8 أبريل، 2024 9:44 ص
Search
Close this search box.

لماذا ينتقص البعض من عراقيته او عروبته ؟

Facebook
Twitter
LinkedIn

رأينا جميع شعوب العالم سواءا العربيه منها او الإقليميه او العالميه وهي تفتخر بتاريخها وتكيل المديح له وتنشد الأشعار والاغاني وتكتب القصص عن بطولات وملاحم ومآثر ربما هي ليست من الحقیقه فی شيئ, وقد يكون مبالغ فيها.. ولكنهم يسردون التاريخ على هذه الصوره… وهذا من حق الشعوب في ان تفتخر بتأريخها في محاوله لتنقيته من كل شائبه واظهاره ناصعا كبياض الثلج كي يعطيها دفعه معنويه الى الأمام …

اما في العراق فالأمر مختلف عند البعض.. واخشى ان اقول اكثر من البعض ممن يسردون كل يوم قصص الخذلان والخيبه التي مرت بتاريخ العراق او العرب يوما وينتقصون من العراق وشعب العراق ومن العرب في ظاهره غريبه في ان يتنكر المرء من اصله وتاريخه..
والأغرب من ذلك هو في ايمان البعض بمقولات قديمه قالها البعض في موقف وظرف ما او كانت تخص حاله معينه لتصبح دستورا اوكلمات مقدسه منزله من السماء..

مثلا لازال البعض يردد مقوله المتنبي الكوفي .. يا امة ضحكت من جهلها الامم..في محاوله لتسفيه العرب او المسلمين؟؟
ولقد اصبحت تلك المقوله عنوانا لمئات المقالات والكتب التي ضجت بشتم العرب ولربما الإمه الإسلاميه ككل..
فالملحدون مثلا وظفوا تلك المقوله للإنتقاص من الإسلام والمسلمين..
والكتاب الفرس والكرد من العنصريين وظفوها لشتم العرب..
ولكن هل يشتم المتنبي أمة هو منها ليشتم بذلك نفسه وهو القائل مفتخرا..

سيعلم الجمع ممن ضم مجلسنا   بأنني خير من تسعى به قدم
انا الذي نظر الاعمى الى ادبي   واسمعت كلماتي من به صمم
انام ملئ جفوني عن شواردها    ويسهر الخلق جراها ويختصم
الى ان يصل بقوله
والخيل والليل والبيداء تعرفني    والسيف والرمح والقرطاس والقلم
كذلك قوله..
كم تطلبون لنا عيبا فيعجزكم           ويكره الله ماتأتون والكرم
ما ابعد العيب والنقصان عن شرفي    انا الثريا وذان الشيب والكرم

فهل هذه كلمات لشاعر يشتم أمة وهو يعتز بنفسه كل هذا الإعتزاز؟؟
فكيف تمكن من الإعتزاز بنفسه مع كل هذا الجهل والإنحطاط المفترض لهذه الامه .؟؟؟
وهذا يذكرني ببعض الكتاب والمثقفين الذين ليس لهم هم سوى الإنتقاص من العرب والعروبه.. فهم يقتنصون الفرص وكل كلمه وجمله ليؤولوها كي تتماشى مع منطلقهم في شتم وانتقاص العرب..
البعض يختزل العرب كلهم في بضعه شيوخ فاسدين في دول الخليج العربي وهم يمارسون الرذيله هنا او هناك… ليصبوا جام غضبهم على العرب جميعا..
فهل من العدل المقارنه بين عراقي او مصري او يماني فقير بسيط مع شيخ ثري من شيوخ الخليج وهو ينثر الدولارات فوق رؤوس الراقصات؟؟؟
والعجيب ان البعض يُسقط تلك الأفعال المشينه على عرب العراق وكأنه مكتوب علينا ان نحمل جريرة غيرنا..

اما لو انتقلنا من الشعر الى علم الإجتماع فنجد ان الكثير قد اتخذ من دراسات المرحوم الدكتور علي الوردي مرجعا لإشباع رغباته في شتم الشعب العراقي خصوصا في كتابه شخصية الفرد العراقي وکتاب لمحات اجتماعيه من تاريخ العراق الحديث..
لم يكن علي الوردي على حق وهو يصف العراقي بأنه شخص عنيف على عكس المصري المعتدل, معزيا ذلك الى اتزان نهر النيل وفيضان انهار العراق..حيث طبيعه الأنهار اثرت على شخصيتهما وفق طبيعتها..
لا ادري ماهي العلاقه السايكولوجيه او الفسيولوجيه بين النهر وبين بني آدم؟؟؟
وان كان ممكن للطبيعه ان تصيغ حياة الشعوب فهل تحوي انهار الدانوب  والتايمز والراين مواد عنصريه او مساعده على ممارسة العنف جعلت الكثير من تلك الشعوب تعادي الجنس الآخر او تعادي بعضها البعض لتندلع اعظم حربين كونيتين الاولى والثانيه والتي حصدت عشرات الملايين من البشر؟؟

