15 نوفمبر، 2024 8:55 ص
Search
Close this search box.

لمحات من تجربة الامس القريب في القطاع الخاص الصناعي العراقي

لمحات من تجربة الامس القريب في القطاع الخاص الصناعي العراقي

في ضوء حديث رئيس الوزراء العراقي
الدكتور حيدر العبادي عن القطاع الخاص الصناعي
عاد الحديث عن (القطاع الخاص) في العراق بعد ان اطلق رئيس الوزراء العراقي الدكتور حيدر العبادي ماأسماه ستراتيجية من محاور تستمر حتى العام 2030 تهدف الى تنشيط القطاع الخاص في البلاد للنهوض بالانتاج المحلي الذي شهد تدهورا منذ 10 سنوات واستميح السيد رئيس الوزراء عذرا فاقول (في الحقيقة انتهى الانتاج الوطني المحلي ولم يشهد تدهورا ) والمستفيد هو ايران وتركيا التي اصبح بلدنا سوقا لمنتجاتها .

هذا الحديث اعادني الى عام 1970 حين اصدر الرئيس العراقي احمد حسن البكر بيانا لدعم وتنشيط القطاع الخاص اعدت مسودته يومها في وزارة الصناعة والمعادن بمبادرة من الوزير طه ياسين رمضان الذي كلف يومها الدكتور فرهنك جلال الذي كان مديرا عاما للمصرف الصناعي العراقي باعداد مسودة مقترحات لذلك البيان ( ليصحح لي الصديق طلال طلعت الذي كان مديرا لمكتب الوزير يومها ) ان كان هناك من اسهم مع الدكتور جلال باعداد تلك المسودة .

التقط اتحاد الصناعات العراقي (البيان) وكلف الامين العام للاتحاد يومها الدكتور محمد خليل الطويل الصديق قحطان نشأت الاورفة لي لاعداد قائمة بالصناعيين الرواد وتنظيم ندوة موسعة لمناقشة مفردات البيان وبحكم قربي من الصديق قحطان كوني كنت اعمل مصمما ومتابعا لاصدار مجلة (الصناعي) التي كان يصدرها الاتحاد، ساهمت في تغطية تلك الندوة واذكر ممن دعي لتلك الندوة السادة محمد حديد ، خدوري خدوري، عبدالله العمري ، اسماعيل الربيعي ،محمد كافل حسين ، اديب فرجو (بسكولاته) ، اسماعيل البحراني ،حسن مهدي قنبر اغا ،جميل ثابت ، آل بنية (عبدالوهاب وعبداللطيف) ، آل الجميلي (بسكت وعصير الجميلي) ، وآل السماوي (يونس وحيدر) (آل بليبل) ،جليل خياط من اربيل ،بيت الحاج يونس من الموصل ، آل الرحماني من البصرة وصالح يونس ، نجيب حراق،صبيح الطحان يوسف الحداد، عدنان الحلي، نزار السمان من الموصل ، نايف بهنو من الموصل ، ال كبة من البصرة، يحيي النجار ، ابناء مهدي صالح الراوي، سعدالله الصباغ ( مدافيء علاء الدين) ، شركة الفا لانتاج القمصان ، شركة كربلاء لصناعة اليشماغ، شركة وسائل التدفئة والتبريد (فاير كنك) ، شركة الراديترات العراقية ، المعمل الوطني للراديترات ، احذية زبلوق، احذية دجلة، شركة مشن للمشروبات الغازية، ومن قطاع الطباعة سلمان الاعظمي ، رسمي العامل ، عيدان العزاوي، توفيق السمعاني ، فتح الله اسطيفان عزيزة ، ناظم رمزي، يحيي ثنيان، واعتذر من العشرات الذين تغيب اسماؤهم عن ذاكرتي ، في تلك الندوة التي حضرها وزير الصناعة والمعادن كان هؤلاء الصناعيين بمثابة استشاريين لاتحاد الصناعات الذي ناقش معهم مقترحاتهم وبلورها بنقاط محددة رفعت لديوان الرئاسة وصدرت بموجبها تسهيلات للقطاع الخاص .

