23 ديسمبر، 2024 12:24 ص

لماذا يستنجد مسعود البارزاني بحكومة المركز عند الأزمات ويستعلي عليها في الرفاه ؟!

لماذا يستنجد مسعود البارزاني بحكومة المركز عند الأزمات ويستعلي عليها في الرفاه ؟!

يقول ونستون تشرشل :
ـ ((أدرس التاريخ ، أدرس التاريخ ، فهناك تكمن أسرار الحكم ! ))

ـ ((في السياسة ليس هناك عدو دائم أو صديق دائم هناك مصالح دائمة))

هذا القول ليس للكاتب رعد الدخيلي .. القلم العراقي المتواضع ؛ إنه قول رئيس وزراء الإمبراطورية التي ما غابت الشمس عن مستعمراتها ردحاً من الزمن .. إنه كلام ونستون تشرشل (1874 – 1965) رجلَ الدولة الإنكليزيَ والجندي الباسل المُؤلفَ والخطيب المفوّه. شغل ونستون تشرشل منصب رئيس وزراء بريطانيا عام 1940واستمر فيه خلال الحرب العالمية الثانية، استطاع رفع معنويات شعبه أثناء الحرب ، وكان أول من أشار بعلامة النصر بواسطة الإصبعين السبابة والوسطي.حصل على جائزة نوبل في الأدب قي 1953 لكتاباته التاريخية.

والحالة هذه ؛ فلنطلع على بعض المصادر التاريخية التي نشرت عن استنجاد الرئيس مسعود البارزاني بحكومة المركز مرّتين ؛ مرّة بحكومة صدّام حسين عام 1996.. وكما نـُشِـر :

((ولعل أحداً في إقليم كردستان الحالي، لم ينسَ، أو لا ينسى ما حدث في 31 أغسطس من العام 1996، عندما احتلت قوات من الجيش العراقي أربيل في أقل من 4 ساعات، بأمر من صدام حسين، الذي نصّب مسعود البارزاني حاكما هناك، وحتى الآن، بينما انسحبت قوات الجيش، التي كانت تحمل العلم العراقي، بعد تنفيذ “المهمة” التي دخلت أربيل من أجلها، بناء على طلب واستنجاد من قِبَل البارزاني.وحسب شهود عايشوا الحدث، فإن قوات البارزاني عندما دخلت أربيل، بعد طرد قوات الطالباني منها، قامت بتصفية الحركات السياسية الموجودة في أربيل، من دون استثناء.حين دخلت دبابات الجيش العراقي في نهاية أغسطس إلى مدينة أربيل، فرّ الاتحاديون الطالبانيون، حتى من مدينة السليمانية، باتجاه الحدود الإيرانية، وتركوا مقراتهم ووثائقهم التي كانت في أربيل، والتي نُقلت إلى بغداد.وحسب المراقبين السياسيين، فإن من غرائب التاريخ، اعتبار الإدارة الأميركية هذا اليوم، الذي أُعلن فيه تنصيب مسعود البارزاني، من ضمن المبررات الأميركية لغزو العراق، بدعم من مسعود وغيره، حيث أورد “قانون تحرير العراق للعام 1998” الذي أصدره الكونغرس الأميركي وفي سياق تبريرات القانون في البند (8) منه ما يلي:بتاريخ 31 أغسطس 1996 قام العراق بقمع العديد من معارضيه، وذلك بمساعدته أحد الفصائل الكردية في اجتياح مدينة أربيل – مقر الحكومة الإقليمية الكردية.وإثر العمليات التي أُطلقت عليها تسمية “آب المتوكل على الله”، أصدر البارزاني قراراً -تقديراً لاستجابة الجيش العراقي لنداء استغاثته- أن يسحب كل اتهاماته لصدام وحزب البعث بشأن ما سميت قضية حلبجة والأنفال!!.وبعد أكثر من شهر، وتحديداً في يوم 10/10/1996 أصدر مسعود البارزاني قرارا بالعفو عن كل الأكراد الذين حاربوه بمن فيهم “جلال الطالباني”، لكن الأخير ردّ بأن «مسعود لا يمتلك أية صفة قانونية سوى كونه رئيسا لحزب من الأحزاب الكردية الكثيرة، وليس هناك قانون عراقي أو كردي يخوّله حق إصدار قرارات العفو ضد القتلة، بل على العكس أن مسعود البارزاني متهم بقتل الألوف من أعضاء الاتحاد الوطني الكردستاني، وأن الديمقراطية والعدالة تستدعيان تقديمه إلى المحاكمة لغرض معاقبته مثلما تتم محاكمة أي مجرم آخر((.(*) حيث كان أن اندلع قتال شرس في مايس 1994 بين الحزبين بعد تصاعد الخلافات بينهما، وطلب مسعود البارزاني في آب 1996 من صدام حسين تدخل الجيش العراقي، فلبَّى طلبه ووجه ضربات شديدة لقوات الطالباني.

