23 ديسمبر، 2024 5:58 ص

لماذا نجح الكورد خارجياً وفشلنا بامتياز ؟

لماذا نجح الكورد خارجياً وفشلنا بامتياز ؟

قصة هذا المقال جاءت بعد  دردشة مع احد الاعلاميين الثقاة في مدينة اربيل والذي اخبرني بانه حضر احتفال عائلي بمناسبة ولادة طفل جديد لاحد زملاء المهنة وان من بين الحضور كان هناك ثلاث قناصل يمثلون دول مصر والامارات وفلسطين حضروا وادوا الواجب وباركوا للزميل وانصرفوا بشكل اعتيادي كجزء من واجبات اجتماعية يقومون بها بشكل مستمر في اقليم كردستان.

وتبدد استغرابي بشكل اكبر حين اخبرني الزميل ان مختلف الدبلوماسيين وممثلي القنصليات يحضرون مختلف انواع المناسبات سواء كانت افتتاح معارض او احتفالات من اي مستوى ووزن ويمكن ان تجدهم بشكل مستمر في الاسواق او التجمعات البسيطة .

وكلام زميلي اجبرني عقد مقارنة ظالمة بينهم وبين ممثلي السلك الدبلوماسي الدولي في بغداد الذين تقطع لهم الشوارع وتحصن المساحات وتغير فرق التفتيش بكلابها واجهزتها تمهيداً لتطهير منطقة داخل المنطقة الخضراء سيزورها القنصل او حتى موظف اداري بسيط في هذه السفارة او تلك القنصلية .

وينسحب على هذا الامر ايضاً الفرق بين التعامل الذي يقوم به الاقليم مع العالم الخارجي ومثيلة الذي تقوم به حكومة المركز وستكون المقارنة ايضاً بصالح الاقليم حين تجد ان اغلب الابواب تفتح  بوجه البارزاني اينما توجه وبدون استثناء حتى من اكثر الدول التي لديها حساسية خاصة مع القضية الكردية ونعني بها تركيا وايران في المرتبة الاولى .

واذا كانت المصلحة الاقتصادية او السياسية هي التي تفتح هذه الابواب فلابأس بها طالما كانت تصب في الصالح العام وهو ماتجده في تدفق عمالقة البناء والصناعة الاتراك على الاقليم الكردي والذي جعلوا منه في فترة قياسية مقصداً للكثيرين ومدعاة للتباهي والفخر امام دول المنطقة .

واذا كان خلاف هذا الطرف يدعوك الى التنسيق مع غريمة فهو ايضاً لابأس به لان مرده الايجابي على الطرف الذي فهم هذه العلاقة وادرك كيفية التعامل معها بما يعود على جمهوره واتباعه بالمنفعة وانعكس هذا الفهم بشكل ايجابي  ومفيدعلى منطقتة التي يحكمها .

ان السياسة الكردية المتمثلة بالانفتاح على الجميع وعدم معاداة اي شخص او جهة جعلت من نموذجها الدبلوماسي على بساطته مثلاً يحظى بالقبول والتفاعل الدولي وهو مايتمثل بزيادة عدد القنصليات والممثليات الدبلوماسية التي يتوايد عددها يوماً بعد يوم في انحاء اربيل.

وفي المقابل نجد سياسة بغداد في هذا المجال مبنية على مواقف ضيقة ومعقدة جعلت العديد من الدول تكتفي بتمثيل دبلوماسي هزيل يقترب من المجاملة اكثر من كونه طاقم عمل يرعى مصالح البلدين فيما احجمت دول ذات وزن عن مجرد فكرة الاقتراب من بغداد.

وشكلت السياسة العراقية الخارجية مثال صارخ على التناقض ففي الوقت الذي تطالب بعدم التدخول بشؤونها من الاخرين وخصوصاً دول الخليج نجد المسؤولين في بغداد يخصصون اكبر الاجتماعات لمناقشة (المطالب المشروعة للمعارضة البحرينية) او بحث امكانية دعم (المعارضة السعودية) او يعارض موضوع الاعتتراف باحقية الامارات بجزره الثلاثة المحتلة من قبل ايران وغيرها من التحركات التي باتت تؤكد التشويش الحاصل في العمل الدبلوماسي والخلط الواضح بين الملفات الداخلية العالقة مع رسم سياسة الدولة الخارجية .

ولايفهم من هذا بانه امتداح او تزويق للجانب الكردي في هذا المجال ولكنه نوع من الطموح المخلوط بالحسرة على عدم تمكننا ونحن اصحاب اشهر واعرق الساسة من احتواء دول المحيط وبناء علاقات متوازنة معها بعيداً عن الاحادية في هذه العلاقات او التعامل مع الخارج بلغة السمسرة من شراء للمواقف المؤقتة بواسطة النفط والامكانات الاقتصادية التي تصرف بشكل جنوني من اجل بيان يصدر هنا او هناك او وفد من اشخاص مغمورين يزورون العراق للاشادة بتجربتة الفريدة .