القطاعان التعليمي والتربوي في العراق أمام معضلة حقيقية ومشكلة ومرض كانت بدايته بسيطة والآن تحول إلى مرضٍ عضال لا يمكن الشفاء منه ، بمعنى آخر وأتحمل مسؤولية كلامي أن الغشَّ في العراق أطلق رصاصة الرحمة على مدارسنا ومعاهدنا وجامعاتنا ولا يوجد أي حل له في المستقبل القريب .. وعلى الرغم من متانة وقوة وأمانة وصدق ومسؤولية دفاعات المدارس والجامعات وملاكاتها ، لكنَّ الجميع يؤكد أنَّ مساحة الغش توسعت أكثر وعدد الطلبة المصابين بهذا المرض الخبيث ( مع الأسف ) إزداد ولا يمكن إستئصاله مقترناً مع زيادة وتعدد وتطور أساليب غش الطلبة في كل يوم والتي أنهكت إدارات المدارس والجامعات والمراكز الإمتحانية .. لذلك أدعوا لعقد مؤتمر علمي تتبنى إقامته وزارة التربية أو التعليم العالي للتصدي لظاهرة الغش وإلا سنُجبر بعد سنوات على حضور إفتتاح مدارس ومعاهد متخصصة بتعليم الغش وتزويد الطلبة الغاشّين بوثائق تخرج .. فالغش الدراسي قبل عقود كان يسري ببطء شديد وحالاته منفردة وقليلة إما الآن فقد أصبح حالة عامة تصيب المعنيين من التربويين والتدريسيين بالذعر من مستقبل التربية والتعليم في العراق ، ولكي لا نبرر للظروف التي مر بها البلد من دور فيما قلل من إمكانية توفير الوسائل الصادقة والحلول الناجحة لاستئصال الغش في الامتحانات ندعو في بداية هذا الموضوع الموسع ولمن يقرأه ان يضع مستقبل الوطن وأبنائه إمام عينيه , وان نبتعد عن الالتزام غير الدقيق فيما يطرح من مقترحات تخص الموضوع لكي لا نصحوا بعد سنين ولا نجد غير أطباء بلا طب ومهندسين بلا هندسة ومعلمين ومدرسين ومحامين لا يفقهون مما درسوا شيئا , إنها الأمية الجديدة بغطاء علمي بدأت تطبق بظلالها على واقع غير عادل وفرقة واضطهاد لطلبتنا المجدين المثابرين الذين يصلون الليل بالنهار، لكنهم يصبحون على صورة مريعة وشأن مرعب وهم يرون اغلب زملائهم الأقل مثابرة يعتمدون في إجاباتهم على أوراق صغيرة ، لكنها كبيرة بتأثيرها وحجم دمارها فيصابون برد فعل كبير بعد ان كانوا شهودا وحضورا لكارثة اسمها (الغش). تنص المادة ( 20 ) من التعليمات الامتحانية الجامعية الرقم 134 لسنة 2000 على ما يأتي : ( إذا ثبت غش الطالب أو محاولة الغش في أي من الامتحانات اليومية أو الأسبوعية أو ا لشهرية أو الفصلية النهائية يعتبر راسبا بجميع المواد الدراسية لتلك السنة ، وفي حال التكرار يفصل من الكلية أو المعهد ، ويرقن قيده من سجلاتها , أي أن يعتبر راسبا بجميع المواد الدراسية ، وفي حال التكرار يرقن قيده من سجلات التعليم العالي , والغريب في الأمر أن عبارة ) غش ) وعبارة (غش أو حاول الغش) فتحت صلاحيات واسعة لتحديد مستقبل الطالب بمعنى أدق أن محاولة الغش تعتبر غشاً !
والطالب الذي يغش لا يقبل كذلك في الدراسات العليا أو التنافس للزمالة والبعثات الدراسية والتنافس مع إقرانه للحصول على فرصة للتعيين , الواقع عكس ذلك نعم عكس ذلك تماما فكثير من الطلبة – الذين تحفل سجلاتهم بحالات غش ثبتت عليهم – أكملوا شهاداتهم العليا بدون وجه حق بعد ارتكابهم لهذه الجريمة العلمية ، بل يؤكد بعض القانونيين أنها جنحة مخلة بالشرف !
لماذا يقرأ الطلبة إذا !
