البيئة العراقية بكل اطيافها والاعراف التي تتمسك بها وجدت نفسها ملزمة فى قسط كبير من إدارة حياتها الداخلية والاجتماعيـة بعاداتها وتقاليدها السامية ، وهي تقاليد تتميز بالرفعة والسموعند العشائرالعريقة واسعدت اينما حطت ، وعلى مخزون الأخلاق والقيم ، وموروث العادات والتقاليد الحميمة ، وعلى رأس ذلك كله ، كرام الضيافة والشيمة والنبل العشائري عند أهله ورجالاته ومجالاته في القضاء حتى وإن قست بعض أحكامه وثقلت بعض أعبائه ، وتحملـته العائلة الصغيرة ، والعشيرة والقبيلة الكبيرة ،وتبذل المستحيل للمحافظة على موروثها وفى الجوهر على قاعدة ذهبية هى قاعدة الإصلاح بين الناس ، وتطييب الخواطر ، ويبلسم الجراح ، والنهـوض بالمعنويـات ، وحافظت على المروءة والنخوة والقدرة على الرضى والتسامح وإلتئام الجراح ، وغسيل القلوب ، وإضاءة الحب والتراحم ، حتى تصعد من الهوة ، وتنهض من الكبوة ، وتكون فى الموقع الأعلى حيـث تتطلـب القضايا حلاً. وفى قلب الاضطرابات التى تقع بين الإخوة في اي مكان اذا وقعت الواقعة ، ميثاقاً وعهداً يعلنون فيه حيادهم الإيجابي حتى تجاه عدوهم ، كما يعلنون فيه البراءة من أى فرد فـى مجتمعهم الكريمة اذا قسى في اي ظلم و تسول له نفسه الاعتداء على أحد بغير حق ، وبغير استشارة وكان ذلك الميثاق والعهد نموذجاً لكيفية إدارة المسؤولية ، ووقايته من التورط فـي المشاكل وحماية المجتمع من استسهال الخطاء والتقصر وإلحاق الأذى .
والعلاقات المختلفة والمتـوترة فـي بعض الأحيان تحل بالطرق السلمية والهادئة في أحيان أخرى بين أبناء االعشيرة وكذلك أبناء الريف ، ودون الحاجة لتدخل الدولة ، وأدوات تنفيذ القانون في بعض الأحيان و يحظى باحترام وموافقة الجميع ، وأن أحكامه فـي بعض الأحيان ، وفي بعض قضايا معينة مثل قضايا العرض أشد قسوة ، وأكثر رهبـة من أحكام المحاكم العادية مما جعل له مهابةً واحتراماً في نفس الوقت ، في قلوب كـل من أبناء العشائر، مما جعلهم يعتمدون عليه ويثقون بـه فـي حـل قضاياهم ،
الكفل يعني الإلتزام بالوفاء والأداء ، ورفع الأذى وحماية المكفول ، والكفل إلتزام بالعمل على تحصيل الحقوق المادية والمعنوية التى كفلها الكفيل ، والتـى أُقـرت بالتقاضي من عند راعى البيت ، أو أُقرت بالتراضى بين اطراف الكفلاء . وهم الاشخاص الذين يضمنون حماية المعتدي من إنتقام المتضرر بعد حل المـشكلة ، وذلك بعد أن يحل الطيب والطياب ويسود الأمن بين الطرفين فى عرض الكفلاء .
اما الضيف إكرامه من مكارم الأخلاق، وجميل الخصال التي تحلَّى بها الأنبياء، وحثَّ عليها المرسلون،واتصف بها الأجواد ، كرام النفوس فمَنْ عُرِفَ بالضيافة عُرِف بشرف المنزلة، وعُلُوِّ المكانة، وانقاد له قومُه، فما ساد أحد في الجاهلية ولا في الإسلام، إلا كان من كمال سُؤدده إطعام الطعام، وإكرام الضيف في طلاقة الوجه، وطيب الكلام، ، والقاصد لوجه الله يجود بالموجود، ولا يتكلف التكلف الذي هو فوق الطاقة، اما الذين جاهدوا في سبيل حماية الشرف وقطع دابر الفتن ودعم العشيرة في المحن والدفاع عنها والوقوف معها لردع العدوان دون حسابات المال والجاه سوى مرضات الله عليها فيقول سبحانه وتعالى “وَالَّذِينَ جَاهَدُوا فِينَا لَنَهْدِيَنَّهُمْ سُبُلَنَا ۚ وَإِنَّ اللَّهَ لَمَعَ الْمُحْسِنِينَ” حتى وان كان في وقت ما في خصام فالعفو هو اقرب للتقوى هكذا كانت القيادة السياسية الايرانية الحكيمة اتجاه العراق وشعبه في المحن .
