23 نوفمبر، 2024 7:05 ص
Search
Close this search box.

لماذا يجب على الولايات المتحدة دعم مثال الآلوسي ؟ – مقال مترجم

لماذا يجب على الولايات المتحدة دعم مثال الآلوسي ؟ – مقال مترجم

بقلم / جون هانا – مستشار الأمن القومي الأسبق 
مجلة السياسة الخارجية 14 – سبتمبر – 2012
ترجمة / الدكتور خليل الزبيدي

إن فكرة السياسة الخارجية كانت متأخرة في الحملة الرئاسية المنتظر إجرائها في الولايات المتحدة لكن نلاحظ غياب العراق بجميع الأهداف والأغراض عن السياسة الخارجية كشاشة رادار مطفأة كليا باستثناء الحديث عن تحول ديمقراطي حصل في العراق ، ومن ناحية أخرى فأن الأخبار الأخيرة التي وصلت من دول الربيع العربي قد أبرزت و بشدة واحدة من الانتقادات الرئيسية للسياسة الخارجية للإدارة الأميركية على اثر الهيجان والغليان المناهض للولايات المتحدة حتى زادت من التوترات السياسية ، الأمر الذي دعا الولايات المتحدة في أن تضاعف جهودها بهدف تهدئة الأعداء على حساب الأصدقاء مما يترك انطباعا وتصور بأن هناك تردد وتراجع وضعف واضح في السياسة الأميركية وكأنه انهيار بطي لنفوذها في الشرق الأوسط وبالتالي زيادة زعزعة الاستقرار وبروز تحديات مكلفة في النهاية  إن لم يحدث العكس . من هدا المنطلق نوجه نداء تضامن مع بعض الأصدقاء الحقيقيين في العراق لمن يصبه الصمم في آذانه .                                                                        
مثال الآلوسي زعيم حزب الأمة العراقية ومند عودته إلى العراق نهاية عام 2004 كان من دون شك بطل البلاد الأكثر صراحة وشجاعة وتطلعا إلى القيم التحررية فهو ثابت في دفاعه عن حرية التعبير وحرية الصحافة ومؤمن كليبرالي باقتصاد السوق الحر وبقيم التسامح الديني ومفاهيم حقوق الإنسان والمساواة التامة للمرآة مع الرجل ، أما عن تصوراته في ميدان السياسة الخارجية فهي لا تقل جرأة وصراحة فالعدو بالنسبة له واضح فالفاشيون بكل مظاهرهم إسلاميون أم علمانيون شيعة أم سنه ينشرون الرعب والإرهاب بشكل منظم ، عنف و وحشية ضد الأبرياء في كل مكان خدمة لمصالحهم وطموحاتهم الخاصة وأوهامهم العقائدية الفارغة . فإيران ، القاعدة ، حزب الله ، حماس ، وبشار الأسد وما حصل أخيرا في بنغازي والقاهرة جعل من الواضح جدا فهم تصورات مثال الالوسي في ضرورة قيام تحالف دولي بقيادة أميركا والعراق يكرس للدفاع عن الحضارة ضد أعدائها و بمشاركة كافة البلدان الأكثر تضحية وتضررا من الإرهاب ومن يقف خلفه. وأستمر مثال في السير على طريق التضحيات ،ففي أيلول من عام 2004 حضر مثال مؤتمرا لمكافحة الإرهاب في إسرائيل وبحضور عالمي واسع بما فيه دول عربية وإسلامية  ثم عاد إلى بغداد عندها ثارت ثائرة الإسلاميين حتى طالبوا برأسه ، فيما سارع حلفاؤه السياسيون إلى التخلي عنه وإنكار ما فعل وتركه لوحده ، مما أسفر ذلك عن اغتيال ولديه الوحيدين في شباط من عام 2005 في عملية بشعة اكتسبت