23 ديسمبر، 2024 2:54 م

يعرف علماء النفس اللغة بأنها مجموعة إشارات تصلح للتعبير عن حالات الشعور أي عن حالات الإنسان الفكرية والعاطفية ومفهوم ذلك اننا وسعنا مفهوم اللغه لتدل على جميع اللغات وما لغة الكلام إلا واحده من تلك اللغات, غير إن اللغه قد تكون مانعا من الاتصال الحقيقي بين الكائنات. هناك مثلا الدور الذي يلعبه الكذب في منعه الاتصال بين الناس ثم ان الكلمه احيانا تفقد معناها ولا تعود تحمل المعنى الحقيقي لها .

لقد أثبتت الدراسات النفسيه أن اكثر الناس يكذبون حرصا على مصالحهم ولا يجدون في هذا الكذب (الكذب الأبيض) خطا أخلاقيا وتلعب الحاله النفسيه دورا كبيرا في الميل إلى الكذب فقد اكتشف الأطباء النفسانيون أن مرضى الكذب يعانون من العصبيه والتوتر والضيق النفسي وأنهم يستعملونه كوسيله لإخفاء ما يمرون به من متاعب نفسيه ولكن هناك أناس مصابون بهذا المرض وهم فئة قليلة , إنهم يستبعدون الصدق من حياتهم فيصبح بعيدا عن كل لفظ يلفظونه والكذب في حالتهم تلك يعتبر مرضا نفسيا ترجع اسبابه الى اضطرابات نفسيه عميقه ولا يعالج الا عن طريق العيادات النفسيه ويتطلب فتره طويله جدا من العلاج المستمر, ان الميل الى الكذب يختلف بين شخص وآخر ولكن في مواقف الحياة العاديه اليوميه فانه ياخذ نفس الاتجاه تقريبا والشخص العادي يضطر الى الكذب حوالي ثلاث مرات يوميا وحوالي الف مره في السنه ومن بين المرضى موظف كان يكره عمله ولكنه لا يعترف بذلك ولا حتى مع نفسه لهذا فهو يتكلم طوال الوقت عن العمل العظيم الذي يؤديه وعن اهمية هذا العمل الخطير علما انه لا يحمل معه قلم يكتب به ويذهب الى دائرته بملابس غير مكويه وحذاء ممسوح من الاسفل يدلل على اهماله وعدم مبالاته وكثيرا ما يذهب الى الدوام متاخرا فيكذب على موظف الاستعلامات ويدعي بانه مصاب بمرض السكر والضغط (والعياذ بالله) وعند وصوله الى دائرته يذهب الى مسؤوله المباشر ويكيل له المديح والثناء حتى لا يحاسبه على التاخير ومسؤوله لا يبالي لانهما مصابان بنفس المرض.

يقال ان اقل الناس كذبأ وأكثرهم صدقا هم العلماء أولاَ يليهم الباحثون الذين يعملون في المعامل ثم المهندسون وهم لعلهم من الناس الذين تعتمد اعمالهم على المقاسات الدقيقه التي لايمكن تجاهل المليمتر الواحد فيها .ولو ان الكثير من دوائرنا الحكوميه تعج بعدد كبير من المهندسين الذين يفترشون الارض يتحدثون لبعضهم عن افكارهم السياسيه والعشائريه والعائليه والكثير منهم يطل

علينا من خلال الصحافه الخاصه والعامه بزياده الانتاج وتضخيم الانجازات الجباره التي يقومون بها وكما قال احد خطباء الجمعه بأن من يشاهد الفضائيات العراقيه ويقراء الصحف اليوميه والمجلات يعتقد بأنه سوف ينهض من نومه مبكراَ ويرى العراق الجديد فيه شقق عملاقه وسيارات حديثه وشوارع معبده ولايشعر فيه المواطن باية ازمه سوى(أزمه المياه)لانها ازمه خارجيه جائتنا من دول الجوار.

اما ظاهرة الكذب في حق الانبياء كما في واقعة إبراهيم الخليل (ع) حينما كسر الأصنام وأبقى كبيرها فقط فلما سئل ((قالوا اانت فعلت هذا بالهتنا يا ابراهيم قال بل فعله كبيرهم هذا فاسئلوهم ان كانو ينطقون )) وقيل معناه سلوهم ان نطقوا يصدقون وان لم يكونوا ينطقون فليس هو الفاعل فقوله هذا من باب المعارضة وهي بعيده عن الكذب كما يتصورها البعض0

اما اكثر الناس ميلا الى الكذب هم الممثلون ثم السياسيون والصحفيون والفنانون لما يقتضيه عملهم من خيال واسع ولا ننسى التلفزيون وقنواته ألفضائيه والإذاعات والصحف ولا أتردد في

ان اغلب ما تاتي به هذه الاجهزه الاعلاميه هو نوع من انواع الكذب والمبالغه بالحدث ولا ينهض على اساس من العلم ….. المشكله عندنا ان من يتصدون للكتابه ليسوا من الدارسين النفسانيين والدارسون النفسانيون ليسوا ممن يجيدون الكتابه لاجهزة الاعلام المختلفه

اقول هذا لانني كثيرا ما اصتدمت باخطاء في هذا البرامج التي تعالج مشاكل الناس ….. الناس الذين يعانون من مرض الكذب والقلق وحرام ان نقدم لهم ما يزيد من قلقهم .

ومن أخطر أنواع الكذب (كذب المسئولين) الكبار في الدولة من نواب ووزراء وقضاة ومفتشين عموميين ومدراء عامين حينما يكشفوا عن ذممهم المالية لهيئة النزاهة العراقية عندما تحركت تلك الهيئة إلى المصارف والدوائر المعنية للتأكد من المعلومات التي قدموها عن أنفسهم وزوجاتهم وأبنائهم , فوجدت أغلبها غير صحيحة وتتعارض مع الحقيقة , وهذا واحده من مسلسلات الكذب العام في المجتمع العراقي الجديد إلا وهي( كذب المسئولين الكبار في الدولة).

لقد تحدثت يوما الى احد المديرين …. وكان قد ارتفع من طفوله فقيره الى النجاح في الوصول الى منصبه الحالي .وعزا نجاحه الى فلسفه اخذها من ايام طفولته في الشوارع وقال ((لقد علموني ان العالم غابه …انه الواحد ياكل الاخر …وعليك ان تتغلب على الشخص الاخر اولا والا تغلب عليك )) كان للرجل جو عدواني فظ قد يفسره البعض على انه ثقه بالنفس تماما وهكذا بالرغم من المظهر الخارجي للثقه بالنفس الذي يبدو على هذا الرجل فان عدم اطمئنانه الداخلي قد استنفذ المتعه في حياته

ان قانون الغابه الذي يؤمن به هذا الرجل يتطلب يقظة وحرصا دائميين فليس له حياة او هوايات اخرى انه يجعلك تخاف ان تعمل بطريقه خلاقه تخاف من التغيير… تخاف من المستقبل ….

انه يجعل كل صديق يبدو عدوا لك يهددك بالخطر انه يجعلك تشك في انه لكل شفقه دافعا خطيرا وكل ضربة حظ نذيرا بكارثه محتمله وكلما تقدم بنا العمر برزت مسائل وازمات جديده لتزيد المطالب علينا وتبدو الثقه التي اكتسبناها في السنوات السابقه غير كافيه لسد مطالبنا او انها لم تؤهلنا جيدا للمهام التي نواجهها الان .