ليس بعيداً عما يدور في اذهان الجميع من ان النفس العربية منكسرة بالفقر والبطالة والتراجع العام في المؤشرات الحقيقية للتنمية والتي تزخر بالاشارة اليها تقارير دولية وتقارير الامم المتحدة بصفة خاصة. وكل ذلك يضاف الى المشكلات السياسية التي لم تستطع حل اغلبها ولم تتمكن القوى الكبرى من تحسين ادارتها بل زادتها تعقيدا واوردتها موارد الفشل فادخلت الموطن العربي في حالة غضب واحباط غير مسبوق، الحالة الاقتصادية المزرية التي تعاني منها المجتمعات العربية والتي تضطرها – في معضم الاحيان – الى الانحراف والجريمة وتجعلها اسيرة التخلف والانجرار وراء الافكار المتطرفة المصنوعة في مختبرات السياسة المعادية للعرب لتزيدهم تخلفاً وتدهوراً وتأخراً عن ركب الانسانيه الحضاري.لاشك ان تدهور الاوضاع الاقتصادية العربية ناجم عن تخلف النظم السياسية المسيطرة على بعض تلك البلدان، والا فان البلدان العربية تزخر بالثروات النفطية والمعدنية والزراعية والحيوانية والمائية والسياحية، حيث يمثل المخزون العربي المكتشف لحد الان ثلثي خزين النفط العالمي فضلا عن المناطق غير الممسوحة والمكتشفة، فيما يزيد انتاج العالم العربي على نصف المنتج العالمي منه، وبالنسبه للاراضي الزراعية الخصبة فأنتاج السودان كاف لتغطية حاجة البلدان العربية مجتمعة من الحبوب والخضار فيما لو استثمرت اراضيه على وفق الاساليب المتطورة وتكاد لا تخلو دولة عربية من اكثر من نوع من المعادن المعروفة التي تدخل في صلب الصناعات الحديثة، كما لاتخلو دولة عربية من انهار ومصادر مائية دائمية، وثروات حيوانية برية وبحرية وجوية، فيما تشكل المواقع الاثرية الموغلة في القدم والمراقد المقدسة في العالم العربي رافداً سياحياً هاماً كونها محط دهشه واعجاب شعوب العالم باسره ولاتحتاج الا الى تنظيم بسيط وتسهيلات سفر مشجعة لتتحول الى مردود مالي كبير يصب في الدخل القومي السنوي لكل دولة عربية.كل هذه الثروات العربية التي تشكل كل واحدة منها العمود الفقري لقيام اقوى اقتصاد في افقر دولة لم ترفع عن كاهل المواطن العربي الفقر والفاقة والحاجة والعوز، ولم تنتشله من بيوت الطين والصفيح ولم توفر له ادنى مقومات العيش الكريم فضلا عن بحبوحة الرفاهية التي تتمتع بها شعوب لاتمتلك معشار ثرواته. وهنا يبرز دور نظم الحكم ومؤسساتها وادارتها التي تنحصر في ثلاث انواع وتندرج تحت العناوين التالية:اولا- نظم كفوءة مخلصة تضع الانسان المناسب في اختصاصه تجيد استثمار الفرص وتنتهج الاساليب المتطورة في ادارة الازمات وانجاح المشاريع التنموية التي تنعكس مردوداتها على حياة شعوبها بانعاش الحقول المعاشية والخدمية الصحية والتربوية والثقافية والاجتماعية وغيرها.ثانياً- نظم متخلفة لاتجيد استثمار ثرواتها تعتمد بالكامل على توجيهات الدول الكبرى المرتبطة بها والتي تدفعها لمزيد من التخلف كي تستمر في استغلال مواردها وانتهاب ثرواتها.ثالثاً- نظم تسلطية تحيل الشعوب الى قطعان عبيد تحكمها بالنار والحديد وتحرمها من ابسط مقومات الحياة عملا بالقاعدة الظالمة المتعسفة “جوع كلبك يتبعك”. بينما تحاول تلك الطغمة الفاسدة جمع المزيد من الارصدة والاستحواذ على كل المقدرات تحسباً لاسوء الظروف. وهذا ما تكشف للقاصي والداني وثروة صدام وزين العابدين بن علي وحسني مبارك ،والقذافي ،وحكام الخليج ،نموذجاً!.لم تعد الشعوب العربية قطعان عبيد رقيق وعمرها لم تكن كلاباً ذليلة فالاسود التي روضوها لم تتحول كلاباً حسب تصورهم المريض، وها هي تحطم اقفاصها لتنتقم من سجانها ومروضها ومجوعها. ثورة الجياع هي الرد الامثل على مؤتمرات القمة العربية الخائبة. وفأل حسن ان يسجل الشعب التونسي اول سقوط لدكتاتورية عربية باصوات جماهيرية غير مسيسة ولا مسلحة وبعيداً عن الانقلابات العسكرية. وعلى اثرها ينفجر غضب الشعب العربي في مصر ليطيح بجلادية في ثورة شعبية خالصة.ليتبعه الشعب الليبي والشعب اليماني ..فاذا كانت ليلى الطرابلسي وحدها تحمل كل هذه الاطنان من الذهب الخالص عدا المجوهرات والاموال غير المنقوله في دول عربية واجنبية، واذا كان بن علي وحده يملك كل هذه الاساطيل الجوية والبحرية والفنادق والمصارف في العالم واذا كانت ثروة مبارك العلنية فقط سبعين مليار دولار معنى ذلك ان تونس موفورة الخيرات فلماذا يدفع ابناؤها للانتحار جوعاً؟! واذا كانت تونس تفيض بكل هذه الخيرات وان مصر فائضة الخيرات على فقرها واوضاعها الاقتصادية المتردية فكم حجم الخيرات التي تتمتع بها البلدان العربية الغنية ذات الاقتصاد المليان والمعافى؟ّواي طوفان من الثروة المنقولة وغير المنقولة يغرق فيه حكامها؟!وسيغرقهم تباعاً. ؟!