23 ديسمبر، 2024 5:32 ص

لمناسبة الذكرى ( 152 ) لتأسيس الصحافة العراقية دعوة لتضميد جراح الزملاء العراقيين !

لمناسبة الذكرى ( 152 ) لتأسيس الصحافة العراقية دعوة لتضميد جراح الزملاء العراقيين !

منذ أن خطت الصحافة العراقية خطوتها الأولى في مثل هذا اليوم الخامس عشر من شهر حزيران عام ( 1869) أي قبل 152 عاماً تالق الصحفيون في العراق في تقديم عقيدة إعلامية قل نظيرها منذ أن حبت في هذا المعترك المضني والمسيرة الطويلة كلفت الصحفيين العراقيين ألاف الشهداء والتضحيات الجسام التي مهدت الطريق للأجيال اللاحقة وخاصة ما قدمته ارتال وأفواج الشهداء الماجدين من الصحفيين والإعلاميين العراقيين الذين نقلوا إلى العالم وبكل دقه وصدق ما تعرض له العراق من همجية الاحتلال وممن تحالف مع القوات الأمريكية والتكالب على ثروات بلدي العراق وقتل واعتقال وتشريد عدد من الصحفيين العراقيين ومن غير المنطقي أن يرى المرء العملية الصحفية والإعلامية في العراق بأنها عملية سهلة ويمكن أدارتها بأبسط السبل واقصرها واختزالها ببرنامج وكتابة خبر أو مقالة ، بل هي عملية معقدة لها أهداف ووظائف ولغة خاصة تستطيع الوصول إلي قلوب المتلقين قبل آذانهم أو مسامعهم وعيونهم لهذا عرفت الدول المتقدمة قبل غيرها أن مستقبل العالم يقوم على الأعلام العلمي والمعلومات ، على عكس الادعاء الذي يسوقه البعض من أن الأعلام موهبة وقدرات نحوية وصرفية وتراه يطالب بغلق كليات الأعلام وأقسامها وعدم انتشارها بين أوساط الجامعات العراقية ومنذ خمسين عاما ويبدو أن أصحاب مثل هذا القول لا يمتلكون المعرفة الكافية بقواعد المقارنة بين الأعلام العلمي القائم علي الارتجال والخطابة الإنشائية فهم بهذا يرون أن الاتصال والإعلام برسائله ووسائله يمكن اختزاله في القدرة على الكتابة الإنشائية أوعلى التقويم الخطابي الخالي من المعلومات وغير المبني على دراسات وبحوث للمتلقين . كما وان الدراسات الإعلامية وأقسام وكليات الأعلام ليست لتخريج مذيع تلفزيوني أو مندوب ومحرر بل يتخرج منها إضافة للعاملين في التلفزيون والإذاعة والصحافة المئات من الملاكان البشرية العاملة في المجالات الإعلامية والاتصالية الأخرى مثل العلاقات العامة والأعلام والدعاية ودراسات الرأي العام وحملات التوعية من هنا جاء اهتمام وسعي المجتمعات والدول المتقدمة للدراسات الإعلامية ومنها دراسات نظريات الاتصال ودراسات الرأي العام والحملات الإعلامية والحرب النفسية ومناهج البحث الإعلامي والإعلام السياسي وعلاقة الاقتصاد بالإعلام ودراسة الاتصال الخطابي والإعلام الدولي وعلاقة الأعلام بالتنمية واستحداث مناطق إعلامية حرة تحتوي على مراكز إعلامية للإعلام المسموع والمرئي والمقروء وإعلام الصحافة الالكتروني , وتجدر الإشارة هنا إلى أن الكيان الصهيوني مع بداية تأسيسه اهتم بدراسة الرأي العام وطرق التأثير فيه وكانت الدراسات الإعلامية من أوائل التخصصات التي استحدثها في الجامعات العبرية ، لهذا أن بعضاً من اليهود تخصصوا في الدراسات الإعلامية والاتصالية وتوصل بعضهم إلى نظريات في مجال الأعلام والاتصال أصبحت تدرس في معظم جامعات العالم . وتأسيساً لما تقدم فالمتابع والمهتم بالشؤون السياسية والإعلامية وخلال الأحداث التي مرت بنا وعشناها طيلة العقود القليلة الماضية يدرك أهمية وحجم الدور الإعلامي في مجمل المعارك العسكرية والسياسية ، فهو كبير جداً مقارنة بالمعركة السياسية والعسكرية وفي عالم اليوم يسهم الأعلام بنسبة ( 70 ) بالمائة من حيث ضخ المعلومات للمتلقي وجمعها وتغيير قناعات الرأي