23 ديسمبر، 2024 2:55 م

لماذا لا تكن التكتلات وطنية بدلا” طائفيتها ؟ !

لماذا لا تكن التكتلات وطنية بدلا” طائفيتها ؟ !

كل عمل سياسي يتخذ حركيته ونهجه من الطائفة ، لا يمكن لهذا العمل مهما كان عنوان لافتته ، يظل محدودا” في الفائدة والوصول الى الهدف المبتغى من وراء قيامه أو تأسيسه ، لكونه ينطلق من مكون مذهبي واحد ، وإن الإتكال على هذا الخط المذهبي ، يرفع عنه مضمون الوطنية ، أي إن الحزب بشتى مسمياته وعلى النهج والعنوان اللذين ذكرتهما ، يظل قابعا” في جيب الطائفة أو المذهب ، وهو بالتالي يظل ضمن الحركيات الطائفية 0

بينما لو أن هذا الحزب أو ذاك التيار أو ذاك التجمع ، إتخذ له وجها” وقلبا” وطنيين ، أي أرتكز على قاعدة الوطنية ، ومنطلقا” نحو الأفق الوطني الواسع وغير المحدد بهذا المكون الطائفي أو ذاك ، فمن المؤكد أن نسبة نجاحه وتحقيق هدفه ، تظل كبيرة أو أن هذا الهدف من الممكن تحقيقه بنسبة معقولة ومقبولة 0

ولهذا ، نرى التكتلات السياسية ذات البعد الطائفي ، القائمة في العراق من خلال العملية السياسية السائدة ، ظلت عاجزة عن إخراج العراق ، من شرنقة الشلل والخراب والفساد على كافة الأصعدة ، لكونها حركتها وحركيتها الأوسع ، لا تخرج عن تحقيق أهداف المكون الطائفي الذي تنتمي إليه ، ربما يكون أحدها نجح في جانب ، بيد إنه أخفق في جوانب عدة ، وعلى هذا الواقع ، يمكننا تشريح وإستطلاع دائرة وحركية هذه التكتلات الطائفية جوهرا” ولافتة” 0

وإذا ما أخذنا الجبهتين الطائفيتين في حركيتهما السياسية ، لوجدنا بوضوح أن الجبهة السنية متشظية ومتنافرة ، وتظل الحساسيات الشخصية فوق إعتبار أهداف حتى الطائفة ، فما بالك بالأهداف الوطنية ؟ ، وهي بهذا الحال تُضعف نتائج عملها ، وهذا الإضعاف بلا شك يُهزل ويخلخل الأداء على المستوى الوطني ، لكون المنضوين فيها ، أمعنوا في إتساع شرخ الطائفة التي يعملون من أجلها إدعاءا” أو خفاءا” ، الأمر الذي يجعلهم بعيدين عن الحالة التي تؤهلهم الى رفع الشعارات الوطنية ، قبل أن يكونوا فاعلين أو جديين في تحقيق مضمون هذه الشعارات 0

بينما الجبهة الشيعية مختلفة ، بل وحتى غير ملتزمة ، بيد أنها متفقة على سقف لحراكها في التناقس ، والتباين وحتى الإختلاف الذي يظل تحت هذا السقف ! ، وهي وإن إستظلت تحت سقفها ، تظل بنهجها المتنوع في الحركية والأداء الفارغين من لب الوطنية ، عاملا” كبيرا” في إستيطان الطائفية وتأجيجها ، وبمثل هذا الإستيطان الطائفي ، تظل بعيدة عن إرتداء اللبوس الوطني حقيقة ، حتى لو إدعت أو تمنت ذلك ! 0

أذن الحركيات الطائفية المتمثلة في الكتل السياسية ، الحاكمة والمشاركة في الحكم ، ليست جديرة بتجسيد الدور الوطني ، لكون هذا الدور كبيرا” عليها ، ولكنه ليس مستحيلا” على الوطنيين ، إذا ما أرادوا تأكيد نهجهم الوطني والعزوف عن النفس الطائفي ، والدليل على عدم وجود إستحالة في العمل السياسي ، إذا كانت النفوس والأنفس مهيئة لتنفس وإستنشاق عبير الوطنية ، هو تطوير أي مركز أوقاعدة أو جانب من الساحة السياسية ، عبر تطوير هذا المركز والبناء عليه حتى يأخذ علوه الشاهق ، بلبنات و مداميك وطنية 0

فمثلا” .. بالإمكان تطوير المشروع الوطني الذي يترأسه جمال الضاري ، من خلال جعله يتنامى بأفق وطني ، من خلال تجمع وطني واسع ، مع إني لست معارضا” لواقعه الحالي ، ولكن من المفيد أن يأخذ البعد الوطني مداه في العمل السياسي ، وليس من الحكمة والمنطق أن يظل العراق ، من خلال التكتلات القائمة ، تحت رحمة هذه الخيمة الطائفية أو تلك ، لأن ما نروم إليه من خلال تطوير هذا المشروع ، هو الإنتشار الوطني ، والنهوض الوطني من هذا الكساح الطائفي 0

وما اريد قوله في الختام ، ليكن المشروع الوطني ، حالة حية لقيام ميثاق وطني ، يسهم جميع زعماء المكونات المذهبية والأثنية ، في توقيعه والعمل بآلياته تنفيذا” وتفكيرا” ، وهذا الأمر من المؤكد يسعد الشيخ جمال الضاري ، لكونه وضع لبنته الأولى ، والتأريخ لا يمحو من ذاكرته المؤسسين والمبادرين ، مهما تعاقبت الحقب وتنوعت الأدوار .. فالدار تظل مدينة لبانيها الأول ! 0