23 ديسمبر، 2024 4:00 م

تزداد في الاونة الاخيرة “حمى” السباق الانتخابي لمقاعد البرلمان العراقي بدورته الثالثة، مع الاختلافات بين الكتل، واستطيع القول “الاقتتال” و “التسقيط” المتبادل بين جميع الكتل والاحزاب المشاركة في الانتخابات. وهذا امر طبيعي في اي انتخابات ان يسعى كل طرف ومن خلال الدعاية الانتخابية ان يهاجم الطرف الاخر، والذي يكون منافسا له في احدى مناطق النفوذ للطرف الاخر، واضحى المواطن يعيش حالة من الصراع و عدم الاستقرار على اي من الشخصيات والاحزاب سيعطي صوته.
ومن خلال مطالعتي لاراء الشارع العراقي وحسب الشرائح الاجتماعية التي اتفاعل معها ، فقد سجلت عدة ملاحظات حول الانتخابات وما يرافقها من ارهاصات ، ادرجها في ادناه:
1) لا يعلم اغلب ابناء الشعب العراقي البرنامج الانتخابي للكتل والشخصيات المرشحة، بل ان المرشحون وعندما يدلون بتصريحات للتعريف ببرنامجهم الانتخابي يتحدثون بالعموم ، وتكاد تكون اغلب الشعارات متشابهة (دولة مدنية/ انصاف المحرومين / العدالة/ الفضاء على الارهاب/ القضاء على البطالة……الخ).
2) المواطن العراقي وبغض النظر عن انتمائه القومي او الديني ، الطائفي او المناطقي مصاب ومنذ فترة ليست بالقصيرة بالاحباط واليأس ، وعلى الرغم من ان البعض قد عقد العزم على اختيار (س او ص) من القوائم والمرشحين، الا ان هذا الاختيار ليس مبني على الاقتناع بهذا الفرد او القائمة ، بل كونه الحل او الاختيار الوحيد الذي هو موجود على الساحة او كما يقال (اهون الشرين) اي افضل من عدم اختيار او المشاركة .
3) تزاحم الاعلانات وتشابك الشعارات وتلون الشوارع بمختلف الوان الطيف الشمسي ، جميعها جعلت المواطن العراقي يشهد صباحا عند ذهابه الى العمل وبعد الظر عند عودته الى المنزل كما هائلا من العروض واساليب التأثير على قراره، واضحت باصات النقل الخاص (الكيات) حلقات نقاشية سياسية يتبادل فيها المواطنون ارائهم وينتقدون البعض ، وفي بعض الاحيان تتقاطع الاراء على المرشح الفلاني، او المرشحة العلانية.
4) فقدان الثقة بالمفوضية تارة ، وفقدان الثقة بالمرشحين تارة اخرى، حيث من جهة يتذكر الجميع ما حدث في الانتخابات الماضية من افتاقيات في اربيل لتشكيل الحكومة وما سبقها من (تحايل) على الدستور من اعتبار الكتلة الاكبر قبل الانتخابات هي التي تشكل الحكومة، ونقض رئيس الحكومة لتعهداته في اربيل، الجميع يتذكر ذلك ، لذا فأن الثقة بالمفوضية غير موجودة ولو بنحو من نسبة تكاد تكون 50% .
5) توجد قناعة لدى الجميع ، انه ولو على سبيل الافتراض ان المرشح سين او المرشحة صاد تتمتع بشيء من النزاهة او تسعى الى خدمة المواطن ، فان عضو البرلمان ليس حرا في اختياره او قراره، فهو (اي عضو البرلمان) يخضع لقرارات كتلته ، وما تعقده من (صفقات) او تقوم به من (اتفاقيات) مع الجهات الاخرى بالرغم من عدم قبول القاعدة الشعبية التي تمثلها تلك الكتلة او التي يمثلها عضو البرلمان، ولنا بذلك مثال واضح ولا يستطيع اي فرد ان يقول انه غير صحيح، فمثلا ان بعض كتل التحالف الوطني ترفض رفضا قاطعا لتولي المالي الولاية الثانية، وحتى قواعدها الشعبية ترفض ذلك اضافة الى ان النواب اغلبهم يرفضون تولي المالكي للولاية الثانية، غير ان الاتفاقيات التي عقدتها قيادات تلك الكتلة (اجبرت) النواب على التصويت على اختيار شخصية المالكي للولاية الثالثة، وهذا الامر سوف يتكرر ، لان النائب لا يمتلك حرية التعبير عن رغبة جماهيره، بل انه مرتبط بقيادة تملي عليه ما ينبغي القيام به. اذن فهو لا يعبر عن رغبة جماهيره.
مما تقدم ، فانا استيطع القول ان الانتخابات القادمة وبشكل عام سوف لا تأتي بالجديد، بل ذات الشخوص وذات الكتل، واكيدا سوف تجري الاتفاقيات والمساومات ، فاليوم نشهد تقاذف الاتهامات والتقسيط، بين الجميع وغدا وعندما تظهر النتائج ، سوف يتفق ويعقد العزم على تمرير الاتفاقيات ويجلسون للتسامر والضحك على موائد الطعام ، ليقاسموا كعكة حكم العراق. فلا انتم تمثلون الشعب العراقي ، بل تمثلون مصالحكم اولا ومصالح من يقف ورائكم من دول.