حتى ان مراكز الشرطة سقطت في ايدي هؤلاء البغاة وعدم استطاعة ابناء الشرطة من المواجهة لانهم من نفس المنطقة وهو ما قد يكلفهم حياتهم، فهل يبقى الجيش متفرجا ً وتسقط محافظتنا العزيزة بيد هؤلاء لكي نحفظ هذه الفكرة؟!، فتدخل الجيش مؤقت وسيغادر حين القضاء على فلول داعش.
2-   ان الاستعانة بالجيش لم تكن استعانة بجهة خارجية حتى تثير ابناء المحافظة فهم ابناء بلدهم وجاءوا وهم مستعدون للموت في سبيل انقاذ اخوانهم من شرور داعش، وقد رأينا ان الاهالي يقفون في ابواب بيوتهم ينظرون لسير قوات الجيش والبعض يرحب بهم ولا يوجد اي استفزاز او ضجر من ابناء المحافظة فلماذا ها التحسس من هؤلاء الساسة؟!!
3-   ان افراد الجيش ليسوا من طائفة محددة حتى يمكن ان يستفز تواجدهم ابناء المحافظة بل هو يضم في تشكيلاته افراد وقيادات من الطائفتين فلماذا يحسب الجيش على طائفة محددة بحيث يحاولون خلط الاوراق وتكوين صورة خاطئة عن هوية الجيش التي هي هوية وطنية، أليس ان القائد العسكري الذي قاد الحملة الاولى (الشهيد محمد الكروي) هو من طائفة ابناء الانبار وهو شاهد على التنوع المذهبي للجيش، واذا كان الجيش فيه اغلبية لطائفة فهو ليس بمشكلة بل هو نتاج التفاوت السكاني بين ابناء الطائفتين ونتيجة لعدم انخراط البعض في صفوف الجيش نتيجة لفتاوى وتشدد بعض المتطرفين مما اخاف الكثيرين من الانضمام له.
     ثم لو افترضنا ان الجيش ليسوا من طائفة اخوانهم ابناء الانبار فما الضير في ذلك وهم يقاتلون داعش وليس ابناء المحافظة، ثم اليس هذا موقف نبيل بأن يقاتل ابناء طائفة معينة دفاعا ً عن اخوانهم في الطائفة الاخرى، ثم ان ابناء مجتمعنا من الطائفتين لا يوجد بينهم هذا التحسس الا من قبل بعض الجهلة، فلماذا يحاول هؤلاء تصوير الوضع بغير صورته الحقيقية، لكن الامر واضح بأنهم يحاولون دق اسفين بين مكونات ابناء شعبنا لمآرب سياسية.    
4-   ان هذه الجماعات لم تنبع من الداخل حتى نعتبرها قضية داخلية ليس من صلاحيات الجيش التدخل فيها بل هو وضع نتج عن محاولات خارجية لاسقاط العراق بأيدي الجماعات المتطرفة على غرار ما يحصل في سوريا وبدعم من قوى خارجية، حتى ان اسم هذه الجماعة هو (الدولة الاسلامية في العراق والشام) دال على ذلك العامل الخارجي، واذا وجد من يساندهم من الداخل فهو لا يلغي ذلك العامل الخارجي، فالمدد البشري والدعم اللوجستي يأتي من خارج الحدود وهذا ما يؤكد ان القضية من صلب عمل الجيش لاسيما مع كون المحافظة محاذية للحدود ومنفتحة على بلد يمر بأزمة كبيرة ويعاني من تفاقم وضع المتطرفين، فهل يترك هؤلاء يتسللون ويؤسسون لما يريدون ويتركون ابناء بلدهم تحت طغيان هذه الجماعات؟!! 
5-   ان تدخل الجيش جاء بناءا ً على نداءات وجهها القادة المدنيون والامنيون للمحافظة وكذلك وجهاءها وقادة العشائر بعد انسحاب الجيش حينما شاهدوا جماعات داعش تسيطر على بعض المدن، وبعض هؤلاء ممن يختلف مع الحكومة سياسيا ً لكنهم تجاوزوا هذا الخلاف من اجل اهداف اكبر وهي مواقف واعية نتمنى ان يحذو حذوها الاخرون ولا يكتفوا باطلاق التصريحات والمواقف التي تعقد الوضع وهم يجلسون آمنين في بيوتهم في حين يعيش ابناء الانبار في هلع وخوف ونقص الغذاء والخدمات وقتل الابرياء.
   لذلك ينبغي لجميع السياسيين ان يتركوا هذا النمط من الخطاب ويكثفوا جهودهم لاستنقاذ بلدنا من فلول الجماعات المتطرفة قبل ان يدفع الجميع الثمن ولا ينفع الندم حينئذ وان يتحلوا بالحكمة والوعي وتغليب المصلحة العليا على اي مصلحة اخرى، واذكرهم بأن التاريخ يسجل هذه المواقف فلا تسودوا صفحاتكم بمواقف التفرج وتأزيم الاوضاع والمساهمة في اهدار الدم وإعانة الدول المتربصة بالعراق على تحقيق اهدافها والتفريط بوحدته وامنه واستقراره.   
نسأل الله ان يفرج عن العراقيين جميعا ويبعد عنهم الشرور انه سميع مجيب

أحدث المقالات