23 ديسمبر، 2024 6:38 م

لمعالي دولة رئيس مجلس الوزراء … رسالة..!!

لمعالي دولة رئيس مجلس الوزراء … رسالة..!!

بعد التحية….
بعد اشهر قليلة سندخل السنة العاشرة من عملية تحرير العراق من أبشع نظام دكتاتوري ، والتي تعددت الآراء حولها ، بل واختلفت ان كان بالإمكان اقامة نظام ديمقراطي تعددي في العراق على انقاض ذلك النظام الدموي ،  يضمن حقوق مواطنيه المختلفة ، ويسعى لتحقيقها على اسس ومبادئ وطنية وانسانية  ، الذي انهتكه الدكتاتورية زهاء اربعة عقود من الفردية والسيطرة المطلقة…. وكانت الاجابات بهذا الشأن لا تتعدى حدود الاحلام النرجسية والتأمل والانتظار وسط معالم الفرح التي سادت الاجواء العراقية بسقوط صدام ، والذي انتهى بموجبه عصر الخوف والقمع والاضطهاد ،  خصوصا والمجالس الشعبية في كل مدينة وقرية عراقية  قد تحولت الى ساحات مفتوحة للنقاش حول المستقبل المشرق الذي ينتظره العراق  ،  كل فرد منا أصبح محللا سياسيا يطرح افكاره واراءه بعفوية ، وكأنه على بعد مسافة قريبة من دائرة القرار السياسي…! شيخ كبير اتعبته اساليب النظام ولم يبقى منه سوى هيكل عظمي مغطى  بجلد اراد الله به ان يحفظ  له شهيقه وزفيره  لكي ينعم ببعض من الحيوية ، فاجأ الجميع …اخوان ..انتظروا ، ولا تستعجلوا ..تريثوا ..ففي التأني سلامة ، وفي العجلة ندامة .. !! استغرب الجميع من طرحه المفاجئ فاستداروا صوب  وجهه المثقل بعذابات السنيين ، واذا به يقول  ربما تترحمون ذات يوم على النظام السابق…!! وغادر المجلس بصمت دون ان يستأذن من احد…
بقي كلام الشيخ وانا انقله من عام الى عام ، الى ان وجدت اليوم نفسي وانا اشعر بخيبة امل لأحلام راودتني كسائر الناس التي لم  يتحقق منها  شيء يذكر  ، ولكنني لم اترحم على النظام ،  ولكن لم اجد فارقا يطمئنني على نظامنا الحالي ، أو بصيص أمل اتشبث به ..!!  لذا عزمت ان أكتب  اليكم ربما لم يكتبه احدا قبلي  …
دولة الرئيس ..ربما تتفاجؤون حين يقول مواطن عراقي أنه يشعر بالذنب حين مارس دوره الوطني وشارك في الانتخابات العامة ، ووقف  امام صناديق الاقتراع متحديا زمر الارهاب  ليدلي بصوته املا بحكومة وطنية صادقة تنهي الى الابد مآسيه ومعاناته  ، والذي عاش مفرداتها  طيلة أربعة عقود.. ما تمخض عن تلك الانتخابات هو ان اتقانكم لفن تفسير المواد الدستورية داخل المحكمة الاتحادية قد وفر لكم  الأغلبية ، واصبحتم بموجب نتائجها  القائد الاوحد في البلاد (تأمرون بالمعروف ، وتنهون عن المنكر)وفق مصالحكم الشخصية ومصالح قائمتكم ، والتي عززتم من وجودكم الشخصي و السياسي بالسلطة المطلقة والهمينة على كل مؤسسات الدولة الحساسة دون الرجوع الى المعايير الديمقراطية التي تتدعون بها وتلهون بها البسطاء من ابناء هذا الوطن المغلوب على امره القائم منذ قرابة عشر سنوات….
