18 ديسمبر، 2024 7:41 م

لمحات عن توظيف العهد القديم في القرآن

لمحات عن توظيف العهد القديم في القرآن

تصدر موروث العهد القديم ، من قصص وسيرة أنبياء ورسل وأحكام وشرائع وعادات وسنن .. في القرآن كنصوص ، وشكل هذا الوضع حالة أشكالية ، في كيفية تفسيره من قبل المفسرين والمحدثين والفقهاء ، وأرى أن هذا الوضع ، لا بد من التوقف عنده ! . هذا الأمر الذي وددت أن أسرد بعض اللمحات عنه – بقراءة حداثوية ، وذلك حتى أبين بعض التداخل ” بين هذا الموروث والنص القرآني ” ، مبينا بعض الشواهد كأمثلة .

الموضوع :
النص القرآني معبأ ، حتى الأشباع بمورث العهد القديم ، وهناك العشرات من النصوص القرآنية التي تتحدث عن هذا الموروث ، ونحن هنا ليس بصدد سرد تفاصيل هذه النصوص / لأن هذا ليس غاية هذا المقال ، ولكني سأتعرض لها كشواهد وكأعداد ، فمثلا : (1) ذكر اسم نبى الله ( موسى ) فى القرآن الكريم مئة وستا وثلاثين مرة . فى أربع وثلاثين سورة من القران الكريم / نقل من موقع خادم القرآن . (2) أنّ بني اسرائيل ذكروا في القرآن واحد وأربعون مرّة ، و كذلك وردت كلمة اسرائيل منفصلة ثلاث مرات ليصبح المجموع أربعةٌ وأربعون مرّة / نقل من موقع المرجع . (3) مكسيم رودنسون” في كتابه ” محمد “، يقول : إن قصص القرآن ما هي إلا ترديد لما تعلمه محمد وسرقه من الأديان السابقة ، ومن الكتب اليهودية .. (4) وردت كلمة ( اليهود ) في القرآن الكريم ثمانية مرات ، ووردت كلمة ( النصارى ) أربعة عشر مرة ، ووردت كلمتي ( يهودياً ونصرانياً ) مرة واحدة وفي آية واحدة في سورة آل عمران / نقل من موقع اللمسات البيانية . (5) وفي مقال للدكتور كامل النجار ، منشور في موقع / الحوار المتمدن ، يبين أنه هناك تشابها بين الشريعة اليهودية والأسلامية ، ويبين ( .. ولكي نطلع على التشريع اليهودي لا بد أن نقرأ العهد القديم ، ثم التلمود . والمطلع على هذين الكتابين يجد تشابهاً كبيراُ بين القصص والأحكام اليهودية والإسلامية مما يجعل احتمال أن تكون الصدفة هي العامل الرئيسي فيه احتمالاً بعيداً .. ) . (6) وقد بين المستشرقون بعلاقة القرآن بكل من اليهودية والنصرانية ، وأنقل بأختصار مقالا من موقع / تفسير ( أهتمَّ المستشرقون بشكلٍ عامٍّ ببحث علاقة القرآن بكلٍّ من اليهودية والنصرانية ، وهو البحث الذي قام وتأسّس على نظرية أو منهج ( التأثير والتأثر ) القائل باقتباس القرآن من العهدَيْن القديم والجديد ، وقد أخذ هذا البحث الاستشراقي عدّة أوجه ؛ فمنه مَن ركَّز على قصص القرآن عامّة ، ومنه من ركَّز على قصص شخصيات بعينها في القرآن لا سيما الرسل والأنبياء ، ومنه من ركَّز على لغة ( لفظ ) وأسلوب القرآن كذلك . بالنسبة لقصص القرآن تحديدًا ومقارنته بقصص كتب اليهود والنصارى المقدّسة في كتابات المستشرقين ، فقد بدأ هذا الاتجاه الاستشراقي في القرن الـ19 م بظهور بعض الدراسات المرتبطة بأهل الكتاب في القرآن ؛ مثل دراسة سيمون فايل عن التوراة في القرآن ( شتوتجارت 1835م ) ومقالات هيرشفيلد حول الدراسات اليهودية – الإسلامية التي نُشرت في مجلة الفصول اليهودية 1910-1911م . ولا تزال الدراسات الاستشراقية المعبرة عن هذا الاتجاه مستمرة إلى يومنا الحالّي ) . * لا حاجة لنا لذكر جميع النصوص القرآنية التي تردد ذكر موروث العهد القديم من أنبياء ورسل – وذلك لأن الوضع سيحتاج الى مجلدات ، ولا حاجة لنا أيضا ، لذكر القصص المنقولة من العهدين القديم والجديد ، لأنها معروفة عند المطلعين وحتى عند العامة ، والوضع كذلك بالنسبة لباقي الأمور من تشابه في الشرائع والعادات والسنن .. المقال هو مجرد لمحات ، وغايتي هو سرد قراءتي الخاصة ! . ولكني سأسرد بعض المشتركات على سبيل المثال وليس الحصر . * و من هذه المشتركات بين الموروث اليهودي والأسلام : في موقع / وزارة الخارجية الأسرائيلية ، نشر مقال لنبيل الحيدرى ، أنقله بأختصار ( وقد كان إبراهيم أبا للديانات الثلاث اليهودية أولا ثم المسيحية ، ثم لاحقا الإسلام ومن إبراهيم جاء ولداه إسحق وإسماعيل ليكون اليهود والعرب أولاد عم رحما وقربى . قال تعالى ( قولوا آمنا بالله وما أنزل إلينا وما أنزل إلى إبراهيم وإسماعيل وإسحق ويعقوب والأسباط وما أوتى موسى وعيسى../ 136 سورة البقرة) ، وأعتبار الأنبياء على خط وهدف واحد ومبادئ واحدة لأنها من مصدر واحد هو الله ، فقد قال سبحانه ( إنا أوحينا إليك كما أوحينا إلى نوح والنبيين من بعده وأوحينا إلى إبراهيم .. / 163 سورة النساء ) ، وتجد المشتركات فى التشريعات والمبادئ والقيم مثلا تحريم قتل النفس البريئة فقد جاء فى القرآن ( كتبنا على بنى إسرائيل أنّه من قتل نفسا بغير نفس أو فساد فى الأرض فكأنّما قتل الناس جميعا . / 32 سورة المائدة ) ، ومن القصص : قصة آدم وحواء ومعها قصة الشيطان والنزول إلى الأرض ( وإذا قلنا للملائكة اسجدوا لآدم فسجدوا إلا إبليس أبى .. / 34 سورة البقرة ) – هذه كانت الخطيئة الأولى ، وكانت الخطيئة الثانية – فى أبنيهما قابيل وهابيل حتى يقتل الأخ أخاه ( فطوعت له نفسه قتل أخيه فقتله فأصبح من الخاسرين / 30 سورة المائدة ) ، وقصص أبراهيم ولوط وسليمان ويعقوب وداود ويوسف وغيرهم . * ومن موقع / أجيب ، كتب د . محمد أبومسامح ” أن حد الردة في اليهودية هو القتل ، وذلك وفق ما جاء في سفر التثنية 13 : 1-11 ، وهو متطابق مع الأسلام . * وكذلك الختان فهو مشترك بين اليهودية الأسلام ، فقد جاء في موقع أسلام ويب ، التالي (( فالختان : أمر ثابت مشهور في شريعة اليهود ، قال دكتور عبد الوهاب المسيري في ( موسوعة اليهود واليهودية والصهيونية ): يختن الطفل اليهودي بعد ميلاده بسبعة أيام على الأكثر ، حتى ولو وقع اليوم السابع في يوم السبت ، أو في عيد يوم الغفران ، أكثر الأيام قداسة . وقد ذُكر الختان في العهد القديم في ثلاثة مواضع .. )) .
القراءة : أولا – أن هذا التوظيف لموروث العهد القديم / وبشكل أو بأخر العهد الجديد ، في القرآن ، ، يعطي لنا أشارة أو تلميح ، حول من وضع النص القرآني ، ومن شارك بكتابته ، ومن صاغ نصوصه ، ومن رتب سرده للوقائع والأحداث ، خاصة في القرآن المكي ! ، لأن هذا التوظيف لم يأتي صدفة ، كما أن التطابق في بعض الشرائع والأحكام والقصص و .. ، لم يكن محض توارد صدف للوقائع والأحداث ، أرى أنه كان مقصودا من قبل نبي الأسلام في كتابة القرآن .

