الحياة التي تجمع البشرية واحدة فالأمريكي والاسترالي والبريطاني والهندي والمغربي والعراقي، يعيشون حياة واحدة، فالسماء التي تظلهم واحدة، والشمس التي تضيء لهم واحدة، والماء الذي يشربونه هو ذاته كما الهواء.
فلماذا هذا الفرق..؟ ولماذا كل الامم والشعوب تتطور وتتحسن ويصبح لها شأن الا نحن..؟ ولماذا نسير بالاتجاه المعاكس للنهضة والتطور ونعود الى الوراء..؟
جولة بسيطة في شوارع بغداد او القاهرة او اي عاصمة من عواصم دولنا العربية المتهالكة تستطيع ان تجيب عن التساؤلات التي طرحتها انفاً، وتحدد المشكلة التي نعاني منها، وهذه المشكلة لا تتعلق بالبناء او العمارة بقدر ما تتعلق بالفكر، وما نتاج خراج العمارة الا ضحالة الفكر وسطحيته.
وهذه بدوره انسحب على اخلاقيات الناس الذين يسكنون هذه البلدان فانتج طبقات من المجتمع مفرطة في الاسفاف والحماقة حد النخاع، لا ينفع معها حوار ولا يجدي معها جدل.
والادهى والامر من ذلك ان حواراً بسيطاً مع احد سكان هذه العواصم ستجد منه شخصية متناقضة ولا تدرك ما تقول، تغطي تخلفها وفوضويتها بالماضي او على اقل تقدير بعدم الاعتراف بواقع الحال السيء.
فتجد المواطن يغش ويكذب ويُزور ويسهم في اذية الاخرين لكنه يظهر نفسه على انه شخصية ملائكية منزهة من كل عيب وخطأ، ويحمل المجتمع كل سيئات الواقع وكأنه من كوكب المريخ.
كل هذا يفتح باباً واسعاً لدراسة عقدة النفاق في عقول مثل هذه الشخصيات لنضع لها الحلول، فالمريض الذي يعاني من مرض الايدز، وهو يكابر لينفي الاصابة، يسير بنفسه وبمن معه الى الهلاك، من واجب الجميع ان يوقفه حتى لا يهلك نفسه و من معه.
نحن امام خيارين اما ان نبقى على ما نحن عليه من تخلف ورجعية، او ان نحاول ايجاد تجارب لنتعلم منها، وهذا واجب الجميع، وبغض النظر عن السلبيات الطفيفة التي قد تحيط بهذه التجربة او تلك، علينا ان نتقدم لأخذها ونمزج معها ما يلائم البيئة التي نعيشها، والنجاح والتطوير الفكري والصناعي والاجتماعي في المجتمعات الغربية وحتى الشرقية هي الشعلة التي يجب ان نأخذ منهما جذوة التطور، لنقلل من الفاصل الزمني الذي يفصلنا عنهم.
ولا انكر ان لدينا من الابداعات والامكانيات التي ان وجدت من يتبناها ستسهم بشكل لافت في تطوير المجتمع والسير به بالاتجاه الصحيح.
وبناء الانسان فكريا وبطريقة صحيحة سينتج بالضرورة رقي بالعيش واحترام للإنسان وتطوراً للحياة والعلم.
وبداية التغيير تبدأ من الاعتراف واصلاح الذات ثم الانطلاق بمشروع كامل لإصلاح المجتمع لينعكس على الواقع، اما صعود التل وندب الحظ والبكاء على الاطلال ولوم النفس، دون عمل، سينعكس سلبا على الواقع تطرفا ورجعية وهذا ما نحن نعانيه منه اليوم.