22 نوفمبر، 2024 3:52 م
Search
Close this search box.

لماذا يجب تمسك الثورة بالنظام الفيدرالي؟

لماذا يجب تمسك الثورة بالنظام الفيدرالي؟

كما إن سوء أداء مجلس النواب (وقبله الجمعية الوطنية) منذ 2005 أدى إلى المطالبة بالتحول إلى النظام الرئاسي، كذلك فإن التطبيق السيئ – حسبما يراه الكثيرون – للنظام الفيدرالي أدى إلى مطالبة البعض إلى العودة إلى مركزية الدولة وإلغاء الفيدرالية، ولو ليس بنفس الدرجة من التركيز والتكرار فيما يتعلق الأمر بالمطالبة باعتماد النظام الرئاسي، وذلك دون الالتفات إلى أن كلا من النظام الرئاسي ومركزية الحكم، هما من متلازمات الأنظمة الديكتاتورية، دون أن يعني ذلك عدم وجود بعض الدول الديمقراطية التي تتبع النظام الرئاسي بالذات، وقليل جدا منها الإدارة المركزية، خاصة إذا كانت دولة صغيرة نسبيا، لكن الدول ذات الأنظمة الرئاسية، غالبا ما نجد ملاحظات على مدى ديمقراطية تلك الدول، ومثال ذلك الولايات المتحدة، وروسيا، وتركيا، ومعظم دول أمريكا اللاتينية. بينما نجد كل دول أورپا وكندا ذات أنظمة برلمانية، سواء كانت هذه الدول جمهورية فيدرالية، كونفدرالية، أو ذات صيغة لامركزية أخرى، أو كانت ذات أنظمة ليست جمهورية، بل تتبع الملكية الدستورية.

كثير من المطالبين بالعودة إلى الدولة المركزية، يدفعهم إلى ذلك ما رأوا من تطبيق غير مرضي للفيدرالية في العراق، لاسيما من قبل إقليم كردستان، الذي تتعامل السلطة فيه من عدة جهات كدولة مستقلة، أكثر من كون كردستان إقليما فيدراليا ضمن العراق الواحد الاتحادي، وما يسجل على سلطة الإقليم من إشكالات في جانب الاستحقاقات المالية والتعامل مع الثروة والعقود النفطية، دون تبرئة السلطة الاتحادية منذ 2005 حتى مجيء عبد المهدي الذي تتمسك به الأحزاب الكردية الحاكمة لمصالح حزبية وأنانية قومية على حساب مصالح عموم عراق ما خارج الإقليم.

أحتمل احتمالا كبيرا إن معظم الذين يؤيدون بقوة طروحاتي في الدعوة إلى علمانية الدولة، وتحريم تسييس الدين واعتماد الطائفية السياسية والمحاصصة، يختلفون معي في موقفي الداعم لحقوق الشعب الكردي، مع شدة موقفي الناقد لأحزاب السلطة في كردستان، وأحتمل احتمالا كبيرا إن لسان حال هؤلاء الذين يختلفون معي في هذه النقطة بالذات، كما يقال باللهجة العراقية (حيف)، كل طروحات ضياء الشكرجي جيدة، لولا أنه يتبنى بلا حدود الحقوق القومية للشعب الكردي.

ولكن دعونا من موقفي هذا، فلا أريد أن أدافع عنه في هذه المقالة، واعتبروا إني غير مصيب في هذا الموقف. لكن المطالبة بالعودة إلى مركزية الدولة، غير مقبول، ثم هو غير ممكن للأسباب التي سأبينها حالا. أقول مطلب غير مقبول، حتى لو سايرت الرافضين للفيدرالية للأكراد، لأن ذلك يعتبر حقا مكتسبا، ووفق القانون الدولي، وكل القوانين المحلية للدول الديمقراطية، لا يجوز إلغاء حق مكتسب. أما لماذا هو غير ممكن، فلأننا ولحين تعديل دستور 2005 ملزمون بمراعاته، حيث إن (رابعا) من المادة (142): ينص على أن «يكون الاستفتاء على المواد المعدلة ناجحا بموافقة أغلبية المصوتين، وإذا لم يرفضه ثلثا المصوتين في ثلاث محافظات أو أكثر»، مما إن تعديل الدستور بإلغاء الفدرالية، حتى لو افترضنا أن ذلك يمثل إرادة أغلبية سكان بقية أجزاء العراق، لن يمرر، لأنه سيرفض بما يقارب المئة بالمئة من سكان محافظات إقليم كردستان. ثم انظروا تمسك الأحزاب الكردية بعادل عبد المهدي الذي تريدون أن تسقطوه، ولذا لا بد من يرسل الثوار رسالة طمأنة، لا للأحزاب الكردية غير الديمقراطية في أدائها، والمشاركة في تأسيس دولة المكونات القائمة على المحاصصة، بل للشعب الكردي، بأن الثورة تحفظ للكرد حقوقهم القومية المكتسبة في النظام الفيدرالي.

أحدث المقالات