18 ديسمبر، 2024 7:09 م

لماذا نحيّ مصاب الزهراء عليها السلام

لماذا نحيّ مصاب الزهراء عليها السلام

مصاب الزهراء عليها السلام وما جرى بعد استشهاد الرسول (صلى الله عليه واله) على بيت أهل النبوة والرسالة ، مصاب ما بعده مصاب وحدث ما بعده حدث فالمظلوم فيه والمعتدى عليه أفضل وأقدس وأطهر ما خلق الله سبحانه وتعالى بعد رسول الله (صلى الله عليه واله) وقد أوصى بهم الأمة رسول الله (صلى الله عليه واله) وأظهر مكانتهم بشكل جلي لا يقبل الشك والريبة قال رسول الله ( صلى الله عليه واله ) ( النجوم أمان لأهل السماء وأهل بيتي أمان لأمتي فإذا ذهب النجوم ذهب أهل السماء وإذا ذهب أهل بيتي ذهب أهل الأرض )( 1) ومن قبل رسول الله (صلى الله عليه واله) فقد ذكرهم الله سبحانه وتعالى في قرآنه الكريم بآيات كثيرة لم يذكر مثلهم فيه قال رسول الله صلى الله عليه واله )( إن القرآن أربعة أرباع فربع فينا أهل البيت خاصة وربع في أعدائنا ، وربع حلال وحرام وربع فرائض وأحكام وأن الله أنزل في علي كرائم القرآن ) (2)، وأما الحدث فهو أخطر وأسوء وأجرئ و ابشع حدث عرفته الإنسانية ، لأنه تعدي على رسول الله (صلى الله عليه واله) بل هو تعدي على الله سبحانه وتعالى ، قال رسول الله (صلى الله عليه واله) ( يا فاطمة إن الله تبارك وتعالى ليغضب لغضبك ويرضى لرضاك ) ( 3)، وقد غيّر هذا الحدث مسيرة الرسالة المحمدية السمحاء ودفع الناس عن طريق الإسلام الحق طريق محمد وال محمد صلوات الله عليهم أجمعين وابعد الإنسانية قاطبة عن نيل السعادة وجعلها تعاني وتتجرع آلام المصاعب والمحن والاضطهاد من ظلم الإنسان لأخيه الإنسان ، فمصاب بهذا المستوى من الخطورة والأهمية في تعظيمه وإقامته غايات وأهداف يعجز العقل على احتواءها ومعرفتها ولكن نذكر منها بما أحاط عقلنا العاجز على بعضها الواضحة الجلية كشعاع الشمس في ظهيرة الصيف الحار وضوء القمر في لياليه البيضاء :

أولاً : مصاب الزهراء عليها السلام كالشعلة المتوهجة في ليلة ظلماء وسط الصحراء القاحلة فبها يهدى التائه الضائع وعند رؤيتها يهدأ القلب ويسكن ومن ضياءها وشعاعها تفرح العين وتسعد ، فمصاب الزهراء عليها السلام كالشمس في ظلمات الدهور بها تهدى البشرية الى طريق الإسلام المحمدي الأصيل طريق محمد وال محمد صلوات الله عليهم أجمعين ، فبإقامة عزاء هذا المصاب تثار التساؤلات وعلامات الاستفهام عند البشر فيزرع في نفوسهم بذور المعرفة والبحث عن الحقيقة ومن ثم الولوج في طريق محمد وال محمد صلوات الله عليهم أجمعين الذي به خير الدنيا والآخرة ، فمصاب الزهراء عليها السلام من أهم الأدوات التي تهدي البشرية الى طريق الإسلام المحمدي الاصيل وتبعدهم عن طريق الشيطان الذي به شر الدنيا وتعاسة الآخرة ، هذا الطريق الشيطاني الذي شقته وعبّدته السقيفة وقياداتها وأوهمت وغشت الملايين من البشر لأكثر من 1400 سنة على أنه طريق الله سبحانه وتعالى ؟؟ ونحن نعيش اليوم والبشرية المعانات والصعوبات بسبب الآثار السلبية لهذا الطريق الشيطاني الذي سلكه المغفلون وأرهبوا بأفكاره الإنسانية جمعاء .

ثانياً : مواساة رسول الله (صلى الله عليه واله) ومشاركته الحزن على هذا المصاب الجلل الذي به هتك حجاب الله سبحانه وتعالى وتقطع قلب الرسول (صلى الله عليه واله) عن أبي الحسن الكاظم عليه السلام ( ….ألا إن فاطمة بابها بابي وبيتها بيتي فمن هتكه فقد هتك حجاب الله ” قال عيسى: فبكى ابو الحسن ( عليه السلام) طويلا وقطع بقية كلامه وقال : هتك والله حجاب الله هتك والله حجاب الله هتك والله حجاب الله يا أمه صلوات الله عليها) ( 4) ، وروي عن مجاهد قال خرج النبي (صلى الله عليه واله) وهو آخذ بيد فاطمة (عليها السلام) فقال : من عرف هذه فقد عرفها ومن لم يعرفها فهي فاطمة بنت محمد وهي بضعةٌ مني وهي قلبي وروحي التي بين جنبي ، فمن آذاها فقد آذاني ومن آذاني فقد آذى الله) (5) عن جابر بن عبد الله قال : قال رسول الله (صلى الله عليه واله ) إن فاطمة شعرة مني فمن آذى شعرة مني فقد آذاني ومن آذاني فقد آذى الله ومن آذى الله لعنه الله ملء السموات والأرض )( 6 )عن الإمام الصادق عليه السلام قال رسول الله (صلى الله عليه واله) ( إن فاطمة شجنة مني يسخطني ما أسخطها ويرضيني ما أرضاها ) ( 7 )