 رغم ذلك لا احملكم المسؤولية ، بل وارفض ان اوجه لكم اصابع الاتهام لما وصلت اليه الاوضاع في البلاد.. بل العكس هو الصحيح ، فنحن الذين نتحمل المسؤولية لأننا كنا ولا زلنا سببا لما وصلتم اليه من أبهة ، وترف، وجاه ، وثروة ، بدءا منكم  وبأولادكم ، ومرورا بالطفيليين من المحطين بكم وصولا لزمر الفساد ، والمرتشين ، واصحاب العمولات في صفقاتكم المشبوهة منذ اول يوم لتسلمكم  المنصب…. فلو كنا نمتلك بعضا من الشجاعة ، وقليل من الجراءة لما تركنا لكم الساحة لتسرحوا فيها وتمرحوا على حساب معاناتنا المثقلة بالأنين والجراح ، وتتخذوننا كبيادق شطرنج تتلاعبون بنا وتحسدوننا على ما نحن عليه من مآسي وأحزان ، بل تجعلوننا نكتة موائدكم التي تزينونها بكل ما لذ وطاب ، وهذا يعني ان ما نحن فيه من صنعنا نحن بسطاء هذا الوطن  ، لأننا عودنا انفسنا على الخضوع  ، والادمان على بيت الطاعة ، ونرفض ان نغادر خضوعنا ، واعجابنا المنقطع النظير بالكلام المعسول  ، مثل الذي تفتحون به شهيتكم عند كل مؤتمر صحفي ، أو لقاء تلفزيوني ، بل ولا زلنا ، وهذه هي مصيبتنا نرفض الشكوك التي تحوم حولكم وحول الفضائح التي تثيرها الاعلام بين الحين والاخر ، وأخرها صفقة السلاح الروسي  التي اعادت الى الاذهان فضائح صفقة اجهزة كشف المتفجرات التي تحولت الى (لعب للأطفال) وفضائح وزارة التجارة الاخلاقية ايام وزيرها السابق الذي تبخر عن الانظار بجرة قلم منكم ، بل واغلقت ملفاتها على مبدأ (انصر اخاك ظالما او مظلوما)..!! نستند بذلك على صدق حسنا الوطني ، مفاده ان من وقف معارضا لنظام صدام لا يمكن ان يتبع طريقته في حكم البلاد خصوصا اذا كان شيعيا  الذي ارغمه النظام حتى على ان لا يبكي لحسين الثائر والشهيد والمظلوم..!!، ولا معقولا ان يتحول مقلدا لأساليب النظام السلطوية ، خصوصا حين يتعلق الأمر بنا نحن الكورد  الذي يقدر عاليا (الملح والزاد) ومتباهين به ، لانه يدفع عنا الاحساس بالخيانة لمن (يذوك زادنا) او من يشعرنا بالاطمئنان منه حين نفتح له ابواب بيوتنا على مصراعيه …
لذلك لا أبالغ ، دولة الرئيس حين اؤكدها لكم اننا الكورد قد فتحنا الابواب جميعها ، ولم نتردد في خدمة كل الاطراف في المعارضة العراقية ،  بما في ذلك تنظيمات حزب الدعوة  قيادة وقواعد وكنتم أحد قادتها ، بل ولم نبخل عليكم في تقديم العون والمساعدة ان كانت مالية او معنوية في وقت كانت حاجة بيتنا الكوردي تفوق كل التصورات بسبب الحصار الظالم الذي فرضه النظام الفاشي على كوردستان ،حين قطع عنا الغذاء والدواء ومستلزمات الحياتية الاخرى واتخذه وسيلة لإذلالنا ، فيما كنتم تنعمون بالأمن والامان وسط الترحيب والاهتمام الخاص بكم  بتوجيه من كل القيادات الكوردية بضرورة حسن استضافتكم بما يستوجب من عادات وتقاليد اكرام الضيف..
