4 نوفمبر، 2024 9:25 م
Search
Close this search box.

لماذا ماتت الحصة التموينية ؟

لماذا ماتت الحصة التموينية ؟

في الليالي التي سبقت سقوط نظام صدام, كانت الأهالي في اغلب مناطق بغداد تجتمع ليلا, وتفكر وتحلم بالمستقبل الذي ينتظرها بعد أن يزول نظام صدام القمعي, مستبشرين أن يهل عهد الديمقراطية, وكان من أهم ما يتم تداوله في تلك المجالس هو الحديث عن الحصة التموينية, فكانت هنالك شائعات تعبر عن أماني الناس, تتحدث عن ارتفاع عدد مفردات الحصة لتصل الى أربعون مفردة, وبكميات تناسب العائلة العراقية, انطلاقا من الطحين والرز والزيت والشاي فتوسعت أحلام العراقيين ليجري الكلام عن لحوم ودجاج وسمك وبيض ومعلبات متنوعة وأنواع العصير, وكان البعض يروج الى أهمية الإسراع بشراء مجمدات كي لا تفسد الحصة التموينية المقبلة.
وانتظر العراقيين بلهفة زوال صدام ونظامه, كي يتحقق الحلم, وزال صدام وزبانيته, وفي الأشهر الأولى للتغيير كان الحديث لا ينتهي عن الحصة التموينية المقبلة, حتى أن الصحف كانت تنشر قوائم بمفردات كثيرة تسد حاجة كل عائلة, وتجعلها حافظة لكرامتها من ذل الحاجة والسؤال.
واستبشر الناس خيرا بعد تشكل الحكومة الجديدة, وأصبح الحلم قريبا كمن ظن العراقيون, خصوصا أن مسالة توفير الغذاء للعائلة العراقية أمر مصيري ويحفظ كرامتها, وهو بالتأكيد ما يهم الساسة الجدد.
لكن مع السنوات التي عشناها في ظل الديمقراطية تبخرت أحلام العراقيين, حيث كانت خيبة العراقيين كبيرة! فالحقيقة لقد تحولت حياة فئة واسعة لكابوس نتيجة اختفاء الحصة التموينية, والمصيبة التي يجب أن تذكر هي: أن الطاغية صدام كان يهتم بتوزيع الحصة وانتظام وقتها, بعكس زمن الديمقراطية الذي ضيع حق العراقيين, بل الأدهى أن يتم استيراد شاي مخلوط بالحديد, وطحين غريب, ورز عجيب, ويتم توزيعه ضمن الحصة! وكاد أن يوزع شاي مسرطن لولا أن من الله علينا بانكشاف الفضيحة قبل التوزيع! ويحصل كل هذا في زمن الديمقراطية, فتعسا لساسة تكون أدارتهم للدولة أسوأ واشد ظلما من الطاغية صدام.
أنها عملية سحق ممنهجة للطبقة الفقير ومحدودة الدخل, يقوم بها النظام الديمقراطي بشكل مستمر وباجتهاد كبير! عبر جعل المواطن في دائرة مغلقة من القلق وعدم الاستقرار وضغط الحاجة وقلة القدرة الشرائية, كي يحافظون على الحكم, فهو الدرس الأول الذي خطه الطغاة للسيطرة على الشعوب.
ندعو الطبقة السياسية أن تعدل عن ظلمها للفقراء ومحدود الدخل, وان تترك النهج ألصدامي, وتنطلق في سعي حقيقي لتحقيق العدل, بإعادة حقوق الفقراء ومحدودي الدخل, عبر أعادة الحصة التموينية بمفردات وكميات تنفع العائلة العراقية وتحفظ كرامتها.

أحدث المقالات