23 ديسمبر، 2024 1:32 م

لماذا لا نُدخِل روسيا على الخط .!

لماذا لا نُدخِل روسيا على الخط .!

بعد حرب عام 1967 , إستغلّ واستثمر الرئيس الراحل جمال عبد الناصر ظروف الحرب الباردة بين الولايات المتحدة ” ومعها دول الغرب ” , وبين الأتحاد السوفيتي السابق , وكانت طبيعة المرحلة التي اعقبت الحرب تتطلّب إتصالاتٍ معيّنة بين الأمريكان ” وبعضها بالنيابة عن اسرائيل ” وبين مصر لأجل تهدئة الوضع المتأزم على ضفتي قناة السويس , واحتمالات اندلاع الحرب مرّةً اخرى من الجانب المصري , وجرّاء ذلك , فكلّما طلبت الأدارة الأمريكية ” آنذاك ” في عهد الرئيسين < ليندون جونسون و ريتشارد نكسون > ايّ اتصالٍ او لقاءٍ مع القيادة المصرية , كان الرئيس عبدالناصر يحيلهم ليفاوضوا القيادة السوفيتية بالنيابة عنه , وبالفعل فقد خوّل الكرملين حقّ التفاوض مع الأمريكان في كلا الشأنين التكتيكي والستراتيجي المتعلّق بمصر , وهو بذلك قد ” ورّطَ واغرى ” السوفيت الى حدًّ ما وبرغبةٍ يتمنّوها لإدارة ملفّ المفاوضات مع الأمريكان حول الشرق الأوسط وخصوصاً بما يتعلّق بالوضع الملتهب بين مصر واسرائيل > .
تلك الأسطر ” اعلاه ” ليست سوى مقدّمة تمهيدية ونفسيّة للإستفادةِ منها في اقتباس ادارة الأزمات الدولية وخصوصا بما تعلّق بالشأن العراقي الحالي .
وَ ولوجاً الى قلب الحدث , فهنالك إتّفاقٌ ضمنيٌّ او اكثر من ذلك ايضا يجمع بين معظم الأطراف المتقاطعة داخل العراق بدءاً بجموعٍ غفيرةٍ من المستقّلين سياسياً  ومروراً ببعض الأحزاب النافذة والفعّالة في السلطة , وانعطافاً الى قوىً وطنيةٍ وقوميةٍ في الساحة العراقيةِ , ويضاف لذلك ذات القوى على الصعيد العربي , بأنَّ علائمُ استفهامٍ ترتسمُ بشكلٍ مجسّمٍ أمامَ الضَرَباتِ الجوية الأمريكية لمواقع الدواعش في العراق ” والتي لا ننفيها ” لكنّما عند تفكيكها المُبَسطْ , فمن شديد الوضوح فأنها غاراتٌ جويّةٌ نسبيّةٌ ومحدودةُ العدد للغاية ” بشكلٍ مُتعمّد ” ولو كان الأمر جدّياً بالنسبة للأمريكان وتمَّ مضاعفة اعداد طائراتهم المقاتلة بنسبة 1 الى 100 فلجرى تقليص مدة بقاء داعش الى حدٍّ كبير , وما يعززّ ويؤكّد محدودية الغارات الأمريكية بل ما هو اكثر من ذلك , هو تصريح السيناتور الأمريكي ” ماكين ” منذ نحو شهرٍ بأنّ الطائرات الأمريكة تعود بحمولتها من القنابل الى القواعد التي انطلقت منها .! والى ذلك فلا أحد بوسعه الإطّلاع على الصور الجوية للمقاتلات الأمريكية بعد تنفيذها لضَرَباتها الجوية بما فيها القيادة العسكرية العراقية , لماذا .!؟
  وبالإنتقال الى موضوعنا الأساس حول < إدخال روسيا على الخط > والمقصود بذلك إدخالهم عسكرياً في عمليات القصف الجوي للتحالف الدولي , وذلك بعد تهيئة الأرضية السياسية والنفسية , وهي محاولةٌ لم تفكّر بها الخارجية العراقية التي تعاني من ضعفٍ مدقع في الدبلوماسية , فالروس ومنذ فترةٍ ليست ببعيدة لمْ يألو جهداً لمحاولة استراد نفوذهم في الشرق الأوسط وحتى في منطقة الخليج العربي , كما أنّ روسيا هي الحليف الأقوى لأيران الصديقة العزيزة لأحزاب السلطة في العراق , وبوسعها لعب دورٍ ما في اقناع السادة الروس في القصف الجوي على الدواعش , ولو كان لمحاولات الخارجية العراقية ” المفترضة ” أن تنجح , فلا شكّ أنّ ايّة عملياتِ قصفٍ جويٍ روسيٍ سيكون اكثر من حيويّ , وستكون هنالك منافسة بين الأمريكان والروس في ذلك , وسيمتد النفوذ او المصالح الروسية على شكلِ خطٍّ مستقيمٍ ممتد من ايران ومرورا بالعراق ووصولاً الى سوريا , بدلاً من ان يكون العراق حلقة وسطية بين هاتين الدولتين ويتحكّم به الأمريكان عسكرياً .
  إنّ مجرّد التلويح والتلميح للأدارة الأمريكية عن نيّةٍ عراقية للطلب من روسيا للمشاركة في القصف الجوي على داعش وما يترتّب عن ذلك من انشاء قاعدة جوية لهم في العراق ” كما القاعدة الأمريكية في – بلد – والحبانية وغيرها ” فسوف يثير الأمريكان ويدفعهم لإلغاء مقولتهم المتكررة بأنّ الحرب على الدواعش ستستمر لسنين طوال , ولعلّ ذلك أمرٌ طبيعيّ حين تقصف طائراتهم ” بالقطّارة ” .!
  وليس هنالك من جزمٍ بموافقة روسيا للمشاركة في عمليات التحالف الدولي , لكنّ بلداً مثل العراق الذي يعاني من ازماتٍ تتلو ازمات , عليه ان يحاول ويتشبّث بكل الطرق الدبلوماسية وغير الدبلوماسية لتقليص الوجود الداعشي الغامض , على الأقل .!
[email protected]