23 ديسمبر، 2024 2:12 م

لماذا كان امر القبض على عبعوب وسيم جداً وامر القبض ضدي متعسف وتنفيذي وفوري

لماذا كان امر القبض على عبعوب وسيم جداً وامر القبض ضدي متعسف وتنفيذي وفوري

بعد ارتفاع اصوات حناجر المتظاهرين المنادية بمحاسبة الفاسديـن، أعلن رئيس هيئة النزاهة العراقية حسن الياسري في15/10/2015، صدور أوامر بإلقاء القبض على اميني بغداد السابق، نعيم عبعوب والاسبق عبد الحسين المرشدي بتهم فساد مالي وإداري وإهدار المال العام، بالإضافة الى مسؤولين اخرين.
ان قرارات هيئة وقضاء النزاهة جيّدة إلا أنها لم تتحدث ولم تصدر أوامر باعتقال مسؤولين كبار ضالعين بالفساد ولا التحقيق معهم رغم أن ملفات الفساد وتحقيقاتها، تؤكد أن العديد منهم متورطون بشكل مباشر وغير مباشر في قضايا الفساد المالي والاداري.
والمفرح الذي يستحق الثناء ويعد دعم لحملة العبادي هو ما شاهدناه من اهازيج حسينية رائعة بمناسبة شهر المحرم الحرام وذكرى استشهاد الامام الحسين عليه السلام لقراء كرام يؤكدون على الفساد المنتشر في كافة مفاصل الدولة العراقية ويحتاج الى استئصال لوقفه أولا وبعدها معالجته، ولاحظت على مواقع التواصل  لقطات للسيد عبعوب وهو يقيم مجلس حسيني في بيروت، ونقول: هناك من يعتقد خطأً أن مسألة عاشوراء مسألة وقتية ولا فائدة متوخاة من أهدافها وقيمها؛ متناسين ان الإمام الحسين عليه السلام رمزاً للبطولة والتضحية وليس رمزاً للبكاء والعويل وضرب الرؤوس بالقامات والتراجيديات الحزينة ونسينا الدروس المستوحاة من هذه الثورة العظيمة القدر والشأن ونسينا كذلك أن الحسين وصحبه الإبرار قدموا لنا نموذج فذ للتضحية والفداء.
اعلان أسماء المتهمين كانت اشبه مباراة دوري:
لو انتبهنا الى كثرة التصريحات التي خرجت من لجنة النزاهة البرلمانية بصدد أسماء المتهمين، نجدها اشبه بمباراة دوري وتهريج اعلامي، مع العلم ان التشهير بأسماء المتهمين بهذه الطريقة مخالف للقانون خاصة من اللجنة البرلمانية للنزاهة لان النظام الداخلي لواجبات لجنة النزاهة لا يتيح لها التصريح للأعلام بقضايا فيها تحقيقات قضائية وإعلان أسماء  متهمين تطبيقا لنص المادة 92 من النظام الداخلي لمجلس النواب، واذا كانت لدى اللجنة البرلمانية معلومات والراي العام يتطلب مواكبته يجب؛ ألا تفضي لجنة النزاهة للأعلام معلومات أو أخبار عن التحقيق الجزائي وما وصل أليه من إجراءات ألا بحدود القانون، وان يضع في صلب عمله البرلماني الامتناع من نشر أي معلومات أو أخبار عن التحقيقات الجزائية، وترك الامر للسلطات القضائية لان هدفها الوصول إلى الحقيقة التي تنشدها العدالة، ومراعاة الاعتبارات القانونية ألإنسانية التي توجب عدم إذاعة الاتهام إلى أن يتحقق إسناده إلى المتهم، وذلك حتى لا يوصم بريء بتهمة تؤثر في سمعته وكرامته وقد لا يدان، وإعلان أسماء المتهمين بالأعلام مخالف لنص المادتين (236،437)من قانون العقوبات العراقي المرقم 111 لعام 1969 وتعديلاته، اضف، أسماء المتهمين التي وردت هي لملفات سابقة ولم تأتي بجديد.
امر القبض على السيد عبعوب وسيم جدا واعلان النزاهة كان على استحياء:
  ان هيئة النزاهة جسم اداري غير قادر على تحقيق الهدف الا وهو منع الفساد بكل أشكاله، والسيد العبادي صرح مؤخرا، بان هيئة النزاهة منذ تشكيلها صرفت عليها مبالغ اكثر مما اعادته من مبالغ مسروقة من الفاسدين، وكنتيجة عملية يصبح وجود الهيئة مكلف وباهض وغير مجدي، وطريقة إصدار اوامر القبض الاخيرة تشوبها الشكوك والظنون، وكنا نتمنى صدور واعلان الاوامر القضائية فور القاء القبض عليهم، منهم السيد عبعوب، حيث صرح الياسري بانه  متهم بتهمة توزيع الأراضي على الفقراء، ومن ملاحظة الصور الموجودة على شبكات التواصل الاجتماعي، التي نشرت لمرشحي كتلة سياسية في استخدام وسيلة توزيع الاراضي لتحقيق غايات انتخابية، وما شاهدنه عن القاضي محمود الحسن وهو يوزع الأراضي في احدى المحافظات عن كتلة دولة القانون في انتخابات عام 2014، مارسه السيد حسن الياسري مرشح كتلة دولة القانون في وقتها والان رئيس هيئة النزاهة؛ فهو يظهر بإحدى الصور في تجمع جماهيري في بغداد في 13/9/2013 وورائه لوحة كتب عليها (توزيع قطع أراضي لأهالي الحرية من الذين يسكنون بيوت طينية)، هذا معناه هو أيضا متهم بنفس تهمة السيد عبعوب لكنه وزع الأراضي لأغراض انتخابية ولم يكن مسؤول.