ومن هناك بعد عام 2003 حدث تغييرا كبيرا في نظرة العراقيين تجاه هذه الدولة الجارة العزيزة لدى كل مكوناته ،الشيعة والأكراد واكثر السنة وأصبحت النظرة الى إيران من لاعب أساس وشريك قوي الى اعتبارها ضامناً مهماً للأمن والاستقرار في وجه المخاطر التي كانت تهدد ولازالت العراق وشعبه عكس كل الدول الاخرى التي لم تأتي بشئ يخدم شعبها سوى الويل و المعاناة والاذى ولم يقل لهم احد ( بره ، بره ، بره ) فكانت فحوى الاية القرانية تطبق عليهم “وَمَنْ أَظْلَمُ مِمَّنِ افْتَرَىٰ عَلَى اللَّهِ كَذِبًا أَوْ كَذَّبَ بِالْحَقِّ لَمَّا جَاءَهُ ۚ أَلَيْسَ فِي جَهَنَّمَ مَثْوًى لِلْكَافِرِينَ” ﴿٦٨﴾ العنكبوت مثل ( السعودية التي تبذل المستحيل من اجل خلق الفوضى ودعم الحركات المجرمة والمناهضة مثل حزب البعث المجرم واركانه وجمعهم في مؤتمر تحت تسمية ( العراق وافاق المستقبل ) هذه الحركة العجيبة لما تحمل من غايات في هذا الوقت مع الازمة التي تمر بالبلاد على رأس تلك الشلة قيادات معروفة بتاريخه الدموي والخبيث ولم تقف تلك الدول معه حتى باطلاقة واحدة ولزموا الصمت المتشمت الدامي والسلبي والمغرض وبعض السياسيين المشاركين في العملية السياسية والحكومة من المنافقين والمتربصين وشذاذ الافاق والولايات المتحدة الامريكية والامارات المتحدة بالمال والخبث الفائق ودول خليجية اخرى وتركيا التي فتحت ابواب حدودها من اجل دخول الالاف من الارهابيين لغزو بلادنا ) وتقديم الدعم الإ متناهي لتلك المجموعات مادياً ومعنوياً وفتحت ابواب جهنم على الامة العراقية وحيث لم تقدم اي دولة من دول الجوار اي نوع من المساعدة بينما وقفت الجمهورية الاسلامية الايرانية فكان لها موقفاً مشرفاً ولعل تجربة دخول المجموعات الارهابية ( داعش ) اكبر برهان في صد تلك الهجمة الشرسة بعد ان سيطرت على ثلث مساحة العراق واحتلت مدن مهمة كالموصل وتكريت واجزاء واسعة من الرمادي في فترة قصيرة وهددت قلب بغداد ، فضلاً عن كونها صاعقة ومفاجئة بالنسبة الى أغلب القادة السياسيين في العراق والقوى الاقليمية والعالمية في توسعها فإنها ايضاً احدثت نوعاً من الارباك والتخبط في التحليل السياسي تجاه هذه الازمة.
هنا كان ذلك الموقف النبيل في دعم العراق بكل الممكنات العسكرية للدفاع عن امنها ومقدساتها بعد ان وصلت قوى الشر ودقت ابواب بغداد وهذه السياسة كانت لها نتاجات ايجابية كثيرة، منها تدعيم القوات الامنية بالخبرات والاستشارات دون حساب اوكتاب لا بل قدمت شهداء من قادته ورجاله الشجعان من قواتها رحمهم الله واعلى مثواهم سقت دمائهم الارض فخضرت واصبحت كالنخلة الشامخة وعطائها بلا حدود وكلمات الثناء لا تفي شيئ بحقهم وسحابة تمطر خيراً منحت الثقة والارادة وعززتهم في النفوس ….وكانت اليد الضاربة لرد العدوان والقضاء على هذه العصابات و،تحسين الظروف الأمنية نسبياً خلال السنوات الثلاثة الاخيرة وايضاً نموا كبيرا في علاقات السياحة الدينية حيث يزور ملايين من الزوار للعتبات المقدسة في البلدين والاقتصادية التي بلغت عشرات المليارات بينهما. وعلى الرغم من بروز الرؤية الاستراتيجية للعلاقة مع إيران من جانب الجماهير وبقاء رؤية التعاون والشراكة من جانب اكثر المكونات إلا أن هناك رؤى مختلفة قد تكون سلبية يمكن رصدها من قبل افراد من أطياف أخرى من الشعب العراقي للحقد الطائفي الاسود في قلوبهم اوجهلهم بالروابط الاخوية التاريخية التي تربطهم وما قدمته ايران دون تمييز للدولة من الامكانات العسكرية وحتى الطيران والصواريخ وكل متطلبات القتال والنتائج الايجابية لهذه العلاقة . هذه المواقف بينت أن إيران وعلى الرغم من كل السلبيات عند البعض تجاهها إلا أنها لن تألوا جهداً أن تهب لحماية الشعب العراقي في الظروف المصيرية وأمام المخاطر التي من شأنها نسف الوجود السياسي والانفتاح للعراق في المنطقة. والتي ارعبت دولها . ومن رموز و علامات ذات الصلة بالهوية الثقافية و الإجتماعية الطيبة للمجتمع .