قد لا تكون مفاهيم العلمانية هي بنفسها من حيث المصطلحات الا انها مضمونا قد عمل بها حالما توفي رسول الله ، وذلك بفصل الدين عن الدولة ، وهذه العبارة تردد بشكل مزاجي ولكنها توضع جانبا عندما تلم محنة بالدولة فيهرعون لرجل الدين وبدات هذه الممارسة مع الامام علي عليه السلام الذي لم تقف امامه اي معضلة الا وهي راكعة لا تتجرا على رفع راسها ، وهكذا بقية المعصومين عليهم السلام ، واستمرت هذه الممارسة حتى مع علمائنا الاجلاء .
التاريخ السياسي لبعض دول المنطقة يثبت مقولة الاستعانة بالدين عند المحنة من جهة وازدواجية مفاهيم العلمانية من جهة اخرى ، والشواهد كثيرة ابتداء من الشيخ المفيد ( 336-413) وحتى يومنا هذا ، فتجد السياسي يميل لرجل الدين عندما يريد ان يتخذ قرارا مستقبلا حتى يخدع المواطنين او يعادي رجل الدين لكي يمنعه من قول رايه حاله حال الحرية التي تنادي بها العلمانية للمواطن هنا تتوقف صلاحية العلمانية من حيث تعطيل مبادئها او اللجوء لمن تنادي بفصله عن الدولة .
ومن بين المواقف التي نشير لها خلال القرن الرابع عشر موقف الانكليز والحكومة التي نصبتها فانها تاتي للنجف للقاء مراجعها حتى تستخدم هذه الزيارة لاغراضها السياسية ، بل ان للعلماء مواقف جعلت السياسيين هم يستصغرون انفسهم مثلا ملك الاردن في حينها الذي زار السيد الاصفهاني ( 1277 -1365) فقال له السيد لم لا تقطع علاقتك بالانكليز فتحجج بالاقتصاد فقال له السيد سامنحك ما يمنحك الانكليز واقطع علاقتك معها ، فلم يستطع الجواب ، والشيرازي صاحب ثورة التنباك رجل في بيته المتواضع يحرم التنباك فيهرع له السياسيون ليستعطفوه كي يغير رايته ،
والسيد الحكيم الذي رفض استقبال ملك العراق ثانية لعدم تلبيته مطاليبه في الزيارة الاولى ، ولم يثبت التاريخ بان مرجعا شيعيا ذهب باختياره للقاء سلطان زمانه لانهم يعلمون فساد الامة بوقوف العلماء على باب الحكام ، والمرجع الوحيد الذي ظهر للعلن في قصر الحكام هو السيد ابي القاسم الخوئي (1317 – 1413) الذي اعتقل من قبل جلاوزة طاغية العراق ( العلماني ) لكي يحقق مكاسب اعلامية مع زعيم الحوزة ، واما اليوم فالسيد السيستاني الذي وقف للعراق وشعبه في اكثر من محنة نجد ان السياسيين ـ عراقيين، عرب، اجناب، مسلمين، وغير مسلمين، ومن اعلى منصب حتى ادناه يطرقون بابه في الملمات احيانا ونفاقا احيانا اخرى وكما ذكرت اعلاه اما للخروج من ازمة او التمهيد لازمة فيحاولون من خلال الزيارة ارباك الراي العراقي وهم يرون سياسي شاذ منافق يزور السيد السيستاني ، ولهذا غلق بابه السيد لمنع المتصيدين في الماء العكر من التشويش والتاويل لهذه الزيارة او تلك الرسالة .
ويبقى رجل الدين يلجا له رجل السياسة الذي ينادي بفصل الدين عن الدولة ، لربما يتبجح البعض ليدعي ان سياسيي العراق ليسوا بعلمانيين ، ولكن التاريخ يثبت محاولة بريمر لقاء السيد السيستاني حتى انه لما عجز لجا الى معاونه لكي يحاول لقائه فلم يسمح له حتى الجلوس في ( البراني )، لماذا تلجاون لمن تطالبون بفصله عنكم ؟
لماذا يكون راي رجل الدين خطير ؟ لماذا تريدون تحجيم حرية رجل الدين ومنحها بكل فوضويتها للحكام الفاسدين والمواطنين الطائشين ؟ هل هذه الديمقراطية والحرية والعدالة من وجهة نظر العلمانية ؟