 ان أوامر القبض الحالية وتصريحات السيد رئيس هيئة النزاهة يمكن استقرائها من قول لاحد المتظاهرين ( يا حيتان الفساد لا تقلقوا ولا تقنطو من رحمة هيئة النزاهة فإننا مضطرين تحت ضغط المرجعية الدينية في النجف والمتظاهرين لذلك لأجل حمايتكم والتهم الموجهة لجماعتكم بسيطة لا تقلقوا) وامر القبض على عبعوب كان وسيما جدا كوسامته التي تصارعت عليها نساء العاصمة الإيرانية  ودفعها لالتقاط الصور معه على حد وصفه، ولم يكن امر القبض بحق السيد عبعوب، متعسفا جبارا تنفيذيا كالذي صدر بحقي انا كاتب المقال، حيث أقيمت بحقي شكوى في هيئة النزاهة، باني اجمع بين الوظيفة والمحاماة، وتم حجز اموالي المنقولة وغير المنقولة، وتحرك الاسطول التنفيذي لهيئة النزاهة الى بيتي بعد منتصف الليل، وبخمس عجلات مضللة وهم بصدد القبض على زعيم مافيا الفساد في العراق؛؛؛؛؛، والتهمة ان صحت؛ لا تعدوا ان تكون مخالفة لا تقع تحت أي نص جزائي او مدني،  مما دعا قاضي التحقيق باتخاذ قرارا بغلق الشكوى غيابيا وصدق تمييزا.
هل عرفتم لماذا كان امر القبض على السيد عبعوب وهو خارج العراق وسيما جدا وبحقي وبحق غيري متعسف وفوري وتنفيذي، بخاصة عندما صرح ان السيد العبادي أرسل له رسالة ياسف بها على اصدار امر القبض بحقه وإذا صدقت رواية السيد عبعوب فإننا امام كارثة إدارة دولة بأبسط اطرها وسياقاتها ولا نلوم القضاء.
ان امناء العاصمة بغداد، لا يحتاجون الى ملفات او تحقيقات لأجل اتهامهم بالفساد، فالشواهد عديدة، فخروج فرقة تحقيقية ومشاهدة المشاريع المنجزة في الأمانة والمخالفة للضمان العشري في القانون المدني والمخالفة لأبسط الأطر والسياقات المعتمدة، والمشاريع الفاسدة كثيرة وموجودة في كل ربوع بغداد فلا نحتاج الى ملفات وبحث وتقصي وتدقيق، ونفس الامر ينصرف على بقية المشاريع في مختلف الوزرات، واذا اردنا تطبيق مبدأ من اين لك هذا على السيد عبعوب وفق مقولة الاخوة اللبنانيين(بيكفي ويوفي) خاصة عندما يتباهى السيد عبعوب بان مسبحته تساوي خمسة ملايين دينار والتي زعم فيها ان زوجته قد اهدته اياها في احدى المناسبات العائلية، وعند وضع تصريحه الشهير بأن (شاحنات جمع القمامة والنفايات في لندن ليست بمستوى كفاءة نظيراتها في العراق ) وأن (مقرنصات ارصفة بغداد ارخص وافضل من مقرنصات اليابان) بميزان المسؤولية وملاحظة البنية التحتية الخدمية لبغداد ستكون تصريحاته الوهمية محاولة منه للتغطية على فشله الذريع بأدارة ملف العاصمة بغداد التي تصدرت بعهده وعهد سلفه، قائمة اوسخ عاصمة في العالم حيث انقطاع المياه الصالحة للشرب فضلا عن تلوثها بشكل غير مسبوق، مما سبب وباء الكوليرا.
ان رئيس هيئة النزاهة الحالي لا يستطيع ان يقوم بمحاربة الفساد بفعالية، لأنه حزبي، وعند البحث في مضامين تصريح السيد الياسري عندما قال: ” …وهو بمثابة رسالة واضحة لجميع من شكَّـك بأداء الهيأة وجديَّتها في محاربة الفساد …. ويأتي كذلك في سياق الوفاء بالوعود التي قطعتها الهيأة على نفسها بإحالة الملفات، وقد كان ذلك في وقتٍ قياسي غير مسبوق، حيثُ استطاعت فرق الهيأة الميدانية أن تكمل تحقيقاتها في عشرات الملفات. في أعقد ثلاثة مفاصل من مؤسسات الدولة، بسرعة قياسية، استغرقت شهراً ونصف الشهر” -حسب قوله.
