ثقافة الفرد العراقي مبنية على العنف والسرقة ـ قد يظن القارئ الكريم ان هذه الكلمات, من إرشيف اقوال الريس, وترهات قائدنا الضرورة (المخلوع) ولكنها كلمات السيد المالكي, في مؤتمر صحفي, عقب استقالة كريم وحيد, ولا نعلم ان مئات الآلاف, الذين أدعى أنهم صوتوا له, في الانتخابات الاخيرة, تنطبق عليهم قاعدة العنف والسرقة, ام ان هنالك استثناء.
من يمعن النظر, في شخصية رئيس الحكومة السابقة, لايجد إلا شخصية أزدواجية مضطربة, ولابد ان نجد له العذر في ذلك, فما بين طموحه, بأن يكون مدير قسم تربية طوريج, في وقت ما, وبين ادارة البلد كرئس للوزراء, رحلة عناء وتلّون.
لو استعرضنا الجرائم التي لا تعد ولا تحصى, والويلات التي صبت على الشعب العراقي, لثمان سنوات مضت, وفي المقابل سعي الرجل ليكون قائدنا المفدى, وفرعوننا العظيم, نخرج بخلاصة مفادها, إن لم يحاكم المالكي فمن ذا الذي يحاكم؟
لم تكن قضية سقوط المحافظات, بيد العصابات الإجرامية, وما ترتب عليها من أثر, الا القشة التي قصمت ظهر البعير, ومع شديد الاسف, ان نعمة النسيان, تعمل في بلادنا بشكل منقطع النظير, اذ ان الجماهير تنسى, حتى من يتسبب في إرآقة الدماء, التي هي أكرم على الله من بيته الحرام.
التحشيد الطائفي تارة, والقومي تارة اخرى, كان سلاحه المميز, في الضحك على ذقون البسطاء, وفتح الجبهات لإنشغال الرأي العام, وتبرير الفشل والفساد المشرعن, داخل مؤسسات الدولة, والسرقات التي دمرت اقتصاد البلد, الى أجل غير معلوم.
الهيمنة والإستحواذ, وتهميش الجميع بلا استثناء, من اهم ملامح الولاية الثانية, التي بدأ من خلالها بشكل واضح, بأعادة تجربة من سبقه من حكام المنطقة (المخلوعين), وجعل الحكم والسلطة ملك عضوض, وما ادارة الوزارات بالوكالة من قبله, الا تجسيدا لمبدأ القائد الأوحد, الذي رافقنا لأكثر من ثلاثة عقود.
استخدم السيد المالكي, اسلوب الضرب من تحت الحزام لتسقيط الخصوم, وأقل ما يوصف انه قذر, ولا يمت للأخلاق والدين, الذي يدعيه الرجل بأي صلة, فلم يقف عند اي اعتبار, ولم يلتزم بأي ميثاق, وتميز هو ومن يحيط به من انتهازيين, بأنهم شياطين التسقيط, في عراق ما بعد التغيير.
كان هنالك رد فعل راديكالي, تجاه محاكمة زعيم الفساد, من قبل بعض المتملقين, الذين تعودنا على وجودهم في كل زمان, لذا نقول, ان موازنة لعام واحد من فترة حكم المالكي, تساوي موازنة اعمار اوربا بعد الحرب العالمية الثانية, وهنالك قاعدة فلسفية في عالم السياسة ـ من يتصدى للمسؤولية, عليه ان يقبل محاسبة الاخرين له ـ فلا تغردوا خارج السرب, لأنها إرادة السماء, أيها الأغبياء.