بعد غياب طويل وربما متعمد لمفردة (المسرح) التي طالما سمعنا عنها الكثير من افواه اباؤنا حتى اصبحت اشبه بالحكايات القديمة كونها ذابت مع تفسخ ثقافة المجتمع وتحللت بعد انحرافه عن منظومة القيم والمبادئ الانسانية، لكني وبعد دعوة كريمة وجهت لي من قبل القائمين على مسرحية (في ظلال الطف) التي ستعرض قريبا في كربلاء، هممت لمشاهدة عروض البروفه واذا بي اجد عرضا غير مألوفا وطرحا حديثا اثار مشاعري فعشت الحدث وتعايشت مع ازمنته اضع نفسي تارة مع معسكر يزيد لمغريات السلطة وتارة اخرى مع الحسين لكسب الاخرة وتارة اخرى اسائل نفسي عن سبب خروج الامام الحسين عليه السلام لاصلاح قوم ورثوا الحقد والقتل من ابيهم قابيل وتارة اخرى اتعاطف مع الحسين الذي اعطى لهم مفاتيح الحياة الكريمة لكنهم ابوا الا ان يمارسوا حياة الذل والخنوع، وبينما انا اعيش وسط تلك الدوامة من الاحداث واذا بي اتحسس دموع محرقة تتقاطر كأنها تحفر في مسامات الوجه فهممت مسرعا لازيحها حتى لاتنشىء غشاوة على بصري وبصيرتي لتكون عائقا امام تعايشي مع الحدث.
وهنا انتهت البروفة وكل ذهب الى مقصده لكن الحدث لم يفارق ذهني فاسترجعت الذاكرة لاستذكار ما شاهدته واستوقفت عند اللحظة التي احسست بتقاطر ادمعي لعلني استذكر الحدث الذي فجر منابعها فلم اعثر على مبتغاي رغم الاحداث والمآسي الزاخرة في العرض، وتواصلت باستدراج العقل واستذكرت اخيرا سبب بكائي وما وراء تفجير مدامعي ولعله يكمن في ماشاهدته من طاقات شبابية تزخر بها مدينتي الحبيبة وهي لا تجد من يضع بصماته ليرسم لها سلم الظهور، نعم بكيت لاني شاهدت ثلة من الشباب لاتجد مأوى لعرض نتاجاتها سوى قاعة فريدة في كربلاء تفتقر لابسط مستلزمات العرض، نعم بكيت لان العرض توقف تارة واستأنف تارة اخرى بسبب انقطاع التيار الكهربائي بشكل مفاجئ، نعم بكيت لاني جالس لاشاهد عرضا مسرحيا في خربة كتب على بوابتها قصر الثقافة والفنون في كربلاء … فعرفت حينها اني لم ابكي على الحسين عليه السلام.
[email protected]