تطلعنا وسائل الاعلام العراقية يوميا عن ازدياد مرعب في حالات الطلاق لأسباب عديدة الاقتصادية منها والأمنية والاجتماعية وقلة الثقافة والزواج المبكر وغيرها وقبل أن تستفحل هذه الآفة الاجتماعية وتتحول الى أزمة يصعب حلها قبل أن تضيع لحانا بين حانة النواب ومانة الحكومة ! اضع التجربة الماليزية الرائدة في معالجة الطلاق امام مجلس القضاء الأعلى وأنا على يقين بأنهم يمتلكون آذانا صاغية وعيون خبيرة تراقب بدقة ما ينشر وتجيب وتستجيب على الأغلب لما يطرح في هذا الموقع بالذات مشكورة .
فبائع الموزالسابق ورئيس الوزراء الماليزي اللاحق مهاتير محمد الذي تسلم السلطة في بلاده عام 1981، وحكم بلاده لأطول فترة ، لم يعمل على جعل ماليزيا دولة حديثة تجمع بين النمو المستمر والسريع وبين المستوى الجيد للعدالة فحسب وبالأخص في توزيع الدخل بين مواطنيه بعد اعتماده سلسلة سياسات اقتصادية ليتراجع الفقر في عهده الى ادنى مستوى ، بعد تحقيق قفزة نوعية الى أعلى معدلاتها في التنمية الاجتماعية .
ليس هذا فحسب وانما استطاع مهاتيرمحمد صاحب الفكر الاقتصادي النير أن يعالج واحدة من أهم المشاكل الاجتماعية التي كانت تفتك بالمجتمع الماليزي وتعيق التنمية القومية الماليزية حسب تقديره بعد أن بلغت نسبة الطلاق 32 % أي 32 حالة طلاق لكل 100 حالة زواج عام 1992.
كيف استطاعت ماليزيا تجاوز مشكلة الطلاق المتفاقمة اذن ؟
بكل بساطة دعا مهاتير محمد مراكز الدراسات لتقديم بحوثها وتقديم المعالجات العلمية الممكنة وفقا للسياسات البحثية العلمية للدول الحديثة .
تم اعتماد طريقة جريئة غير معهودة في تجارب العالم لتنخفض نسبة الطلاق من 32 % الى أقل من 10 % خلال عشر سنوات من تطبيق النظام الاجتماعي الجديد واليوم تعتبر ماليزيا الأقل نسبة في الطلاق بين الدول التي أ مست لا تتجاوز7% كيف ؟
تم اعتماد نظام يفرض على المقبل للزواج من الجنسين ، الحصول على رخصة (اجازة ) الزواج قبل الموافقة على التصديق رسميا من قبل القضاة في المحاكم الشرعية ، وذلك من خلال ادخالهم في دورات تثقيفية وتوعوية اجتماعية واقتصادية عن كيفية التعامل مع الشريك وما تتطلبه الشراكة الزوجية من مسؤوليات مالية وقانونية واخلاقية كذلك كيفية التخطيط لبناء الاسرة وتحمل تبعاتها وايضا ارشاد المقبل على الزواج على كيفية التصرف مع المشاكل البسيطة والعمل على اسعاد حياته وحياة شريكه.
تجربة علمية مثمرة غنية بالامكان تطبيقها بالعراق من خلال تعاون الوزارات المعنية وبالتعاون مع مؤسسات المجتمع المدني بالاضافة الى ضرورة استثمار منابر المساجد والحسينيات التي وجدت للاصلاح الاجتماع والديني ، بشرط أن لا تتدخل مديرية المرور في منح ( الاجازات ) خشية تحويلها الى شركة استثمارية للرشوة والسحت الحرام واطالة أمد منحها في وقت نحتاج فيه الى تعزيز روح المواطنة لدى المواطن الذي باتت عملية اهانة كرامته وابتزازه من قبل داعشيو المرورالعامة في ساحات تسجيل المركبات وغيرها من الدوائر التعبانة ، تطحن البقية الباقية من كرامته وعزة نفسه الأبية للاسف !