والعجيب في ذلك انه قد انبرى الكثير من الكتاب والذين لهم وزن وشهره وهم يستشهدون بمقولات الدكتور علي الوردي وكأنها كسابقتها كلمات المتنبي قرآنا تمشي على الأرض!!!
ولكن رأينا ماحصل في مصر ورأينا البلطجيه والعنف الذي ساد مصر ورأينا كذلك الضحايا وموقعة الجمل والى آخره مما حصل هناك بين انصار الرئيس السابق حسني مبارك وبين الثوار وكذلك بين المسلمين والمسيحيين..فأي اختلاف بين الشعب المصري والشعب العراقي ياترى؟؟
 
اما في العراق فقد رأينا الشقاوات والعصابات والتكفيريين وهم يفتكون بالعراقيين..ورأينا بالمقابل غيرة وشهامة الكثيرين وهم يذودون بأرواحهم لحماية العراقيين.. فهل نسينا عثمان ونزهان او رجال الشرطه وهم يقبضون على الإرهابيين ويحتضنوهم لمنعهم من تفجير انفسهم ليُقتلوا في سبيل الله والشعب العراقي…؟؟؟؟اي ان كل بلد فيه الخير وفيه الشر..فلماذا هذا التركيز الساذج على الشعب العراقي؟؟؟

كما اتهم الدكتور على الوردي الشخصيه العراقيه بالإزدواجيه.. وقال الشعب العراقي ليس منافقا ولا مرائيا بل هو في الواقع ذو شخصيتين اذا عمل بإحداها ينسى مافعل انفا بالشخصيه الأخرى..فالمسلم العراقي من اشد الناس غضبا على من يفطر علنا وهو من اكثرهم افطارا..
وكذلك وصفه العراقي انه من اكثر الناس هياما بالمثل العليا ولكنه مع ذلك من اكثر الناس انحرافا عن هذه المثل…ناهيك عن وصف الوردي للعراقيين بأنهم في صراع بين شخصيتي البداوه الحضاره..فهو اي العراقي شهم شجاع في وقت.. وفي وقت آخر خاضع خانع ذليل..
ونحن نرى ان هناك الكثير ممن آمنوا بكلمات الدكتور علي الوردي واعتبروها سندا موثوقا بحق الشعب العراقي..وهذا شيئ غريب ان ينعت المرء نفسه بالإزدواجيه والنفاق وبالخضوع والخنوع!!
ولكن لم يبين لنا الدكتور علي الوردي ولا الذين آمنوا بكلماته لماذا وكيف يكون الشعب العراقي في ساعه على هذه الصوره وفي ساعه اخرى يكون على غيرها؟؟؟
ولم يبين لنا احد ما اذا كانت الشعوب المجاوره العربيه والإقليميه على نفس طبيعة الشعب العراقي ام لا؟؟
ولم يبين لنا الدكتور علي الوردي ولا احد من الذي آمنوا بكلماته هل أخذ الدكتور علي الوردي عينات من الشعب العراقي لدراستها حتى يخرج بتلك النتيجه..؟؟ ام الامر مجرد تخمين او حاله خاصه او شاذه حصلت هنا او هناك .؟؟؟

اما اذا انتقلنا من علم الإجتماع والشعر الى رجال الحكم فإننا امام مقوله للملك فيصل الأول قال فيها عن العراقيين..
أقول و قلبي ملآن آسى… أنه في اعتقادي لا يوجد في العراق شعب عراقي بعد، بل توجد تكتلات بشرية خيالية، خالية من أي فكرة وطنية، متشبعة بتقاليد وأباطيل دينية، لا تجمع بينهم جامعة، سماعون للسوء ميالون للفوضى، مستعدون دائما للإنتفاض على أي حكومة كانت، فنحن نريد والحالة هذه أن نشكل شعبا نهذبه وندربه و نعلمه، ومن يعلم صعوبة تشكيل وتكوين شعب في مثل هذه الظروف يجب أن يعلم أيضا عظم الجهود التي يجب صرفها لإتمام هذا التكوين وهذا التشكيل.. هذا هو الشعب الذي اخذت مهمة تكوينه على عاتقي…

عجبا !! رجل جاء به الإنكليز من الجزيره العربيه ليس بعراقي ولا يتكلم اللهجه العراقيه ولايعرف تقاليد وعادات واعراف الشعب العراقي ولم يعش ساعه قبل ذلك بينهم ياتي ليشتم ويسب العراقيين هكذا بكل جرأه لياتي البعض ليطبل ويزمر لتلك المقوله وكانه أتى بالذئب من ذيله!؟!؟!؟