بعدا إعلاميا كبيرا في حينها . وبالرغم مما حصل رفض مثال الالوسي الانحناء ، فبدأ ببناء حركة سياسية ذات قاعدة جماهيرية كرست همها لبناء أمة عراقية متحررة ومستقلة مع الإفصاح عن تأييدها للغرب في أكثر سياساته وبدأ بحملة إعلامية شجب من خلالها الصداميين والتكفيريين والتدخلات الإيرانية والسعودية التي بدأت تنمو وتنشط في العراق . ومع ضعف في الإمكانيات المادية والإعلامية والافتقار إلى الدعم المالي واجه حملة انتخابية شرسة جهزت من خلالها وبشده الأحزاب الإسلامية الكبيرة نفسها لدخول الانتخابات وتسلح هو ورفاقه في الحزب فقط برسالته التي يؤمنون بها وحصل فعلا على مقعد في الانتخابات التشريعية الأولى .أهمل مثال الالوسي النصائح وتجاهلها فعاد ليكرر زيارته لإسرائيل عام 2008 ولنفس غرض الزيارة الأولى فدعا إلى قيام تحالف امني استراتيجي بقياده الولايات المتحدة لمكافحة الإرهاب وسخر من المقاطعة العلنية للعالم العربي والإسلامي لإسرائيل وتساءل لماذا يسمح لبعض الدول المجاورة للعراق بالتدخل في شؤونه والتسلط عليه ورسم سياسته الخارجية وهو بلد مستقل ذو سيادة ؟؟ هذه المرة قامت قيامة الإسلاميين من أعداء مثال في مجلس النواب العراقي فسارعوا إلى تجريده من الحصانة البرلمانية الممنوحة له بموجب الدستور مطالبين باعتقاله استنادا إلى قانون نظام صدام حسين الذي يعاقب بالإعدام شنقا كل من يسافر إلى إسرائيل ، مما ترتب على ذلك تصاعد حمله التهديدات ضده وبشكل خطير . لم يهرب مثال قاوم وبشده فانتقل إلى الهجوم ضد خصومه السياسيين ووصفهم بأنهم مجرد أدوات رخيصة بيد إيران وغيرها.فتمت أحالة قضيته إلى القضاء العراقي فكان الجدال بأن الدستور العراقي الجديد لا يتضمن فقره تمنع من السفر لإسرائيل، ووسط دهشة الناس برأته المحكمة فعاد إلى البرلمان منتصرا مما أثار حفيظة أعدائه الذين كانوا أكثر تصميما على رحيله من البرلمان من أي وقت مضى فجاءت فرصة القضاء عليه مؤاتيه لهم في انتخابات عام 2010 عندما فقد مثال الفرصة في أعادة انتخابه . فحوصر من قبل الجميع وتم وضع العقبات والعراقيل أمامه لكنه كان مصرا بأن الانتخابات قد زورت لصالح الإسلاميين وان هناك من أعطى التوجيه بسرقة أصوات ناخبي مثال وقائمته وهذه هي سياسة التخويف والترهيب التي تقوم بها بعض الأطراف المتنفدة في بغداد ، لكن دون جدوى فقد أنكرت مفوضية الانتخابات ( الغير مستقلة ) كافة اعتراضاته . تم حرمانه من أي منصب رسمي واشتدت عليه الضغوط التي مارسها المتنفدون حتى تم سحب حراسه الشخصيين وعدم صرف    رواتبهم الشهرية فبقي معتمدا على بعض محبيه ممن لازموه ولم يتخلوا عنه بالإضافة إلى سحب تراخيص حمل السلاح التي بحوزتهم ،فاختلقوا كافه الذرائع في محاولة منهم لمنعه من مزاوله نشاطه السياسي والتي تكللت بمداهمة المقر العام لحزبه في بغداد وعدم تجديد باجات دخول المنطقة الخضراء له ولزوجته حيث مقر إقامته والجميع يعلم بأن تجديد تلك الباجات من صلاحية مكتب رئيس الوزراء (نوري المالكي) حصرا . حتى انتهت معاناة مثال معهم  بالاستيلاء على بيته المخصص لأقامته الشهر الماضي وبأمر من رئيس الحكومة .