وأسأل اليوم اين هو اتحاد الصناعات العراقي ؟ المنظمة التي تاسست بمبادرة من الصناعيين عام 1956 وظلت على مسافة واحدة من جميع الانظمة التي حكمت العراق ، وقدمت الدعم والاستشارة للقطاع الخاص واسهمت في تطويره حتى سنوات فرض الحصار على العراق ، وطيلة تلك السنوات ظل الاتحاد ممثلا لارباب العمل في منظمة العمل الدولية ومساهما فعالا في اقرار قوانين العمل وكان قحطان الاورفة لي ابرز من عمل في هذا المجال . كما ان الاتحاد كان فاعلا في الاتحاد العام لغرف التجارة والصناعة العربية وكنت شاهدا على ذلك من خلال حضوري لعدد من المؤتمرات الهامة ، بل انه كان المبادر في دعم تاسسي الغرف العربية – الاجنبية المشتركة وفي مقدمتها (الغرفة العربية – البريطانية) و(الغرفة العربية- الالمانية) .

في قرار مفاجيء نقلت العلامات التجارية من الاتحاد الى وزارة الصناعة في وقت كان فيه الاتحاد قد قطع شوطا في تطوير هذه الدائرة وتشريع قانون عصري لها وكانت وارداتها تسهم في تمويل عمل الاتحاد .

بعد الاحتلال اعتقل امين عام الاتحاد السيد طلال طلعت ومورست عليه الضغوطات لتسليم الاتحاد وموجوداته وسجن عدة اسابيع بسبب رفضه ، وضعت بعض الجهات اليد على بناية الاتحاد في ساحة الخلاني وهي بناية لم تسهم الحكومات المتعاقبة بأنشائها بدينار واحد !! وانشئت بتبرعات الصناعيين وكنت ارى قحطان الاورفة لي يتصل بالصناعيين وكذلك مدير الحسابات قدوري عبدالغفور وموظفيه سهيلة وهادي جربز لهذا الغرض ، بعد الاحتلال سارع البعض لتاسيس منظمات مرادفة صغيرة وغير مؤثرة لعبت العلاقات الشخصية والرغبة بالبروز دورا في انشائها لاضعاف الاتحاد .

لقد لعب اتحاد الصناعات العراقي دورا تاريخيا في تنمية وتطوير القطاع الخاص ، ويكفي انه كان يعد مسحا سنويا لمشريع القطاع الخاص يطبع ويوزع على دوائر الدولة ذات العلاقة والجامعات العراقية وتعتمده وزارة التخطيط وقد تناوب على اعداد ذلك المسح عبدالرزاق الربيعي وهناء الخفاجي وباسم عبدالكريم وسليم الصوافي ، وشهدت سنوات الثمانينات توجها عمليا

تنفيذيا له حين اعدت الدائرة الفنية مشاريع لتحديث بعض الصناعات حيث اعد المهندسان يوسف حسن مهدي مدير الدائرة الفنية وكمال توفيق اغا دراسة لتطوير صناعة الطابوق الطيني بادخال المحارق الاتوماتيكية ومكائن القطع لاهداف انسانية وبيئية ، ونفذ المشروع في عدد من معامل الطابوق ، كما قام المهندس عيسى كاظم باعداد دراسة لمكننة مشاريع الجص لنفس الاهداف وهناك دراسات اخرى اعدها جبر الزبيدي وجنان مهدي الصكر ونوال عبدالحميد وكمال عنبر تناولت صناعات اخرى واعد عبدالله العيثاوي دراسة هامة عن المجمعات ، كما اعد ثائر الدباغ دراسة حول تطوير الصناعات الصغيرة وهناك دراسات اعدها آخرون لاتحضرني اسماؤهم للاسف الشديد ، كما تمت مكننة العمل في الاتحاد وادخلت المعلومات في الحاسبة الالكترونية التي كانت تشرف عليها المهندسة وفاء محمد علي ، وفي فترة رئاسة عبدالقادر عبداللطيف للاتحاد اعدت الدائرة الفنية وبدعم منه دراسة لانشاء مختبرات للسيطرة النوعية تؤمن فحص منتجات القطاع الخاص وتم تنفيذها واستوردت معدات المختبر وكانت خطوة رائدة بحق وسمعت بأنها نهبت في ايام الاحتلال الاولى. والخطوة الرائدة الاخرى التي يجب عدم تجاوزها ان الاتحاد كان هو المبادر باعداد اول دراسة لاقامة بنك اهلي وقد استعان لهذا بالخبير المصرفي السيد سعدون كبه .