ثانيا – أني أرى من هذه التعبئة لفكر ومعتقد موروث العهد القديم في القرآن ، كان له غرضا مستقبليا ، وهو أستمالة اليهود من أجل الدخول في دين محمد ، ولكن هذا الأمر لم يتحقق ! .

ثالثا – عندما لم تتحقق غاية محمد وقرآنه ، بدأت الأوضاع والأحداث تتغير ، وذلك من وجهة نظر محمد وأتباعه بالنسبة لليهود ، وبدأ الأمر : بشبهة تحريف اليهود لكتبهم . فقد جاء في موقع / الدرر السنية ، التالي ( قد شهد الله عزَّ وجلَّ بتحريف اليهود لكتابهم ، وأبان عن هذا في القرآن الكريم في مواضع عديدة ، فمن ذلك قوله عز وجل { أَفَتَطْمَعُونَ أَن يُؤْمِنُواْ لَكُمْ وَقَدْ كَانَ فَرِيقٌ مِّنْهُمْ يَسْمَعُونَ كَلاَمَ اللّهِ ثُمَّ يُحَرِّفُونَهُ مِن بَعْدِ مَا عَقَلُوهُ وَهُمْ يَعْلَمُونَ / سورةالبقرة: 75. } ، فهذا فيه دلالة على أنهم غيَّروا وبدَّلوا عن إصرار وعلم. وقوله عزَّ وجلَّ { فَوَيْلٌ لِّلَّذِينَ يَكْتُبُونَ الْكِتَابَ بِأَيْدِيهِمْ ثُمَّ يَقُولُونَ هَـذَا مِنْ عِندِ اللّهِ لِيَشْتَرُواْ بِهِ ثَمَناً قَلِيلاً فَوَيْلٌ لَّهُم مِّمَّا كَتَبَتْ أَيْدِيهِمْ وَوَيْلٌ لَّهُمْ مِّمَّا يَكْسِبُونَ / سورة البقرة: 79 } .