ولماذا هذا التعب والسهر والمعاناة ما دام الطلبة الذين يغشون ينافسون إقرانهم من الطلبة الذين لا يغشون بالحصول على فرص عديدة , وبلا عناء أيضاً يستطيع أي مراقب أو متابع أو معني بهذا الشأن أن يلمس حجم الكارثة والبلاء الذي أطبق على التربية والتعليم في العراق ، أسئلة تشترى وتباع ، وقاعات يراقب فيها من تناسوا أمانة ما كلفوا به ، وأوراق غش حجمها لا يتجاوز المليمترات تباع في محلات الاستنساخ قريبا من قاعات امتحان الطلبة في الثانويات والجامعات وهموم وإحزان وجملة من التساؤلات حملناها معنا متسائلين أحيانا ومنبهين ومنذرين أحيانا أخرى , لا نضع الأيادي على الخدود هذا ما قال لي احد مدراء المدارس .. وهو يرى ويتلمس هذا المرض المميت , فالعراق مهد الحضارات وهو الذي علم الإنسانية القراءة والكتابة ، والعراقيون أول من سن قوانين تحفظ للإنسان كرامته وتعطيه دوره وحجمه الذي يليق بعقله .. ويشير احد مدرسي المدارس إلى أن كثيرا من الحلول والمقترحات قدمت لوضع حد لهذه الظاهرة ، لكنها لم تفلح ، ولم تنجح كل الوسائل والقوانين ومنذ اتساع هذه الظاهرة لاستئصالها , فاغلب المعنيين غير جادين والبعض الأخر يرمي سهام تهمه إلى غيره ، والطلبة تنشر العدوى بينهم في كل ساعة .. وعن المقترحات التي تضع حلاً لظاهرة الغش أكد أن نوع الأسئلة وتغير اغلب مفردات المناهج هي الحل الأساسي لكي لا يعتمد الطلبة على ما يتوفر من معلومات في الكتاب فقط ، لكننا نحمد الله أولا وأخيرا أن هذه البلوى لا تشمل الجميع وهي ليست مجاملة ، بل واقعا وسباحة عكس التيار كما يقولون كيف نرى ذلك ونسمعه .. أساتذة الجامعة يدافعون ، ويقترحون المراقبة الدقيقة والصادقة وتوزيع الطلبة بانتظام وبأسلوب علمي مدروس هي السبل الكفيلة للحد من ظاهرة الغش هذه. وأضاف أن الكليات لا توزع الطلبة الممتحنين بدقة ، بل يجري أحياناً بشكل عشوائي مما يفسح مجالاً للكثير من الطلبة للقيام بالغش إضافة إلى التأثير السلبي على أمكانية الطلبة المتبقين نتيجة الضجيج أو حدوث مشاكل تنعكس سلباً على أداء الممتحنين , وأحب أن أكد على ضرورة المراقبة الدقيقة والأمانة المطلقة من المراقبين وعدم فسح المجال للطلبة لتبادل الحديث أو الالتفات أو محاولة الغش إضافة إلى منع إدخال أية ورقة أو كتاب إلى القاعة الامتحانية أو وجود أشخاص غرباء , أن اتساع ظاهرة الغش يهدد التعليم العالي في العراق ، ويضعف البنية العلمية الإبداعية للطلبة المتميزين ، واعتبار العام الدراسي للطالب الذي يغش عام رسوب لا يكفي ، بل منع الطالب من التقديم للدراسات العليا أو التنافس مع اقرأنه للحصول على زمالات أو بعثات دراسية , وناشد الجهات المعنية في الوزارة ضرورة تغيير بعض مفردات المناهج المقررة أو نمط الأسئلة بما لا يفسح للطلبة مجالاً للاعتماد الكامل على الكتب الدراسية ، بل صياغة أسئلة علمية تحاكي عقل الطالب وفهمه لمادته , ونرى أن ظاهرة الغش مرض دائم للطلبة يؤدي إلى تحطيم مستقبلهم ( ومع الأسف ) فقد بدأت تنتشر من الدراسة الابتدائية وحتى العليا بسبب الظروف التي مر بها العراق إضافة إلى تأييد ومساندة بعض أولياء أمور الطلبة لهذه الظاهرة , وأحب أن أشير إلى الاستفادة الجادة من الاختيارات العلمية التي تدل على القدرة العقلية وإيجاد وسائل تمنع اتساع ظاهرة الغش عند الطلبة , أهم رأي انه كانت ردود فعل الطلبة متباينة بصدد آفة الغش التي يتساوى فيها الطالب الذي يقرأ والذي لا يقرأ تساويا في النتيجة النهائية من خلال القول أن الكل سينجح ، ويحصل على البكالوريوس , ونؤكد أن صفة الغش من الصفات المنبوذة جدا ، لكن بسبب ما رأيته من حصول الطلبة الذين يغشون على درجات عالية فضلا عن عدم قدرة التمييز بين الأساتذة لقياس مستويات الطلبة على حساب مستوى عطائهم وجهودهم اليومية والاكتفاء بالدرجة التي يحصل عليها الطالب في ورقة الامتحان , وأخيراً يروى عن الرسول الكريم محمد صلى الله عليه واله وسلم قوله ( من غشنا فليس منا ) والغش في الامتحانات في العراق طريق سريع مفتوح للنجاح بلا عوائق وبلا رقابة وبلا مسؤولية ، فكل عام يزداد العدد ، وتكبر معه الكارثة .. نحن نضع المقترحات إمام أولياء الأمر والمسؤولين علهيم يقرؤونها ، فيخدش احدهم ، فيأمر باتخاذ الإجراءات والدراسة العلمية الرصينة لعلاج ووأد هذه الظاهرة ، بل هذا المرض الفتاك والآفة الخبيثة لقد رأينا الطلبة الذين يغشون فرحين وكأنهم لم يرتكبوا إثماً يتساوى مع الربا والسرقة وغيره من الكبائر والطلبة الذين لا يغشون حزانى لان درجات الغشاشين أعلى من درجاتهم , ولدينا الكثير من الكلمات الرنانة والجمل المؤثرة ، لكن كلمة غش في بلدنا وحدها تكفي كي نجد حلاً صادقاً لما يدور في أروقة التربية والتعليم.