على النقيض من ذلك كله ونقولها بأسف شديد نجد ان المنصب الرفيع الذي جاءكم بفضل دعمنا ومساندتنا لكم قد زادكم غرورا ، وبه تحسدوننا  على ما بنيناه بصدق انتماءنا لوطننا كوردستان ، وحرصنا على ان نبدو في عيون اصدقاءنا الذين ازرونا في ايام المحن والشدائد ، باننا شعب كبير ولنا بصمتنا الدالة وواضحة كوضوح الشمس على المتغيرات ، وبصمودنا  وتحدينا لكل الانظمة الفاشية وطواغيتها سقطت أقنعتهم المزيفة ، ونحن الوحيدون زرعنا روح التحدي والمعارضة في قلوب العديد من الاطراف املا بتوحيد الصف الوطني  التي كانت تخشى من جبروت النظام  ، ونمتلك ألآن من الاصرار ما لم يمتلكه الاخرون ، لو تهيأت لنا الظروف ان نكون احرارا في وطننا ، وهي مسالة اعتقد لا تخالفني الراي فيها ،لان المخاوف من ان ننتزع هذا الاستحقاق ما زالت قائمة  ،وهي  تسري في عروق الحاقدين  على نهضتنا العملاقة  ، في وقت وخارطة الشرق الاوسط الكبير بدأت تزحف بصمت لتفجر من مفاجأتها غير المتوقعة في المنطقة ، والتي من المحتمل ان تلد في العديد من الدول دولة واحدة أو دولتين أو ثلاث في ظل النظام العالمي الجديد الذي يشدد من اهمية تقرير الشعوب لمصيرها التي انهكتها شعارات المتاجرين في اسواق الخردة السياسية ، التي كانت تدفع بالفرد ان يقف عاريا امام دبابة ويموت اختيارا ليعيش الحاكم واسرته بأمن وامان ، مترفا رشيق القد والقامة  ، وهذا بحد ذاته اشارة حدية و واضحة بان عصر الوراثة والخلافة ،  والبحث عن السلالة قد ولى ،  ولم تعد مقبولة عند المجتمعات البشرية التي تسعى لكرامتها ووجودها على اسس العدالة الاجتماعية والانسانية ،  بمعنى ان ما كان لكم كل هذه السنيين  لابد ان يكون لنا بمثله … وان سياستكم باتجاه الكورد لابد ان تعيدوا النظر فيها ، وان الاسماء العسكرتارية اللامعة هذه الايام التي تراهنون عليها  لا تغير من ثوابتنا القومية ، ولا  تزيدكم نفعا  لأنها اسماء مستهلكة سبقت وان جربت حظها العاثر فانهارت بمجرد ظهور اول دبابة امريكية وسط العاصمة بغداد وتركت شرفها العسكري خوفا من الفضيحة..!!وان ما تراهنون عليه حتما ستكون عملية خاسرة خصوصا وانتم عازمون على اشعال نار الكراهية والبغض بين الكورد والشيعة دون ان تدركوا عواقبها واثارها المستقبلية ، معتمدين بذلك على بعض من تجار الحروب والفتن و(البهلوانيات) التي تمرسوا عليها ابان فترة النظام ….
لذلك فدهشتنا دولة الرئيس تدور في فلك تناقضاتكم السياسية خصوصا حين تأخذون بالأحضان أولئك الذين سببوا لنا الويلات والخراب من البعثيين وتنسبونهم قادة على راس جيش دجلتكم  الزاحف نحو كوردستان ، ((وللأمانة اود ان أذكركم انه شتان بين دجلتكم ودجلة الخير للجواهري))، او أولئك الذين تحتضنهم كمستشارين لكم في مكاتبكم الخاصة ،  فيما نجدكم باستمرار تقفون وترفعون سبابتكم تهديدا بعدم امكانية اشراك البعثيين في وظائف الدولة ومؤسساتها ، حتى غدا الشارع في حيرة من امر سياستكم التي لا تدور الا في خلق الازمات بهدف تغطية انتكاساتكم السياسية التي لا تعد ولا تحصى ، وكانت اخرها تحشيدكم للقوات مع حدود كوردستان والتي لها اكثر من مغزى سياسي في وقت  ، والاصوات القبيحة بحجم قبح وجوه اصحابها  تتمنى ان تعود الدكتاتورية  لتعود معها شريط ذلك الزمن الرديء الذي بسببه هاجرتم وطنا ولدتم فيه وترعرعتم في ثنايا احزانه….
دولة الرئيس ان حصادا سياسيا بهذا المستوى من سوء التقدير والفهم الموضوعي لطبيعة اداءكم السياسي ، قد  اضرت بسمعتنا كدولة وشعب ، بل شوهت من مكانتنا  بين الشعوب حتى غدت هويتنا تخافها الدول وشعوبها ، فلا دولتكم تشبه دولة ، ولا انتم قادرون على ادارتها ، ولا نحن نمتلك خصائص الشعوب التي تضمن لهم دولتهم العيش الآمن والرغيد ، والا فلا نشعر بالحرج بل ولا نخجل من قول الكلام المفيد ، ان كنتم لا تقدرون على قيادة سفينتنا في بحرها المضطرب ذات الامواج الهائجة  فدعونا  أن نبحث عن بديل يقوينا على الوقوف بوجه الأعاصير التي لم تهدا منذ عشر سنوات ، ولكي لا تنقلب الموازين لنجد من بين صفوفنا ، من يترحم على النظام السابق رغم جبروته وظلمه ، بل وحتى لا يتباهى ذلك الشيخ الكبير بصدق احتماله ((ربما تترحمون ذات يوم على النظام السابق)) اللهم اشهد اني بلغت….
يقول ، خوزي موخيكا رئيس الأوروغواي…السلطة لا تغير الاشخاص.. وانما فقط تكشفهم على حقيقتهم..!!