الذي اردت ان اقوله في هذا الاستطراد ان السيد العبادي تحدث عن القطاع الخاص وهو يدرك بالتاكيد ان ابرز الصناعيين الذين يملكون تراكم خبرة في الميدان الصناعي هم الان خارج العراق ، واللذين يتحكمون في السوق اليوم هم ( تجار عصر مابعد الاحتلال) وهؤلاء لايمكن ان يقيموا صناعة وطنية من جديد فالصناعة تحتاج الى سنوات كي تحقق نسبة ارباح معقولة وهؤلاء اعتادوا على الربح السريع ولايملكون اية رؤية ستراتيجية لاقامة صناعة في هذا القطاع ،وهناك حقيقة اخرى يجب عدم تجاهلها وهي ان الصناعة الناشئة بحاجة الى اجراءآت حمائية، وكان اتحاد الصناعات العراقي بالتعاون مع لجنة تنظيم التجارة الداخلية ومركز التقييس والسيطرة النوعية يقوم باعداد دراسة حماية لكل صناعة جديدة ويقدر نسبة الحماية التي يمنحها لها ، وفي ضوء ذلك يتم تحديد اجازات استيراد المواد المشابهة وهذا ليس ممكنا في ظل سياسة الباب المفتوح للاستيراد ولن يسمح به ( كواسج) الاستيراد المرتبطين بشراكات ووشائج متينة مع اطرف سياسية نافذة .

بتقديري أن الخطوة الاولى لوضع ستراتيجية حقيقية للقطاع الخاص تتطلب من السيد العبادي دعوة الصناعيين الرواد الاحياء الذين مازالوا يمتلكون الرؤية الواضحة لهذا القطاع الى مؤتمر تطرح فيه الافكار وتناقش كي يتم تحديد الصناعات التي يجب تحفيز هذا القطاع على اقامتها في المرحلة القادمة ، ان هناك روادا ساهموا في نهضة القطاع الخاص مازالوا يمتلكون القدرة على تقديم الافكار البناءة للقطاع وهناك موظفين وخبراء رافقوا رحلة هذا القطاع في سنوات ازردهاره .

ياسيادة رئيس الوزراء وجه الدعوة للصناعيين الحقيقيين ، محمد كافل حسين ،عدنان الحلي، فؤآد ساعور، عبدالوهاب بنية ، سعد الراوي، موفق العلاف ،يوسف الحداد، حسن قنبر اغا ، عمر البجاري، اسطيفان فتح الله عزيزة والعشرات غيرهم وليس صعبا ابدا ان تقدم لك سفارات العراق عناوين اقامتهم ، ايضا وجه الدعوة للموظفين الذين رافقوا مسيرة اتحاد الصناعات العراقي قحطان الاورفة لي طلال طلعت، يوسف حسن مهدي ، هناء الخفاجي باسم عبدالكريم ، جبر الزبيدي ، ثائر الدباغ ، عبدالله العيثاوي وغيرهم من الاحياء كل هؤلاء يمكن ان يقدموا لك صورة واضحة عن الخطوات الاولى الواجب اتخاذها للبدء ببناء القطاع الخاص الذي تهدم وانتهى دوره في سنوات الاحتلال .

[email protected] [email protected]

أحدث المقالات

أحدث المقالات