طالما أن التظاهر حق طبيعي من حقوق المواطنين للمطالبة بتحسين الخدمات والتصدّي للفساد ، فان الأمرَ لا يقتصرُ على وزارات ومؤسسات الحكومة ، بلْ لابدّ أن يشمل القطاعين العام والخاص على حدّ سواء لأن الهدف من أجل التظاهر واحدٌ وليس مختلفا . أم أن المواطنين يخشون اعلان غضبهم ضدّ القطاع الخاص وخصوصا أصحاب المولدات الأهلية خوفاً من الدخول في نزاعات عشائرية . وكلمة الحق لابدّ أن تقال ، والساكت عن الحق شيطان أخرس . فكما أن وزارة الكهرباء كانت ومازالت هدفاً للمتظاهرين نتيجة فشلها المستمر وحجم الفساد الذي ينخرُ مؤسساتها ، فان المولدات الأهلية لم تكن أفضل وأرحم من وزارة الكهرباء . فحالة الاستبداد من قبل أصحابها والجشع المستمر وعدم احترام المواطنين ، وأساليب الاحتيال ، كل هذا يدفعنا للسؤال المنطقي : لماذا لا يتظاهرُ المواطنون ضدّ هذه الفئة التي لا همّ لها سوى كسب المال على حساب راحة المواطن خصوصا ً أن رقابة المجالس البلدية تكادُ أن تكون معدومة أو صامتة من باب ( المنافع المتبادلة ) . ان التظاهر من أجل الاصلاح يجبُ أن يشملَ الجميعَ ولا يقتصرُ على ساحة دون أخرى أو فئة دون أخرى لأن مثل هذه المطالبات تكون غير عادلة وغير منصفة . وأستطيعُ القولَ جازماً أن جميع العراقيين ( وخصوصا في العاصمة بغداد ) يعانون معاناة كبيرة نتيجة حجم الاستهتار الذي يمارسهُ أصحاب المولدات الأهلية . فالأسعار وصلت الى مستويات خيالية رغم تجهيز الحكومة لهم بالوقود ، اضافة الى الطرق الملتوية والأساليب الشيطانية التي يمارسونها لتقليل حجم تشغيل مولداتهم من أجل الحصول على أكبر قدر من الأرباح . والعجيبُ الغريبُ أن المواطنين في سبات عميق تجاهَ هذه المشكلة الكبيرة رغمَ انعكاسها على حياتهم اليومية دون أدنى قدر من الرحمة والرأفة . والطامة الكبرى أن بعض المنظمات السياسية ( التي تملكُ قوة لا بأس بها في الشارع العراقي ) تدّعي أنها تقفُ وقوفاً كاملا مع الشعب العراقي ، وأنها مستعدة للتصدّي لحالات الفساد المختلفة لم تحرّك ساكناً لمحاسبة أولئك المستبدين وايقاف ابتزازهم المستمر للمواطنين . وعلى الجميع أن يفهم أن المطالبة بالحقوق وتحقيق الاصلاح يجبُ أن يكون شاملا وبمنتهى الجرأة والشجاعة ، وخلاف هذا الأمر فلن يتحقق الاصلاح بمعناه الحقيقي .