لايمکن القول بأن هناك نظام سياسي شغل بلدان المنطقة والعالم بالکثير من المشاکل والازمات والفتن کما کان الحال ولايزال مع نظام الجمهورية الاسلامية الايرانية، ومن المواضح بأنه من الغنى التعريف عن ماقد تسبب به هذه النظام من مشاکل وأزمات مختلفة في المنطقة والاوضاع المقلقلة التي ساهم بإيجادها في وقت کانت المنطقة في غنى عنها تماما.
لعل أکثر أمر يثير القلق في هذا النظام ويجعل منه مصدر تهديد للأمن والاستقرار في المنطقة والعالم، هو إنه يرکز نشاطاته وبصورة ملفتة للنظر في خارج حدوده والاهم من ذلك إنه يعتبر ذلك مسألة مبدأية وأساسية لايمکن التراجع عنها، وإن الذي يجب ملاحظته هنا وعدم تجاهله هو إن هناك ثلاثة مواد أساسية في دستور هذا النظام يشرعن نشاطاته الخارجية المثيرة للقلق ولاسيما المادة 154، التي تٶکد ذلك بصورة واضحة وجلية حيث جاء في هذه المادة:” جمهورية إيران الإسلامية تعتبر سعادة الإنسان في المجتمع البشري كله مثلها الأعلى، وتعتبر الاستقلال والحرية وسيادة القانون والحق حقا لجميع شعوب العالم. وعليه، فإنها تدعم النضال المشروع للمستضعفين ضد المستكبرين في جميع بقاع العالم”، والمثير للسخرية والقرف إن النظام الايراني يبرر تدخلاته في العراق ولبنان واليمن وسوريا على إنها تدخلات من أجل مصلحة هذه الشعوب، في حية إنه حتى المبتدئ بالسياسة يعلم جيدا بأن هذه التدخلات ألحقت ضررا بالغ الاثر بشعوب هذ البلدان ولم تحقق لها أية نتيجة إيجابية سوى خدمة مصالح ومخططات النظام الايراني فيها.
اليوم وبعد أربعة عقود من الدور السلبي لهذا النظام وخصوصا إذا ماقمنا بإستحضار کل ماقد قام بتنفيذه من نشاطات ومخططات مشبوهة بحق المنطقة بشکل خاص والعالم بشکل عام، فإننا نجد هناك ثمة حقيقة مهمة جدا يجب الترکيز عليها بدقة وهي إن هذا النظام ليس قد ظل يرکز على تدخلاته الخارجية وإنما يعمل على ترسيخها والعمل على توسيع دائرتها وإعتبار المناطق التي تخضع لنفوذه بأنها بمثابة حدود أمنية وخطوط أمامية له ولايمکن التنازل عنها، وهنا فإن الذي يجب تذکره أيضا وأخذه بنظر الاعتبار والاهمية هو تلك الدعوات المتکررة من جانب زعيمة المعارضة الايرانية، السيدة مريم رجوي، من أجل التصدي للدور المشبوه لهذا النظام في بلدان المنطقة وقطع أذرعه فيها وعدم السماح له بالعبث بأمن وإستقرار بلدان المنطقة، بل وحتى إن السيدة رجوي قد شددت بأن تجاهل النشاطات المشبوهة لهذا النظام، سوف تجعله يتمادى أکثر لأنه”وکما تشدد رجوي دائما” يرى في إلتزام بلدان المنطقة بالسکوت والصمت تجاه دوره فيها بمثابة خوف منه مما يجعله يتجرأ ويتمادى أکثر، وإن التصدي لهذا النظام له أوجه مختلفة وقد تکون من أهمها قوة وتأثيرا مسکه من موضع الضعف والالم، أي من ناحية ملف إنتهاکات حقوق الانسان في إيران والتي صارت معروفة للعالم بعد أن برز هذا النظام کأکثر النظم الديکتاتورية تمسکا بالممارسات القمعية التعسفية ضد شعبه، وإن مجزرة صيف عام 1988، والتي جرى خلالها تنفيذ حکم الاعدام بحق ثلاثين ألفا من السجناء السياسيين من أعضاء وأنصار منظمة مجاهدي خلق في فترة أقل من ثلاثة أشهر، ولاسيما وإن هناك ترکيزا عليها من جانب المنظمات الحقوقية الدولية الى جانب الاهتمام من جانب بلدان ذات دور مٶثر على الصعيد الدولي نظير الولايات المتحدة الامريکية وکندا، وإن الدعوة التي رفعت الاخيرة من أجل إصدار قرار إدانة دولية ضد النظام لإرتکابه هذه الجريمة والمطالبة بمحاسبته، يمکن إعتبارها أرضية مناسبة لبلدان المنطقة والعالم من أجل تفعيل مسألة التصدي لهذا النظام على أرض الواقع وعدم السماح له بالمزيد من التمادي في دوره العدواني الشرير ومواصلة تدخلاته ذلك إن ردع هذا النظام ومواجهته هو البداية الصحيحة الواجبة للتعامل مع هذا النظام.