قبل عام 1979؛ أي عام الثورة الإسلامية في إيران، كانت السفن الإيرانية الحربية، تجوب بحر العرب ومياه خليج عمان، ما كانت تهيمن هيمنة مطلقة على”الخليج العربي” أو “الفارسي”، سمه ما شئت؛ وكانت مهمة إيران وأسمها في الأوساط الدولية؛ هو”شرطي الخليج”.
كان أعراب الجزيرة العربية والخليج، وبضمنهم العراق آنذاك، “فرحين مستبشرين بما آتاهم الشرطي”؛ كيف لا وهو الحليف القرب لسيدهم الأمريكي، الذي أوكل أليه، مهمة أمن الخليج..ولقد كانوا يحضرون الولائم، وينحرون نوقهم وأباعرهم، لمقدم أية سفينة حربية إيرانية لأحد موانئهم، حينما كانت تلك السفن، تجوب مياه الخليج طولا وعرضا، وتدخل أي ميناء بلا إستئذان.
نتذكر كيف كان محمد رضا بهلوي؛ “شاهنشاه أريا مهر”، يتعامل بنرجسية عالية، وإستعلاء فج مع العربان، وكان هؤلاء مستسلمين تماما لغطرسته وعنجهيته، ونتذكر كيف ذهبوا جميعا مهرولين، محملين بالهدايا والنذور الى خيمة برسيبيليوس، حينما أحتفل الشاه بمرور 2500 عام؛ على تأسيس الأمبراطورية الشاهنشاهية الإيرانية، على يد سايروس ( كورش ) ..(جشنهای ۲۵۰۰ سالهٔ شاهنشاهی ایران)، وللتذكير أيذا فإن ذلك الإحتفال الأسطوري، جرى إبتداءا من 12 أكتوبر إلى 16 أكتوبر عام 1971م.
ما زانا في ذكريات الدهن والدبس..!..ونحن في 21 ديسمبر 1959، عندما تزوج الشاه من فرح ديبا، يومها تسابق ملوك وسلاطين؛ وأمراء ومشايخ الجزيرة العربية والخليج، الى تقديم الهدايا، كيف لا و”ديبا” جميلة الجميلات، وكان جل ما يتمنون، هو رؤية وجهها الجميل وقامتها الفارعة، بعد ذلك بثماتي سنوات، أي عندما توجها الشاه كـ”شاهبانو” عام 1967، كان ذلك يوم سعدهم، ولم تبق جوهرة أو قلادة ذهبية، أو سوار مرصع بأحجار كريمة لديهم، فقد أهدوها بفرح غامر الى الشاهبانو، وكان من بين الهدايا حذاء ذهبي، مرصع بالياقوت أهداه الملك السعودي!
أيامذاك؛ كانت مستويات التبادل التجاري مع أيران، على أعلى مستوياتها، والى جانب ذلك؛ كان التبادل الثقافي متقدم جدا؛ وكانت مدن الخليج ترطن جميعا باللغة الفارسية، وكانت تنام وتصحوعلى صوت “كوكوش”، تغني لهم “أم نمي دام”.
نشير هنا؛ الى أن التبادل الثقافي في التفكير العربي، يعني بشكل أساس بالغناء والرقص؛ أكثر من ما يعنى بالشعر والأدب والمسرح، وغيرها من المعارف الراقية، وذلك لأن تبادل المعارف الراقية لا يرضي غرائزهم، فضلا عن كونه خطر عليهم وعلى عروشهم الفاسدة!
هذا الحال الرغيد؛ تغير بسرعة فائقة وبـ 180 درجة، عام 1979، حينما أزيح الشعب الأيراني، صديقَهم الحبيب شاه إيران عن عرش كورش، وفورا وبلا إنتظار أعلن العربان، العداء الصريح لجمهورية إيران الإسلامية.
لقد كان العداء وما يزال مستمرا؛ لأن الثورة الأسلامية جاءت بثقافة جديدة، وبنوع جديد من العلاقات مع الشعوب المسلمة، توقم على ثوابت الأسلام، وعلى تبادل ثقافي راق، ليس بينه الغناء وهز البطون، وتقوم ايضا؛ على أساس التصدي الحازم، للصهيونية العالمية وإسرائيل ومن يقف ورائها، وطبعا هذا كله ليس من متبنيات العربان، ولا يقع ضمن إهتماماتهم، ولذلك هم يعادون إيران منذ 1979.
كلام قبل السلام: البشر ولخيبتهم ؛ يتعاملون مع التاريخ كقصة ورواية للتسلية..!
سلام..