اساليب قتل روح ا لمواطنة في دواخل نفوس المجتمعات العربية ،والتي مورست بذكاء ممنهج من قبل واضعي خططها( الاسياد الكبار)، ونفذت بحذافيرها (عمياوي) على طريقة نفذ ولاتناقش على ايدي الحكام المفروضين ، المقبورين منهم والسابقين ، المخلوعين منهم والفارين ،طبعا وبعض اللا حقين .
هذه الاساليب تنوعت وتعددت وتداخلت حسب طبيعة وتركيبة وطوبوغرافية كل شعب:قوميا ،ودينيا ،ومذهبيا.بحيث انطلت الاعيب تلك السياسات على الناس وحققت اهدافها المنشودة قبل ان تفطن الشعوب المنكوبة وحين تنتفض يكون جيل قد انقرض اوشاخ في احسن الاحوال لتبدا دورة جديدة من قتل الشعور بالمواطنة على يد طواغيت جدد وباساليب جديدة .
واذا استثنينا بعض الفترات الموغلة في القدم وركزنا على فترة نشوء الحكم العربي بعد سقوط الامبراطورية العثمانية وتحديدا بعد معاهدة سايكس بيكوالتي قسمت العالم العربي ونصبت على كل دولة ملكا او اميرا (حسب مقاسات الحلفاء) معززا بمستشارين وخبراء ،مزودا بخارطة طريق وبوصلة مثبتة على مسار لايحيد عنه ولايميد في ادارة تلك الدولة ورسم سياساتها ،ومن ضمنها وصفة اعدام الشعور الوطني كونها اساس خراب الاوطان وتخلف الشعوب واضطرارها للسير في ركاب المستعمر وتنفيذ مخططاته والانقياد الكامل للحكام وضياع الثروات الوطنية واستمرار التسلط الوراثي والعشائري وكل المفاسد الادارية والمالية.
فمرة يتم امتهان مكون قومي معين وتفضيل آخر عليه وتمييزه لينشغل الطرفان في حرب الاخوة الاعداء على مدار السنين منهكة الطرفين ،مثيرة الاحقاد عند الطرف المغبون ،مميتة شعوره الوطني دافعة اياه للهجرة اوعدم الاندفاع في خدمة وطن تصادر فيه حقوقه وتمتهن كرامته في وقت يفضل عليه ويستعلي من لايهمه احتراق الوطن بمن فيه وما فيه مادامت منافعه و مصالحه مضمونة ، وامتيازاته مكفولة ، وملذاته متوفرة.
ومرة تدور الدائرة ويتم التمييز حسب التوجه الديني فيعاني اتباع دين معين ماعاناه ابناء المكون القومي اضطهادا وامتهانا فيتولد رد الفعل المعاكس المتمثل في التناحر الطائفي وتداعياته من هجرة وتهجير وقتل وانتهاء بموت الشعور الوطني .
ومرة اخرى يشعل فتيل التمييز بين ابناء القومية الواحدة مناطقيا ، واخرى بين ابناء الدين الواحد مذهبيا .
وقد يلجا الحكام الى اساليب قمع الحريات ، وتكميم الافواه ، والسجن والاعدام على الشك والظن والتهمة ، الامر الذي يدفع الشعب الى النفور والتذمر والانكفاء والنكوص واللامبالات وموت روح المواطنة وقبول كل الحلول التي تنقذه من السلطة الظالمة المتجبرة ومهما كان الثمن وبضمنها الاستعانة بتدخل اجنبي او الهجرة الى دول اوربا بحثا عن ملاذ آمن وفرصة عمل وهذه اسوء الحلول للشعوب والاوطان واحسنها وانجحها في خطط الاسياد واذنابهم .
لا شك ان كل اساليب اعدام الشعور بالمواطنة مورست مع العراقيين منذ تاسيس الحكم الوطني في العراق وعلى مراحل ، ولكل فترة رجالها وما يماهيها من اساليب وطرق .
ربما مرحلة الديمقراطية لاتنسجم مع القهر الديني والعرقي والمذهبي والقمع والمقابر الجماعية واشكال التعسف الاخرى فعليه لابد من ابتكار اسلوب يتماهى مع المرحلة ولايتقاطع مع مدعياته بصورة مفضوحة فكان اسلوب الفساد المالي والاداري خير الاساليب وافضلها على الاطلاق .
اذ حين تصر النخبة الحاكمة على تبديد المال العام اختلاسا وصفقات مشبوهة وعقود وهمية ( كل من موقعه الرسمي ) وحين تشيع الجريمة بكل اشكالها ولايقع القصاص بالمجرمين بل يهربون لقاء رشا فاحشا فاسدا .. وحين يشيع الفساد المالي والاداري،وتختل الموازين فيكرم المسيء ويحترم الباطل.وحين يذل ويهان ويحرم المواطن من ابسط حقوق العيش الكريم والامن والخدمات ويستغيث شهورا وسنينا ولامن مجيب عندها يكفر بالمواطنة ويلجا الى الانحراف وربما الاجرام والعمالة او الفرار الى المجهول .