ثالثاً : إقامة مصاب الزهراء عليها السلام وتعظيمه به اثار أخروية ودنيوية ففيه الثواب الجزيل والبركات العظيمة فقد روي عن الإمام الباقر عليه السلام أنه قال ( كان علي بن الحسين عليه السلام يقول ….وأيّما مؤمن ذرفت عيناه حتى تسيل على خده فيما مسنا من عدوّنا في الدنيا بوأه الله منزل صدقٍ ، وأيّما مؤمن مسه أذى فينا صرف الله عن وجهه الأذى وآمنه من سخط النار يوم القيامة ) (8) ، وقد روي عن أبي عبد الله عليه السلام قال :قال لفضيل : تجلسون وتحدثون ؟ قال نعم جعلت فداك فال : إن تلك المجالس أحبها فأحيوا أمرنا يا فضيل فرحم الله من أحيى أمرنا ، يا فضيل من ذكرنا أو ذكرنا عنده فخرج من عينه مثل جناح الذباب غفر الله له ذنوبه ولو كانت أكثر من زبد البحر)(9) وقد قال ابن طاوس : روي عن آل الرسول عليهم السلام أنهم قالوا ( من بكى وأبكى فينا مائة فله الجنة ، ومن بكى وابكى فينا خمسين فله الجنة ، ومن بكى وابكى ثلاثين فله الجنة ، ومن بكى وأبكى عشرين فله الجنة ، ومن بكى وابكى عشرة فله الجنة ومن بكى وابكى وواحداً فله الجنة ، ومن تباكى فله الجنة ) ( 10) ، وغيرها من الأحاديث التي تبين ثواب وآجر من يحزن ويبكي على مصابهم سلام الله عليهم وخصوصاً مصاب الحسين عليه السلام وأمه الصديقة الكبرى فاطمة عليها السلام .

رابعاً : الإقتداء بها والامتثال لأوامرها وترك نواهيها وإتباع سيرتها والسير على خطاها في العبادة والحشمة والحياء والحجاب والدفاع عن الولاية والإسلام والتربية ومساعدة المحتاجين لأنها حجة علينا وعلى الخلق أجمعين عن الإمام الحسن العسكري ( عليه السلام) أنه قال ( نحن حجج الله على الخلائق وأمنا فاطمة حجة الله علينا (11 )

خامساً : بهذه المجالس والشعائر يتعارف المؤمنون وتقوى عرى روابطهم وأخوتهم فيسأل بعضهم عن بعض ويتفقد قويهم ضعيفهم ويقضي غنيهم حاجة محتاجهم حتى يصبحوا (صفاً كأنهم بنيان مرصوص) عل طاعة الله سبحانه وتعالى وطاعة رسوله واله صلوات الله عليهم أجمعين ، فنخلق مجتمعاً متماسكاً ورصيناً تسوده المحبة والألفة وتنتشر ما بين ابناءه الأخوة ويشعر جميعه بالسعادة ويعم عليه الخير من كل جانب حتى نهيئ القاعدة المتينة لظهور المنقذ الموعود روحي وأرواح العالمين لمقدمه الفداء

فمصاب بهذا القدر من الأهمية كيف لا نحييه ونقيمه كل عام وبه سعادة البشرية في الدارين ، فسلام عليك أيتها الشهيدة الصديقة الطاهرة وسلام على جنينك الشهيد المحسن عليه السلام ، يا شفيعة عند الله اشفعي لنا عند الله .

(1) بحار الأنوار – العلامة المجلسي ج27ص309(2) علي في القرآن – السيد صادق الشيرازي ج1 ص 9(3) بحار الأنوار- العلامة المجلسي ج43ص22(4) بحار الأنوار – العلامة المجلسي – ج22 ص477(5) بحار الأنوار – العلامة المجلسي ج43 ص54(6) بحار الأنوار – العلامة المجلسي ج43 ص54(7) بحار الأنوار – العلامة المجلسي ج43 ص54(8) العوالم ، الإمام الحسين (ع) الشيخ عبد الله البحراني ص527(9) )( بحار الأنوار – العلامة المجلسي – ج44 ص282(10) بحار الأنوار – العلامة المجلسي، ج44ص288(11) الأسرار الفاطمية – الشيخ محمد فاضل المسعودي ص17(12)