لا احد ينكر ان هناك ساسة مفسدين، استغلوا نفوذهم الحزبي فسرقوا وظلموا وفعلوا ما فعلوا، ولكن لا احد ينكر، في الوقت نفسه، انهم من جميع القوى السياسية التي استلمت زمام الامور بعد التاسع من نيسان 2003، وليسوا من حزب او حركة سياسية معينة، ولا من دين او مذهب، وانهم كانوا من النفوذ بحيث لا يحسد على مصيره من يقف امامهم، وهذا ما اوصل الامور الى حافة الانفجار، وحتم اجراء اصلاحات لا تستثني احدا من المفسدين، مهما كان موقعه، فرضت على العبادي الذي تولى رئاسة الوزارة في ظروف انهيار اقتصادي ينذر بافلاس الدولة، ان يتحرك في اصلاحاته على محورين، محور الاصلاحات الاقتصادية التي تهدف الى تقليص الانفاق بالغاء بعض الوظائف وترشيق الوزراة ودمج المديريات، وتقليل الفوارق في الرواتب والمخصصات التقاعدية، والبحث عن موارد جديدة غير النفط الذي انحدرت اسعارة هابطة الى مستويات قياسية، وغير ذلك، ومحور مطاردة المفسدين والسعي الى استرداد الاموال المسروقة، وقد كان العبادي مصرا على الاصلاح، فاستغل الغطاء السياسي الذي وفرته التظاهرات الشعبية المطالبة بالاصلاح، بعيد توليه لرئاسة الوزارة، وقد وفرت له المرجعية غطاء شرعيا، فبدا يومها بحركته الاصلاحية، وكانت الامو متجهة الى تحقيق مطالب الشعب، ولكن حسب جدول اولويات، تفرضه ظروف لا يمكن القفز فوقها . لكن ما استجد هو ان حركة المطالب الاصلاحية، بدات وكأنها توجه الاتهام الى حزب الدعوة الاسلامية لوحدة، وكأن كل المفسدين منه، ولا يوجد فاسد في غيره من القوى السياسية التي تشارك في الحكم، سواء في وزارة المالكي او في وزارة العبادي، ولا اريد ان اذكر الاسماء التي اشتهرت بالفساد، فالعرقيون كلهم يعرفونهم باسمائهم والقابهم وصفاتهم الحكومية والحزبية، فلماذا يتهم حزب الدعوة وحده؟ وتبرا ساحة الجميع، على الرغم من ان العبادي، وهو احد قيادي حزب الدعوة قد بدا بحركة الاصلاح، ما يجعل المتابع للاحداث ينظر الى ان المظاهرات الاخيرة قد اجهضت مشروع العبادي الاصلاحي، وهو في الاساس مشروع كان قد تحرك وسط الغام الاطراف السياسية التي وقفت في وجه تلك الاصلاحات ، وقد صرح بعض المسؤولين بذك علنا وعبر وسائل الاعلام . وللانصاف يجب القول انه لا احد سواء في المظاهرات السابقة او التي تدور الان قد اتهم العبادي بالفساد، وعليه انه استنادا الى ارادة الشعب في الاصلاح يستطيع ان يحارب المفسدين، ويعيد ما يقدر على اعادته من اموال الشعب المنهوبة، ويجتث ما يقدر على اجتثاثه من المفسدين، من كل الاحزاب والقوى السياسية . اجدد التاكيد على انني لا ادافع عن مفسد سواء من حزب الدعوة او غيره ، واقف مع المتظاهرين المطالبين بالاصلاح واجتثاث المفسدين واعادة اموال الشعب المسروقة، ولكن السؤال الذي لا اقدر الا ان اطرحه، هو لماذا يتهم بالفساد حزب الدعوة وحده؟ انا اعتقد ان هذا السؤال يجب ان يطرحه كل عراقي على نفسه، لانه سؤال ذو ابعاد ، وذلك لان حزب الدعوة هو الاصل الذي تفرعت عنه الحركة الاسلامية التي عارضت صدام، بكل تنوعها من مجلس وتيار صدري وغيرها، فالتيار الصدري ، تجيء تسميته نسبة الى الشهيد السيد محمد محمد صادق الصدر، وقد كان رحمه الله داعية، وقد اعتقل وعذب بسبب انتمائه لحزب الدعوة، والشهيد السيد محمد باقر الحكيم رحمه الله من دعاة الصف الاول، هذا لا يعني انني اذهب الى مثل ما ذهب اليه المرجئة فاقول ان الانتساب الى حزب الدعوة طاعة لا تضر معها معصية، بل انني اجرم المفسد من حزب الدعوة اكثر من تجريم غيره لانه منافق، واقر في الوقت نفسه ان هناك مفسدين من حزب الدعوة، فعلوا منكرا يترفع عنه كل صاحب ضمير، ناهيك عن ان ترفع صاحب الدين عنه مؤكد، ما يعني انهم بلا ضمير ولا دين ، وهم ليسوا دعاة، ولكن ايضا يجب ان نقر بان غيرهم في القوى النافذة قد عاثوا فسادا ان اتهام حزب الدعوة هو تبراة لخصمه البعث وصدام، الذي حكمهم على الدعاة بالاعدام وباثر رجعي فنصب لهم المشانق واعد احواض التيزاب، وانا عندما اقول هذا لا انسى فساد بعض افراد حزب الدعوة ، ولكنني اقول ان هناك فساد مارسه مفسدون من كل الاحزاب علاجه بتقديم الجميع الى القضاء لينالوا جزاءهم العادل، والعمل على استرداد المال الذي ضيعوه، اما ان تتحول حركة الاصلاح الى شعار يرفع ضد حزب الدعوة، فهذا امر لا يمكن ان يحمل على محمل حسن، ذاك شعار لا يمكن ان يكون بريئا، اهيب بالسيد مقتدى الصدر ابن الشهيد الكبير، المجاهد الصلب، والداعية المؤمن محمد محمد صادق الصدر رحمه الله تعالى، ان يسير في هذا الاتجاه الذي يناقض تماما توجهات والدة الداعية الشهيد.