في ايلول ستنتهي المهلة التي منحتها ايران للعراق لإنهاء الوجود المسلح للمعارضة الايرانية في شمال العراق بعد ان طلب الاخير هذه المهلة واستجابت ايران فأوقفت عملياتها الحربية منذ أشهر ضد معسكرات المعارضة.
وبدأ التذمر الايراني منذ سنوات حين اتخذت مجموعات انفصالية كوردية من الوديان الوعرة بين العراق وايران معسكرات لها لاستقطاب مناوئين وتدريبهم وشن عمليات مسلحة في العمق الايراني.
هذه المجموعات الايرانية كوردية وغير كوردية مدعومة من خصوم ايران التقليديين وتحظى بدعم جهات كوردية عراقية، وهناك تواجد نشط في المنطقة ذاتها لمنظمة مجاهدي خلق الايرانية المحظورة في ايران.
وتقول ايران ان هذه الجماعات متورطة بتنفيذ عمليات مسلحة لزعزعة الامن واستهداف مزارات دينية ومسؤولين حكوميين وقادة عسكريين في مناطق عديدة من البلاد فضلا عن التسبب بمقتل العشرات من المدنيين.
وأنها (ايران) تمتلك من الوثائق ما يدين هذه الجماعات وقدمتها للجانب العراقي وطالبته بمنع استخدام اراضيه لتكون منطلقا لتهديد أمنها الداخلي.
ومن الواضح ان الحكومة الاتحادية في بغداد ليست مؤثرة كثيرا في هذا الملف، كون المناطق التي تنتشر فيها الجماعات الايرانية المسلحة خاضعة لسيطرة اقليم كوردستان.
وان المؤثرين فيه جماعات وشخصيات كوردية عراقية تؤمن بفكرة انشاء وطن قومي كوردي يوحد الاكراد في المنطقة بما فيهم اكراد ايران.
السؤال التقليدي في مثل هذه الحالة: ما مصلحة اكراد العراق بالتورط بهذا الملف؟.
قد يشعر الكثير من الكورد بالتعاطف مع اكراد ايران وتركيا وسوريا قوميا. لكن تجاوز حدود التعاطف الى المساعدة العملية وبما يستفز دول أخرى مثل تركيا وايران سيجر على الكورد العراقيين والعراق مشاكل لا تنتهي.
فالأوراق التي لدى هاتين الدولتين كافية لـ” خنق ” الاقليم اقتصاديا على الاقل، بينما ما زلنا نشهد العمليات الحربية التركية في شمال العراق وشهدنا عمليات مماثلة لا يران في ذات الاقليم.
وبإمكان تركيا أن تجعل العراق كله يظمأ اذا استمرت بسياستها المائية وحجبت حصة العراق من نهري دجلة والفرات، ردا على استخدام حزب العمال الكوردي التركي الاراضي العراقية لشن عمليات ضد تركيا.
فهل قادة الاقليم مستعدون لدفع الثمن الباهض والتضحية بكل مكاسبهم السياسية والاقتصادية في مقابل دعم مجاميع من الانفصاليين سعيا وراء حلم بعيد المنال؟.
لاشك هناك استثمار للحلم الكوردي بإنشاء دولة كوردية من اعداء ايران الدوليين والاقليميين الذين يوسعون الجبهات ضد ايرانانطلاقا من شمال العراق ومرورا بأفغانستان وباكستان وتركمنستان.
وربما يتعرض قادة الاقليم لضغوط من أعداء ايران بهدف تسهيل بقاء الانفصاليين والمعارضين الايرانيين في اقليم كوردستان.
لكن مصلحة الاقليم نفسه تقتضي ان يسود السلام والوئام بينه وبين جيرانه ليستمر نموه الاقتصادي والمعيشي والعمراني، هذا عدا عن كون الاقليم ملزم سياسيا بالامتثال الى السياسة العامة للدولة العراقية التي تميل الى بناء علاقات متينة مع دول المنطقة.
قبل ايلول على العراق أن يحسم أمره ويبعد المجموعات الايرانية المعارضة عن حدود ايران، ويبدو هناك شبه اتفاق عراقي على نقل هذه المجموعات الى منطق في محافظة الانبار.!
وان صحت هذه التسريبات فالعراق أمام صفحة جديدة من التحدي، لأن بقاء هذه المجاميع في العراق وهي مرتبطة بمشروع خارجي لا ينهي تهديدها لأمن إيران.
فبإمكانها أن تنتقل من الانبار الى أي منطقة اخرى وتصل الى ايران وتنفذ عمليات مسلحة هناك بتواطؤ محلي وغطاء خارجي خصوصا وان قاعدة عين الاسد ستكون على مرمى حجر من موقعها المقترح.
وغير هذا فإن هذه المجاميع ستكون أداة بيد خصوم ايران والعراق ايضا، ولدى العراق تجربة مع منظمة مجاهدي خلق الايرانية التي شاركت بقمع العراقيين بأمر من صدام في تسعينيات القرن الماضي.
اذن الحل هو ان يُغلق هذا الملف بالكامل ويتم ترحيل المعارضين والانفصاليين الايرانيين الى دول أخرى حتى لا يتحمل العراق عبء وجودهم وتسوء علاقاته بجيرانه.