العام بشأن المعارك المتعددة الأوجه والغايات . وعندما نتمعن بالأسلوب الذي اتبعته واشنطن في حربها الإعلامية ضد العراق ويوغسلافيا نري أن هناك أوجه شبه في كلتا الحالتين لم يسجل في كل صفحات هذا التاريخ إن ( العراقيين ) أساءوا إلى أحد أو سبوا أحداً أو شتموه , ولم يثبت أو يروَ أن عراقي شتم أو سب أو أهان حتى ألد أعدائه , هذه الأخلاق الحميدة والعقل الراجح والقلب الطاهر جسدها أبنائنا العراقيين , أحفاد قائدنا الرسول العربي ( محمد ) صلى الله عليه وسلم في أخلاق وعقول ومنهج من امتنا لا ترفع السلاح بوجه أحد ، لم نعتد على أحد ولم تسخر من احد ونحن العراقيين ما تعلما من الرسول محمد صلى الله عليه وسلم من عدم الإساءة للآخرين , الإسلام يدعو( أهل العراق ) الآن إلى الوحدة والإخوة والمحبة وينهي عن التفرق والتنافي والاختلاف والتناحر , وقتل النفس ، حيث قال سبحانه وتعالي ( واعتصموا بحبل الله جميعاً ولا تفرقوا ) انه أمرنا بالوحدة , لأن الوحدة قوة ولان في الوحدة عزة وكرامة , فما احلي التصافي بين أفراد الشعب , لان أفراد الشعب هم جزء من هذه الأمة فكلما وجدت هذه الوحدة بين أفراد الشعب صارت قوية ومعززة ومكرمة , قلنا أننا خرجنا من حرب بشعة شرسة خلال اعوام ما بين ( 2003 – 2021 ) دخلت فيها كل فنون التفرق والتناحر والفتن وأكلت المئات والآلاف من خيرة شبابنا , وكانت في وقتها وسائل الود والوحدة والتلاحم والتعاطف في ما بيننا مفقودة كأننا نعيش في عصر جاهلي ، نأكل الحرام ونأتي الفواحش ويقتل بعضنا الأخر ونقطع الأرحام وننسي الجوار ويأكل القوي منا الضعيف ونخون الأمانة ونقذف المحصنات ونقول الزور كل هذه الحلقات كانت مفقودة , حتى أصبحنا على هذا الوضع السيئ الذي لا يسر عدوا ولا صديقا , فلو تمسكنا بديننا قليلاً لكان الوضع أكثر أمانا واستقراراً , فالعقيدة أساس الوحدة التي تجمع الشعب ، تحت رحمة الباري عز وجل ، والإيمان بالتوحيد ، فرب واحد , وكتاب واحد , ودين واحد , ونبي واحد , وقرآن واحد , وقبلة واحدة , وإسلام واحد ، فلا عنصرية ولا تفضيل الكبير على الصغير ولا الغني على الفقير ولا الأبيض عل الأسود , ولا طائفة على آخرى , ولا مذهب ولا عرقية على حساب الأخرى ( آن أكرمكم عند الله اتقاكم ) فيجب أن نكون سواء كنا أفراد أم جماعات عند حسن الظن وان نتمسك بالخلق الكريم , ونحب بعضنا الآخر , وأينما وجدت المحبة وجدت الوحدة , أن الوحدة في الإسلام عزيزة عند الله وعند الرسول الكريم ويجب على من بأيديهم أمور هذه الأمة أن يحافظوا عليها ويمنعوها من التفرق والتنافر لأن أعداء ( العراق اليوم ) كثيرون ولا تعجبهم وحدتنا , بل اضطربت أنفسهم وتحركت مؤسساتهم وبدئوا يتآمرون ويسعون بكل الوسائل لإحباط تلك المساعي الرامية إلى وحدة الشعب , فأعداء العراق بصورة عامة يملكون من الوسائل ما لا يملكها أحد فهم أصحاب وكالات وقنوات فضائية وإذاعات مسموعة ومرئية كثيرة , فضلا عن ذلك انتشار مكثف للعد كبير من الصحف والمجلات الفاضحة ويحرضون بعضنا علي الكلام ويشيعون إشاعات كاذبة , ومغريات حياتية كثيرة , والاتقاء من شر هذه الإشاعات هو الإبقاء على وحدة صفنا وكلمتنا فإنها خير سلاح , بوجه هذه التحديات , وكذلك اصلاح ذات البين والتعاون والبر والتقوية والإيفاء بالعهد واللين والتسامح وتجنب كل الأسباب التي تؤدي إلى تفرقة الشعب والتكبر وتحقير الناس وإيذائهم والسخرية منهم واجتناب سوء الظن والتجسس لصالح الكفر والإلحاد , بديننا حتماً سننتصر بأذن الله ما دمنا نتمسك بالدين الإسلامي العظيم ونعالج الأمور , والمواطن اليوم