20 أبريل، 2024 8:17 ص
Search
Close this search box.

لماذا يموت أدباء ومثقفي العراق في الغربة ?

Facebook
Twitter
LinkedIn

يدور سؤال في الأذهان لماذا المشهد الثقافي العراقي حمل استثنائه وغرابته ؟
و يزداد تعقيدا”كلما كانت البلاد المفتوحة جراحها على امتداد الأفق تدخل في أتون الأزمات والحروب !!
وهل مثقففوا العراق ضحايا الصراعات السياسية بكل ألوانها ؟
من المؤكد أن الخشية من الدور التنويري الذي يلعبه المثقف في حياة المجتمع له الأثر في تعرض أدباء العراق ومثقفيه إلى الاعتقال والتشرد والتصفيات الجسدية فعلى الرغم من الاختلافات السطحية في صوره من حكموا ويحكمون ألان منذ تأسيس ألدوله العراقية في أب 1921لم تتغير صورة المشهد بل صارت أكثر قتامه وسوداويه ودمويه !
بل الصحيح ايضا أن مثقففوا العراق ضحايا الصراعات السياسية بكل ألوانها ؟
فالشاعر محمد صالح بحر العلوم عانى من الاضطهاد والملاحقة بسبب مواقفه من الاحتلال البريطاني و احمد الصافي ألنجفي احد المساهمين النشطاء مع ثوار ثورة العشرين لم يسلم من المصير ذاته حتى اعتقل في لبنان
والرصافي صاحب الموهبة الفذة والشعر العامر بالمواقف الوطنية عانى شظف العيش ودفع ثمنا” غاليا لعدم سكوته على أوضاع بلده
مثلما مات الاسطوره بدر شاكر السياب غريبا بعد أن مات ألاف المرات جوعا وفقرا
لقد حاولت الأنظمة المتعاقبة على العراق عزل المثقفين عن الشعب ساعد ذلك الاتساع الكبير لأعداد الأميين وافتقار أدوات التواصل معهم و فرضت قيودا على حركتهم و حصرهم في دوائر ضيقه يتداولون إنتاجهم مع زملائهم من المثقفين بعيدين عن الجمهور الذي تريده القوى والأحزاب مغيبا
فالبيئة الحاضنة للاستبداد والطغيان السياسي هي التي دفعت أدباءنا ومثقفينا للهجرة بحثا عن مكان مؤقت ينظرون منه إلى وطنهم وكلهم حسرات مثلما وصف الشاعر عبد الوهاب ألبياتي صاحب( الأباريق ألمهشمه ) عن مكان (( من لإمكان – تحت السماء – في داخلي نفس تموت- بلا رجاء- وانأ آلاف السنين متثائب ضجر – حزين- سأكون – لاجدوى سأبقى دائما لا مكان )
وشاعر العرب الكبير محمد مهدي ألجواهري تعرض إلى الاعتقال والنفي بكل مراحل ألدوله العراقية ملكية كانت أم جمهورية حتى مات غريبا ليدفن في مقبرة الغرباء وكتب على قبره (هنا يرقد بعيدا عن دجله الخير )
وبلند الحيدري الشاعر العملاق مات في بلاد القارة الجديدة في احدي مشافي نيويورك ( اشعر أني ادفن شيئا مني – وصمتي وبلهفة – قد يسمع صوتي – قد ترجع نبرة الحزن في صوتي – من يدري ) لكن لم يعد بسمع صوته فقد دفن أشياء في صمته الموحش القاحل وحمل جثمانه ثلة في نهار مفجع
والبويهمي الجميل جان دمو والذي قال عنه الكاتب عبد القادر الجنابي ( مثلما تموت الفيلة الصغار وحيده ) مات وحيدا” والحنين إلى بواكير الطفولة يعتصره ( كم بعيده طرق الطفولة المعذبة – كم قريبه طرق الموت )
ورائده الشعر الحر نازك الملائكة (عاشقه الليل ) هذا الرمز العراقي والنخلة السامقة تدفن في قاهره المعز
ويوسف الصائغ النازل من نصب الحرية في ألليله قبل طلوع الفجر معترفا لمالك بن الريب بتفاهة مايجري في بلاد النهرين مات حالما ان يصعد مره أخرى إلى نصب الحرية فلا يرى هناك همرالمحتل الأمريكي تقف تحت النصب
والقائمة تطول فالكاتبة والرسامة التشكيلية تحرير السماوي ماتت في بلاد الضباب وبهيجة الحكيم لازالت صورها وهي تنظر بابتسامه غامضة كلها حنين إلى معرض في بلاد الشمس والضياء ودعته إلى الأبد …. مثلما كان فائق حسن تئن روحه إلى جداريته التي علاها الغبار والإهمال
وسركون بولص صاحب ألعماره الشعرية ذات الأعالي والسفوح كما يقول الكاتب عباس بيضون مات في بلاد البرد وحيدا مثله السومري الجميل كمال سبتي
وغائب طعمه فرمان كان يبحث عن نخلته بين ثلوج موسكو وعن الجيران حارب ألعزله في مدن تعتبرهم غرباء لا أحدا سمع بموته فقد كان العالم عيونا مفتوحة تشاهد ألعاب الطائرات وهي تقصف بلاده في حرب الخليج الأولى
وعبد الخالق المختار وقاسم محمد وراسم ألجميلي هل كان موتهم مصادفه في بلاد ألغربه آم أن السياسة في بلاد النهرين لعوب وماكرة وترى فيهم خطرا على وجودها
فمات كثير منهم حسرات حين كانت قسوة المنفى اشد واكبر من أن يتحملوها
أنها مأساة أبديه كتبت عليهم وميزت حياتهم ورفعتهم فوق الإحداث

مقالات اخري للكاتب

أخر الاخبار

كتابات الثقافية

عطر الكتب