18 ديسمبر، 2024 5:11 م

لماذا لاتبعث محادثات فيينا على الاطمئنان؟

لماذا لاتبعث محادثات فيينا على الاطمئنان؟

على مر التأريخ المعاصر، جرت الکثير من المحادثات السياسية في العالم ولاسيما في فترة الحرب الباردة، لکن لم تلفت أية محادثات دولية النظر إليها کما جرى ويجري مع المحادثات الدولية الجارية مع نظام الجمهورية الاسلامية الايرانية بخصوص البرنامج النووي به، هذه المحادثات التي أثارت وتثير الکثير من الخلافات والانقسامات، يمکن إعتبارها أکثر معادثات دولية مثيرة للجدل.
منذ أن بدأت محادثات فيينا الخاصة بالعمل من أجل العودة للإتفاق النووي، أو مايسمى بخطة العمل المشترکة، فإن الذي يلفت النظر کثيرا إنها من أکثر المحادثات إثارة للريبة والشکوك وتبعث على على عدم الاطمئنان والراحة لها، بل والذي يلفت النظر أکثر إن هناك الکثير من الدعوات الدولية التي تطالب بإلحاح الى إلغائها، والسٶال الذي يطرح نفسه هنا هو؛ مالسبب وراء ذلك؟ ولماذا کل هذا التحامل على محادثات تستهدف أساسا الحيلولة دون أن يحوز النظام الايراني على الاسلحة النووية؟
المشکلة الحقيقية ليست في محادثات فيينا بل إنها في النظام الايراني نفسه وفي حقيقة إلتزامه بأي نتائج ستفضي إليها هذه المحادثات، ولاسيما وإن هناك تجربتان مرتان مع هذا النظام بهذا الخصوص، الاولى تجربة إتفاق الترويکا الاوربية مع النظام الايراني عام 2004، والذي فشل فشل ذريعا لعدم إلتزام النظام الايراني، والثانية الاتفاق النووي للعام 2015، والذي لم يتمکن من وضع حد للمساعي السرية للنظام الايراني من أجل مواصلة مساعيه السرية لإنتاج الاسلحة النووية کما أکدت ذلك تقارير العديد من الاجهزة الاستخبارية الدولية، وإن الذي يبعث على السخرية وعلى زيادة الشکوك والتوجسات بهذه المحادثات هو إنها تعمل من أجل العودة لإتفاق عام 2015، الفاشل أساسا!
النظام الايراني الذي يرفض إعطاء إلتزامات وضمانات واضحة وشافية بخصوص تخليه عن مساعيه السرية، ويلجأ دائما للمراوغة والکذب والخداع والتمويه، وأثبت عمليا على إنه يحرص على إستمرار مساعيه السرية حتى التوصل لإنتاج القنبلة الذرية، والتي يهدف من ورائها جعل نفسه أمرا واقعا متصورا بأنه من جراء ذلك سوف يضع حدا للإحتجاجات والانتفاضات الشعبية ضده والهادفة الى إسقاطه کما إنه يتصور بأن حيازته للسلاح الذري سيجعل من تدخلاته في بلدان المنطقة أمرا واقعا ولن يجرٶ أي بلد على الوقوف ضدها!
هکذا محادثات مع هکذا نظام، لايمکن أبدا أن تبعث على الراحة والاطمئنان وخصوصا وإن النظام الايراني يريد من وراء حيازته للأسلحة النووية ليس التربص شرا بشعبه وببلدان المنطقة والعالم فقط وإنما لفرض نفسه کأمر واقع وإجبار العالم على القبول به!