منذ أشهرٍ عدة أَمْسَكَ قلمي وتراجع صاغراً عن الكتابة لأننا دخلنا في عصرٍ إعلاميٍ جديدٍ يكتب به الناس ما يشاؤون ومتى يشاؤون وكيف يشاؤون ! أزرار بسيطة ولوحات وأسلاك غيرت أساليب ومواهب ومدارس وإبداعات من كان يعتقد أنه الأوحد في هذا المجال .. لا بد لنا أن نُسدل الستار عن هذا الأمر وتنتهي فصول ما يسمى بالكتابة المبدعة والمواهب الأدبية وننتقل إلى عصرٍ آخر يعتمدُ على خرافات وأساطير ومزاجات وأعراف , أعمدتها وأسسها وسقوفها الإنتفاع والشهرة والإعتقادات التي تُلبي حاجة الذات تحديداً .. لكننا لا ننسى ضرورة التأشير ولو من بعيد وتسليط الضوء مهما كان خافتاً على ما يحدث من تجاوزات صدرت وما زالت تصدر من ثلةٍ توسمت بالعلم عقيدةً وبالمعرفةِ منهجاً وبالتضحية سبيلاً وطريقاً لتحقيق أسمى ماتصبوا إليه الأمم والشعوب وهو التقدم والإزدهار وبناء أجيالٍ قادرةٍ متمكنة ترسخ في أذهانها حب الوطن .. هذا ما يُفترض أن يكون وما يفترض أن يُقدمَ من نخبةٍ توسمت عقولها بالعلم وقلوبها بشهاداتٍ جامعيةٍ عليا .. الجامعيون النخبويون في كل بلدٍ هم من تنظر إليهم الأمم والشعوب وعامة الناس كقدوةٍ صالحةٍ قادرةٍ تقود المجتمع من قريبٍ أو بعيد .. ولربما كما يكون دور المخرج في فلمٍ ناجح هو المسيطر التام على الفلم وعرضه من وراء الكاميرات وهو المحرك الأول والأخير للممثلين والفنيين والمؤلفين وغيرهم .. إلا في العراق أقولها ومع الأسف الشديد نرى هذا الدور ينقلبُ رأساً على عقبين وليس على عقبٍ واحد ! فالبعض من المثقفون .. رَكضاً ولهاثاً خلف المناصب وأسئلةً تنتظر أجوبةً مكررة عن الرواتب والمخصصات والإضافات والترقيات والمشاركة في مؤتمرات لإلتقاط صور تُعرض للتباهي في صفحات التواصل الإجتماعي ومئات الآلاف من البحوث لأغراض المشاركة والإستفادة الشخصية فقط وأتحدى من يُثبت عكس ذلك .. في دول العالم تستفاد الحكومات والوزارات والمؤسسات والمعامل والمصانع من البحوث التي تُقدم لها من الجامعات أو المؤتمرات والندوات العلمية وفي بلدنا العراق يُرمى بهذه البحوث بعد تحقيق الهدف من نشرها .. أما ما يحدث في محافظتنا وأنا من جيلها الأن يدعوني إلى مراجعة قوائم وسلسلة الأصدقاء الكاذبة والزمالة الفارغة لنا من جامعيين بدأوا ينثرون سواد حقدهم علانية وبضعفهم على صفحات التواصل الإجتماعي .. ماذا سنقول لطلبتنا والدكتور الفلاني يسبُّ الآخر ؟ ماذا سنُجيب عندما نُسأل عما فعله وأحدثه وقام به البعض في هذه الأزمة التي لابد لها أن تنتهي وهم يرفعون غطاءً عن وجوههم البائسة .. لماذا هذا التقاذف والتراشق بيننا .. أليس من الممكن أن نستبدل التهور بالصبر والشتائم بالمدح .. ألا يعلم هؤلاء أن طلبتنا صابرون ومضحون أكثر من البعض .. فليخجلوا من هذه الأساليب الرخيصة والمقالات التافهة التي فضحت وكشفت عن ضعفٍ كبير لهم حوَّل مقالاتهم إلى نكات يتبادلها الكثيرون لأنها كشفت عن كوارث إملائية وبلاغية لهم !
نقول وتحديداً أقول لهؤلاء فليدعونا في طريقنا ماضون بإذن الله وعلى بركته وإلا وبإسم الله وعلى بركته ستتحول المقالات الفارغة التافهة الممتلئة بالأخطاء المضحكة لهم إلى سجيلٍ على رؤوسهم وستبقى محافظة الأنبار ربيةً من ربايا العلم في قلوب وعقول ونفوس وتاريخ أهل الأنبار ..
ولله – الآمر.