في العراق يرى عكس ذلك من خلال التناحر والتفرقة والمجادلات والاتهامات من قبل ممثلي الأحزاب السياسية , وهذه السنة ( 18 ) من عمر الاحتلال الغاشم وجاء الذي جاء و ذهب الذي ذهب وهذا العراق العزيز من شماله إلى جنوبه ومن شرقه وحتى غربه يشهد بان أشياء مهمة لم تتحقق خلال الحكومات الأربعة وأولها الاستقرار والأمن وثانيها أرزاق الشعب ومعيشته وما يتصل بذلك من خدمات أساسية كان بعض منها متوفراً حتى في أصعب الظروف , وخلال الحروب الدامية التي مرت على هذا البلد العجيب الصامد وبما إن للأمن شؤوناً وشجوناً تتطلب إضافة في البحث والكتابة , وربما تتطلب جرأة من نوع خاص في الطرح أو الكتابة وقد يؤدي بالكاتب الصحافي والمثقف والاديب إلى ما لا تحمد عقباه وخاصة إن الحديث يوجب التطرق إلى قضايا حساسة قد تستنفر مشاعر بعضهم وقد ينزعج بعضهم الأخر ، ومن خطورة الموقف في أيامنا هذه إن معالجات التنفيس عنه غالباً ما تأتي بطرق نارية وبمختلف الأسلحة المتوفرة في بلادنا اليوم كتوفر الوسطاء وأصحاب الخطوة والجاه الذين يمتلكون خرائط التعيين في جميع مؤسسات ووزارات الدولة العصرية الجديدة , برغم أنهم متساهلون في قبض الثمن من العاطلين بالدينار العراقي وليس بالعملة الصعبة وهذه حسنة لابد من الاعتراف بها لهؤلاء الناس , أما التطرق إلى موضوع الأمن يعد مؤجلاً اليوم , فالتحدث عن الخدمات الأساسية للمواطن البسيط المحروقات ، الكهرباء ، البطاقة التموينية ، البنى التحتية ، الصحة ، البيئة ، هذه الأزمات تحتاج إلى حلول سريعة فأنني لا اعتقد بان المسؤولين في الحكومات العراقية الأولى والثانية والثالثة والرابعة والخامسة والسادسة ليعلمون الحجم الكبير من التذمر الشعبي إزاء المشاكل التي يعاني منها المواطن العراقي يوميا بسبب التماسيح الموجودة داخل تلك المؤسسات والتي تتعامل بالعلن مع كل طريقة جديدة قد تؤدي إلى هلاك المواطن العراقي الجريح ، وعراقنا اليوم في خطر تام يصرخ ومنه الدماء تنفر يطلب النجدة والمساعدة العاجلة فيما تنشب في لحمه الحي السكاكين وينهب ثرواته الفاسدون والطامعون , الذين يعتقدون أن بلادنا مزرعة مهجورة لا أصحاب لها ولا أهل يحرسونها ويحمونها وقوات الاحتلال جاءت لهذه الأرض رافعة شعارا للعراقيين يجب تغادروا ارض المعمورة , ولكنهم نسوا أن في العراق عباقرة كثرا وشجعانا كثر وحكماء كثرا لكن الوقت غير المتاح للمبارزات بين أولئك الشجعان والحكماء , بل هو وقت أيجاد المخارج للناس قبل أن يحترق البيت كله ويتهدم المعبد على من فيه العراقيون أمام استحقاقات حاسمة اليوم وان الشعب العراقي ليس مهموما بالسياسة والانتخابات , واجتثاث العراقيين , واجتثاث الرموز الوطنية بقدر ما يقلقه الواقع الأمني والفراغ الطبقي وهوس البطالة المخيف وعدم توفير الخدمات الأساسية والإنسانية , تجاه هذا الشعب الذي لا زال يعاني منذ أكثر من نصف قرن آذ أصبحنا لم نقم بواجباتنا تجاه هذا الوطن فعلينا أن نعرف أن الاستحقاق أصبح أثقل والتضحيات اكبر ليس هنالك من يمكنه وضع نفسه خارج هذه الدائرة وخارج هذا الامتحان , وهنا أحب أن اذكر بان الحكومة العراقية الحالية , لا زالت عاجزة عن معالجة , و يجب التركيز إليها هي أن تكون الوحدة الوطنية العراقية , بمستوي طموح جميع العراقيين , ولجميع الأطياف لأنها تعكس أيضاً التعاون بين الجميع من أجل الحفاظ على أمن وسلامة العراق , ويجب اشراك الطبقة المثقفة والواعية والمتعلمة من ابناء هذا البلد في اتخاذ القرار , وهذا ما يريده العراقيين , وكل عام و الاخوة الزملاء العراقيين الصحافيين بالف الف خير