لذا أصبح مثال مكشوفا أمام كل التهديدات المحدقة به ابتداء من المخابرات الإيرانية وعملائها المتواجدين بكثرة في العراق أو بواسطة التنظيمات الإرهابية المسلحة من التكفيريين، فأصبح مجبرا على ترك بغداد عام 2011 استجابة لدعوة رئيس إقليم كردستان العراق السيد مسعود البارزاني وقبوله السكن في شمال العراق مع احتفاظ حزبه بنشاط سياسي محدود في بغداد . إذ لم تكن المرة الأولى التي يدافع بها البارزاني عن مثال ، فقد عرض عليه إرسال قوة أمنية من الأكراد لضمان حمايته في شدة أزمة الغضب السياسي الذي أعقب زيارته إلى إسرائيل عام 2008 . فمثال لم يكن العراقي الأول الذي تم نفيه إلى كردستان فهناك ألاف العراقيين الذين اتخذوا من شمال العراق مأوى لهم بحثا عن ملاذ آمن يعطي الإحساس بالأمن والأمان والحرية الشخصية والازدهار. وفي رأيي إن الدفاع عن مثال والوقوف إلى جانبه ينبغي أن يكون نداءا يسيرا للإدارة الأميركية في ظل تصاعد موجات المد الإسلامي المتطرف فقد أصبح من الصعوبة إيجاد الأصدقاء المخلصين ومثال هو الصديق الحقيقي والمخلص لما يتمتع به قراءة دقيقة لواقع العراق والمنطقة والتهديدات المحيطة وتشخيص مكامن الخطر فضلا عن إدراكه بأن مصير العراق يعتمد في بناء دولة مدنية تعكس بصدق وإنصاف تنوع المجتمع العراقي وتبعث الطمأنينة في نفوس الجميع بأن الحقوق محفوظة لكافة المواطنين . الالوسي الآن فرد واحد بالتأكيد يمارس نشاطه السياسي في اربيل لكن مسألة تجاوزه وإهماله ستكون مبنية على حسابات ذو نظرة ضيقة وقصيرة وهنا تقع المهمة على عاتق السياسة الأمريكية في الحفاظ على الرجال المخلصين الدين قدموا أعظم التضحيات من اجل الدفاع عن نفس القيم التي نؤمن بها كالديمقراطية وحقوق الإنسان والحياة الحرة الكريمة وهدا ما سيعود بالفائدة طويلة الأمد على أميركا . لذا من الواجب على المسؤولين الأميركيين دعوة مثال الالوسي عند كل زيارة عمل إلى كردستان بهدف الالتقاء به والاستماع أليه ، كما يمكن لنائب الرئيس بايدن الاتصال به هاتفيا ، وعلى الرئيس اوباما وفي محادثة له مع نوري المالكي أن يذكره بقلق أميركا إزاء أوضاع حلفاؤها الحقيقيين كمثال الالوسي الذي أجبر على ترك بغداد بسبب ما يؤمن به ويراه صحيحا . وما حصل من تداعيات أخيرة في الشارع العربي والإسلامي من حرق وتدمير وعدم ضبط للنفس وعدم استقرار وفوضى و همجية في التصرف والسلوك يجعلنا نؤمن بان العاصفة قادمة لا محالة في الشرق الأوسط وان طريق الدبلوماسية والحوار ستبدأ مع الأصدقاء الموثوق بهم وسوف نحتاج إلى تحشيد جميع الحلفاء للانتقال في المياه المضطربة التي تواجهنا ، وفي العراق تحديدا سيكون مثال الالوسي في انتظار الدعوة إلى أميركا .

أحدث المقالات

أحدث المقالات