23 ديسمبر، 2024 1:09 م

لماذا لم تجلب الديمقراطية السعادة لشعبنا ؟

لماذا لم تجلب الديمقراطية السعادة لشعبنا ؟

عندما بدأ تطبيق النظام الديمقراطي في العراق بعد سقوط أعتى الدكتاتوريات في العالم ، أستبشر الشعب العراقي خيراً ومَنّى نفسه بسعادةٍ دائمة سيعيشها كما تعيشها غيره من الشعوب في الدول الديمقراطية الأخرى في العالم ، ولكن للنظام الديمقراطي آليات يجب أن تتوفر لكي نقطف ثمارها من السعادة ، فبالإضافة الى أساسياتها الأربعة (الدستور، البرلمان ، الحكومة ، القانون بالإضافة للصحافة) يجب أن تطبق وتنفذ هذه الأساسيات حتى نحصل على نتاج تطبيق الديمقراطية وهو الحياة الكريمة ، ولكن الذي تصدى للقيام بتنفيذ هذه الأساسيات لم يكن بالمستوى والوعي الكامل بهذا النظام لكي يقوم بالمهمة على أفضل وجه ، نعم هناك تحديات كبيرة أحاطة بالعملية السياسية من ضمنها الإرهاب الذي يعاني منه الشعب العراقي في كل يوم ولا ننكر ذلك وبوجود هذه التحديات أصبحت العملية السياسية صعبة وخطرة ومتعثرة ، ولكن الذي أضر بالعملية السياسية أكثر من الإرهاب وهذه التحديات هو عدم إيمان أغلب الكتل السياسية (والكثير من القيادات السياسية) بقوانين النظام الديمقراطي الكامل ، وإنما أستغلت هذه الكتل أو التنظيمات أو القيادات السياسية مصطلح الديمقراطية وقوانينها وبدأت تقدم مصالحها التنظيمة على مصلحة العراق وشعبه ، لهذا نلاحظ أغلب مؤسسات الدولة متوقفة عن العمل الفعلي من أجل تطوير العراق في مختلف المجالات ، و أغلب القوانيين المهمة التي تسهم في تسريع عملية التطور والرقي قابعة في رفوف البرلمان العراقي ، وأغلب المشاريع التي تصب في مصلحة الشعب العراقي من الصعوبة تمريرها ، لأن الكتلة أو التنظيم الذي يتبى المشروع ستواجهه التنظيمات الأخرى التي تنافسه فأنها سوف ترفض أي مشروع يطرحه بدون التفكير الجدي في حقيقة المشروع هل يصب في مصلحة العراق أم لا ، خوفاً من نجاح المشروع ومن ثم زيادة شعبية الكتلة أو التنظيم في الشارع العراقي ، لهذا يجب أن يعرقل المشروع أو القانون في مهده ولا يتم تمريره خوفاً من نتائجه التي ستصب في مصلحة من تبناه ، وفي كثيرمن الأحيان أو أغلبها تشترط بعض الكتل في حال تصويتها يجب أن تحصل المشاريع أو القوانين التي تتبناها هي أيضاً على الدعم أي بالمصطلح العراقي الدارج ( أشيّلك و شيّلني ) وأصبحت هذه الفكرة المحور الأساسي الذي يسيطر على تمرير أي قانون أو مشروع في قاعة البرلمان ، أي مصلحة التنظيم أو الكتلة في قمة التفكير والإهتمام ومن ثم إن جاءت وفي كثير من الأحيان لا تأتي مصلحة العراق ، حتى الإرهاب وقتل الشعب العراقي وجريان الدماء بالشكل المرعب في الشوارع العراقية يحصل على دعم بعض الكتل من تحت قبة البرلمان العراقي بل أصبح الدفاع عن قادة الإرهاب بشكل علني والدفاع المستميت عن حمايتهم وحرياتهم من صميم اللعبة الديمقراطية في تفكير الكثير من السياسيين ، وحتى حرية التعبير أستغلت من بعض السياسيين وأصبحت تمثل مواقف عنصرية وطائفية وكلمات بذيئة في حق الإغلبية التي تكون الشعب العراقي ، وأما الفساد الإداري الذي تدعمه الكثير من الكتل السياسية وألسياسيين قد عرقل بل وقف الحياة الإقتصادية بشكل تام ، وأما القضاء العراقي وجميع مؤسساته فيعاني الأمرين من الضغوط والتدخل ولهذا نلاحظ الكثير من القضايا التي تخص السياسيين قد أغفل عنها أو أغلقت وهي من القضايا الخطرة التي تخص الأمن القومي للعراق ، حتى أصبحت الكثير من قوانيين النظام الديمقراطي نقمة على الشعب العراقي لأنها لا تطبق بالشكل الصحيح بل تطبق بالشكل الذي يصب في مصلحة الكتلة أو القيادي السياسي وفي كثير من الأحيان طائفته أو مكونه ، ولم يطبق من النظام الديمقراطي بشكل فعلي إلا إجراء الإنتخابات أما نتائجها فلا تلعب دوراً رئيسياً في قيادة العراق لأن الجميع يشترك في هذه القيادة ولكنها تجلب العدد الكافي من الاشخاص للجلوس على مقاعد البرلمان والتمتع بما يقدمه البرلمان لهم من أمتيازات أما غير ذلك فلم يلحظه الشعب العراقي ، وهكذا وهذه السنة العاشرة منذ التغير والعراق لم يشهد تغير حقيقي في حياته العملية إن كان من الناحية الأمنية أو الخدمية أو الإقتصادية أو السياسية بل أصبح الإحباط والفشل يسيطر على نفسية المواطن العراقي نتيجة التردي الذي أصاب العملية السياسية ، وهذا جميعه نتاج لعدم فهم أو الإيمان بقوانيين النظام الديمقراطي من قبل أغلب الكتل أو القيادات السياسية في العراق ، لهذا السبب فأن الخطر الحقيقي ليس في الإرهاب أو التحديات التي تحيط بالعراق وشعبه وكذلك عمليته السياسية ولكن الخطر الحقيقي في تصدي قيادات أو كتل سياسية للعمل السياسي وهي لاتؤمن أو تعي العمل الديمقراطي الحقيقي ، وهؤلاء هم الذين يقتلون العراقيين كل يوم ونفسهم الذين يعطّلون كل شيء في العراق منذ التغير والى هذه اللحظة ، فإذا أريد للعراق النهوض والتعافي يجب التخلص من هذه القيادات وهذه الكتل أو إضعافها أو تحيّدها وجعل تأثيرها أقل ما يمكن على العملية السياسية وقراراتها ، عندها سيرجع العراق من جديد الى سكة الأمان و التطور ويذوق شعبه حلاوة السعادة التي تثمر من تطبيق الديمقراطية بشكل حقيقي وواقعي وإلا فألإرهاب سيستمر والفساد الإداري يزداد ومعانات المواطنين تكثر والعراق في ضعف دائم ما دام الكثير من الكتل والقيادات السياسية لاتؤمن أو تعي العمل الديمقراطي الحقيقي لأن فاقد الشيء لا يعطيه .