اليوم ؛ وكما بثت الصحافة العراقية ، نبيّن مايلي :

(( الاثنين 4/آب/2014 “القائد العام للقوات المسلحة أصدر أوامره إلى قيادتي القوة الجوية وطيران الجيش بتقديم الإسناد الجوي لقوات البيشمركة ضد تنظيم داعش”. ويشار إلى أن مجاميع كبيرة من المسلحين بدأوا ظهر اليوم، بتحشيد قواتهم تمهيداً لدخول قضاء مخمور، (80 كم جنوب شرق الموصل)” والواقع على بعد (60 كم عن أربيل). ويأتي ذلك بعد سيطرة مسلحو تنظيم “داعش”، منذ أمس الأحد، على قضاء سنجار وناحية ربيعة غربي محافظة نينوى، بعد انسحاب قوات البيشمركة الكُردية منها بدون قتال، حيث أقدم المسلحون بعد ذلك على تفجير مقام السيدة زينب(ع)، بالإضافة إلى تفجير جميع المزارات التابعة للأيزيديين في القضاء، فيما نزح آلاف المدنيين من قضاء سنجار باتجاه محافظة دهوك عقب سيطرة مسلحي داعش.))(1)

ومن البديهي أنه لا يُعقل أن يوجه القائد العام للقوات المسلحة أوامره بتوجيه الطائرات المقاتلة لضرب داعش بمناطق كردستان دون حصوله على طلب النجدة ، وإلا فالأمر سيثير حفيظة حكومة الإقليم ، ويمس الجوانب الاعتبارية لقدراتها القتالية كرئيس وحكومة إقليم فدرالي .

من هنا يتأكد لنا أن السيد مسعود بارزاني يستعين ويستنجد بحكومة المركز كلما تعرّض إلى ضغط يدعوه إلى ذلك. بينما نراه بالأمس القريب يتمشدق بفكرة إعلان دولة كردستان العراق.

لذا ؛ فالمراقب والمتتبع العراقي يرى أن الرئيس مسعود بارزاني يفقد قوّة شخصيته بهذه الممارسات ، كما يفقد كلَّ الصفات المبدئية التي ناضل ويناضل من أجلها أبوه والرجال الكرد الأشاوس أيام القائد الكردي المرحوم الملا مصطفى البارزاني . وإنه لمن الأفضل للرئيس مسعود بارزاني أن يحذو حذو قيادة الحزب الوطني الديمقراطي للرئيس السابق مام جلال الطالباني ، الذي كان أميناً على إصراره في الثبات على خطه النضالي المؤازر للعملية السياسية في جميع ظروفها ، منذ أيام المعارضة وحتى اللحظة. وهذا إن دلّ على شيء فإنما يدل على إستقرار المسار الوطني الذي سار يسير عليه الرئيس السابق مام جلال ، وتذبذب المسار السياسي الذي سار ويسير عليه الرئيس مسعود حتى هذه اللحظة.

إنَّ التذبذبات السياسية والولاءات المتباينة التي تطرحها رؤى الرئيس مسعود لا أظنها ستفضي إلى مستقبل سعيد ؛ لا للعراق ولا للقضية الكردية . ولعل الرئيس مسعود بسلوكياته السياسية المتذبذبة تلك وهذه سيكتب على نضال الحركة الكردية في العراق بالفشل الذريع ، من خلال إنفتاحاته المفاجئة على الخصوم السياسيين تارة ، والشركاء السياسيين عند الأزمات تارة أخرى . سيّما وأن هنالك أطرافاً إقليمية ترصد مَوَاطن الضعف والوهن في النضال الكردي بالمنطقة ، كأن تكون تركيا التي تعاني من مطامع حزب العمال الكردستاني أو الطموحات والأحلام الكردستانية في إيران وسوريا.

المطلوب من الرئيس مسعود أن يكون أكثر تعقلاً في معالجة الأزمات السياسية على أرض الواقع ، وأن ينتمي إلى عراقه مثلما ينتمي إلى قوميته . لأن العراق عراق الأكراد والعرب والتركمان .. عراق المسلمين والمسيحيين ، ولم تؤشر تجربة الإنفراج والديمقراطية بعد سقوط نظام صدّام حسين في 9/4/2003 أي َّ هضم أو مصادرة للقومية الكردية في عراق اليوم ، فلماذا يتحيّر مسعود البارزاني إزاء موضوعة العراق الواحد الموحد وحوله أطراف إقليمية لم ولن تتيح له تحقيق لحظة قيام دولة كردستان على أرض الواقع ، والفارق شاسع بين الأحلام الوردية والواقع المعاش. فليعش الكرد مع العرب والتركمان في عراق عريق ، ويتوحدوا ، وينعموا بخيرات هذا البلد العزيز ، دون أن تحرّكهم الجهات التي تضمر للعراق الشر والدمار والخراب . لأنَّ دين الإسلام يؤاخينا وماء الرافدين يوحدنا .

والله من وراء القصد ؛؛؛

(*): (موقع أفكار حرة التركماني ـ الكاتب أبو أحمد البصري) ـ الشبكة العنكبوتية

(1): ( السومرية نيوز ـ بغداد)