ثم هل يوجد هناك في العالم من استطاع ان يجمع بضعة بشر ليكون بهم شعبا يهذبه ويدربه ويعلمه…؟؟؟ اي سفسطائيه غريبه يتحدث بها الملك فيصل..؟؟
وهل الشعوب مدرسه او كورس تعليمي او فرقه مرسيقيه ليطبق الملك فيصل نظرياته الكونيه الفذه في التربيه والأخلاق عليها؟؟؟؟
الشعوب مخلوقه موجوده على الارض لايمكن ان يخلقها بشر ليصنعها ويصيغها كما يشاء, وليس لأحد بفضل على هذا الشعب او ذاك ..فالشعوب محكومه بظروفها الجغرافيه والتاريخيه وبمعيشتها وثقافاتها وعاداتها وبثرواتها وقوتها وسكانها.. والى اخره..

لقد التقيت طيلة حياتي مع انواع البشر ومن مختلف الأعراق والإثنيات..
التقيت بالتركي والكردي والفارسي والإنكليزي والسويدي والدنماركي والإيطالي والهندي والتايلندي والفنلندي والبوسني والصربي والكرواتي وغيرهم الكثير..
لم اسمع اي منهم يشتم اهله وقومه كما نفعل نحن…!!؟؟
هناك الكثير من المثقفين في حال تقييمه لموضوع ما فإنه يشتم اول مايشتم العرب او الشعب العراقي… وينعتهم بأقذع الألفاظ…
فهناك مثلا من يختزل العرب كلهم ببضعة فاسدين في الخليج العربي… ويقوم بإسقاط كل افعالهم على العرب جميعا.. بل يتطرف ليشمل عرب العراق وحتى المسلمين معهم..

هناك هجمه ليست فقط من الغرب على العرب بل من العرب على العرب انفسهم.. فهم متأثرون بإيحاءات الغرب في هذا الموضوع.. ليكتبوا تقليدا ومحاكاة لما يكتبه الغرب ومايعتقد به..
ليس كل التاريخ العراقي والعربي سيئا.. فهل نسينا العصر الذهبي ؟؟ وهل نسينا العلوم والإكتشافات العربيه.؟؟ وهل نسينا علمائنا وادبائنا ومفكرونا ؟؟ فلماذا التركيز دوما على الايام السوداء في التاريخ؟؟؟
لماذا نسير كالنائم مغناطيسيا وراء ايحائات الغرب لنا؟؟؟
وهل تاريخ الغرب ناصع كبياض ثلوج اوروبا..؟؟
من هو السبب في الحروب الصليبيه؟؟
ومن كان السبب في قتل عشرات الملايين في الحربين العالميتين؟؟
ومن استعبد مئات الملايين من الأفارقه؟؟
ومن قتل عشرات الملايين من الهنود الحمر..؟؟
ومن قتل اكثر من عشرين مليون ابورجيني اي سكنه استراليا الأصليين؟؟
من احتل فيتنام وكمبوديا والصومال وافغانستان والعراق والكثير من الدول في اسيا وامريكا اللاتينيه التي خربت بعدما كانت عامره؟؟؟
هذه بضعة نقاط سوداء في تاريخ الغرب .. الا انه لايستحضرها ولا يذكرها احد بالمره.. فقط التركيز يكون على نقاط تاريخنا السوداء من قبل البعض وهم لايفتأون يذكرون تارخ العراق والعرب وكانه قطعة من جهنم..!؟!؟
يذكرون كل مايسوء الشعب العراقي في كل كلمه يكتبونها….
 
اتقوا الله في هذا الشعب..فالشعب العراقي شعب كباقي الشعوب .. فيه الطيب وفيه الخبيث .. وفيه الحسن وفيه السيئ.. الشعب العراقي لايدعي معرفه السماء.. ولا يدعي البطولات الخارقه وفعل المعجزات.. تاريخ العراق مثل تاريخ بقية الشعوب.. فيه يوم ابيض ويوم اسود.. وحضارات العراق شيئ لايدعيه العراقيون كذبا.. هي حقيقه واقعه لازالت تحاكي الحاضر والمستقبل.. على مر التاريخ كان في العراق علماء ومثقفين ومفكرين ..وكان فيه شعراء وادباء وفيه كذلك المتعلم وغير المتعلم .. وفيه من كل انواع البشر… تماما مثل اي شعب في العالم.. فلماذا التركيز على العراق فقط…؟؟

مقالات اخري للكاتب

أخر الاخبار

كتابات الثقافية

عطر الكتب