رابعا – ثم أنجر الأمر الى تصفية اليهود من بلاد المسلمين ، فقد جاء في موقع / الألوكة ، حول أقوال المستشرقين التالي ( ومن أبرز مطاعن مفكري الغرب ضد الرسول ، وقد تشككوا في أسباب محاربة الرسول لليهود ومن ثم إجلائهم عن المدينة ، ولكن الوقائع تثبت من الوجهة العقلية والشرعية كيف كان المصطفى عادلاً في حكمه وتصرفه ، إزاء ما فعلوا وغدروا بالمسلمين .. كثير من كتابات المستشرقين ومطاعنهم كانت موجهة نحو ما فعله الرسول مع اليهود من : محاصرة ، وطرد ، ونفي ، وأسر، وسبي ، وقتل . وأبرز هؤلاء المستشرقين كان متأثرًا بما بثه اليهود من دعاية مضادة ضد الإسلام ..) .

خامسا – ونذكر في عملية تصفية اليهود ، أول مذبحة للأسرى في التاريخ الأسلامي المبكر ، وهو ما حدث مع يهود بني قريظة ، ووردت تفاصيلها في المصادر والمراجع الأسلامية ، وسوف أورد هنا فقط حكم قتل أسراهم ، بتحكيم سعد بن معاذ / الذي كان حليفا لبني قريظة في الجاهلية ، ظنا من اليهود أن سيحسن في حكمه أليهم ، وكان حكمه بما يلي : ( أمر بني قريظة أن ينزلوا من حصونهم وأن يضعوا السلاح ففعلوا ، ثم قال : ” إني أحكم أن تُقتل مقاتلتُهم وتُسبَى ذريتُهم وأموالهم ” ، فقال رسول الله : « حَكَمْتَ فيهم بحُكْمِ اللهِ الَّذِي حَكَمَ بِهِ فَوْقَ سَبْعِ سَمَاوَاتٍ »!! فقتل رجالهم ، وسبي نساءهم وذراريهم ، ومَن لم يُنبِتْ من أولادهم ، ولاقى بنو قريظة أسوأَ مصير على أفظع خيانة ../ نقل بأختصار من موقع طريق الأسلام ) . * مما سبق نلاحظ نوعا من المرحلية في التعامل مع اليهود / بني قريظة وقنيقاع والنضير .. ، أول الأمر ، ذكر تام لهذا الموروث في القرآن ، وعندم لم تتم أسلمة اليهود ، بدأت مرحلة دعوى تحريف اليهود لكتبهم ، ومن ثم تم تصفيتهم !! .
لمحة أخيرة :
مما سبق تتضح عدة محاور ، وهي : (1) هل شارك أحبار اليهود في كتابة القرآن ! ، وأرى أن هذا الأحتمال ضعيف . (2) الأمر الذي يأخذ وضعا أكثر عقلانية ، وهو أن كتبة القرآن نهلوا من موروث العهد القديم والجديد ، من أجل مرحلة جذب اليهود الى دين محمد ، وذلك على أساس التطابق في الشرائع والأحكام ، ولكن لا يمكن لليهود أن يؤمنوا بمحمد وقد دبروا سحرا له ، فقد جاء في موقع / الأمام بن باز ( تعرض لمحمد شخص من اليهود يدعى : لبيد بن الأعصم ، فعمل له سحرًا في مشط ومشاطة وجف طلعة ذكر النخل ، فصار يخيل إليه أنه فعل بعض الشيء مع أهله ولم يفعله ، لكنه أحس بشيء أثر عليه بعض الأثر مع نسائه ، كما قالت عائشة : إنه كان يخيل إليه أنه فعل بعض الشيء في البيت مع أهله ، وهو لم يفعل ) . (3) لو تجاوزنا حقبة الأسلام المبكر ، الى الوقت الحاضر : التساؤل الأن ، أن فقهاء ومفسري القرآن على درجة عالية من التحليل والبحث والأستقصاء ، عجبا بماذا يحللون هذا التطابق بين الكثير من الأحكام والشرائع بين القرآن وموروث العهد القديم ! . وأرى أن الجواب هو : أنهم متيقنون تماما من أن أمرا مبهما دبر بهذه النصوص التي تذكر وتردد أخبار وقصص أنبياء ورسل العهد القديم ، ولكنهم بالتأكيد يعتقدون بأن قول كلمة حق سوف تزلزل هذا الدين ، لذا فهم يرقعون الوضع ترقيعا ! .