وهذا يجعلنا نصل الى نتيجة مفادها، ان الهيئة التي استطاعت بشهر ونصف انجاز ملفات مهمة، اين كانت الهيئة طيلة احدى عشر سنة من تشكيلها، هل كانت تلهوا؟ ام كانت في غيبوبة ؟ ام كانت تحبوا؟
 ام كانت تستنسخ أوراق وتجمع ملفات وللحفظ؟
استجواب في البرلمان في ملفات الفساد ينتج عنه (كوامة) نيابية
امر القبض بحق (عبعوب) يذكرني بتصريح للنائب السابق في لجنة النزاهة البرلمانية شيروان الوائلي في( 21/1/2012 نشر في موقع كتابات) عندما صرح في لقاء مع الفضائية الحرة(ان مجموعة مؤلفة من ست سيارات اقتحمت منزل شقيقه الاكبر الشيخ مردان كامل الوائلي في مدينة الناصرية … وتم تهديده بأساليب عشائرية مالم يتم اطلاق سراح نعيم عبعوب خلال يومين فقط … ان شرطة مدينة الناصرية التي القت القبض على المجموعة قد اكتشفت ان  اربع من السيارات الخمس هي سيارات تابعة لأمانة بغداد وان اغلب من فيها هم من شرطة الامانة وموظفيها وقد اعترفوا خلال التحقيق معهم ان مجيئهم للناصرية تم بناءا على اوامر عليا في الأمانة مما يعد مؤشرا خطيرا ويدعو الى القلق حينما تقوم جهة حكومية بأستغلال المال العام وسيارات الدولة لتهديد الناس الامنين في بيوتهم)
والسيد نعيم عبعوب في وقتها قد صدرت بحقه مذكرة اعتقال من محكمة تحقيقات الرصافة على خلفية فساد في عقد تطوير قناة الجيش مع مدير عام عقود الأمانة عادل طعمة .
وكشف مصدر برلماني لوكالة خبر للانباء: ان نعيم عبعوب أرسل عشيرته الى عشيرة النائب الشهيلي من اجل تهديدهم كوامه بعد اتهام الاخير لعبعوب بالفساد ضمن مداخلة جلسة مجلس النواب، …وان عبعوب هدد النائب جواد الشهيلي داخل الجلسة الاستثنائية بعد اتهامه بالفساد.)
اسال بالله عليكم، هل ممكن ان نخلق بيئة خالية من الفساد والجهة الرقابية تهدد بالكوامة العشائرية، اننا اصبحنا بلد يتنازع على التفاهات والترهات والخرافات ويرفض ليس محاربة الفساد بل وقف عجلة الفساد.
ان رامسفيلد لديه تصريح في سنة 2006 عندما وجه تحذيره الى الحكومة العراقية ، بان الفساد المالي والإداري اخطر من الإرهاب، وهو محق، الان عمالقة الفساد يطلبون من العبادي وقف محاربة الفاسدين لحين الانتهاء من محاربة داعش وهي حجة تديم من بقاء داعش وما داعش والمليشيات والعصابات الخارجة عن القانون الا نتاج هذا الفساد المتجذر في الدولة العراقية، الذي كان في مقدمة الأسباب التي أفضت إلى سقوط ثلث العراق بيد داعش، بسبب اختيار وتعيين قادة الجيش والشرطة على أساس الولاء الشخصي والحزبي للحاكم وبطانته ومن دون اعتماد أسس الكفاءة والاستقامة، وكان دورهم معروفًا في انهيار قطعات الجيش.
 ان الامن والنزاهة حزمت حقائبها ورحلت من العراق، والفاسدون يصيحون بكل صفاقة بانهم فاسدين، ولا نعرف من  الذي جعل الوزارات من اعلى مسؤول الى اصغرهم يفكرون بالسرقة والكومشن والاختلاس، طول عمره العراق بخير والناس تعيش بسلام لا تقاتل بعضها البعض لأجل تجارة او منصب او مذهب او طائفة، من الذي جعل الغش علامة فارقة لأي عمل او مشروع او منجز حتى اصبحنا نحلم بمشروع مطابق للمواصفات، من الذي جعل اللعب بالمناصب تجارة تدر أرباحا بالملايين بحيث اصبح الواطي عالي والعالي واطي بالمال حتى اختلط الامر علينا واصبحنا لا نفهم شيء، من الذي جعلنا نكره انفسنا وارضنا ونهاجر خارج العراق لأجل الامن والأمان، من الذي جعل من الدكتور يجعل من مهنته وعيادته واجهة وشركة تجارية والصيدلي والدكتور يشكلون حلقة متكاملة في ابتزاز المواطن، من الذي جعل كثير من المواطنين تفرح بسبب انكسار الجيش في الموصل والرمادي وصلاح الدين، والانكسار سببه الفساد والمحسوبية وبيع المناصب، من  الذي جعل المليشيات الخارجة عن القانون تتسيد علينا وتعمل ما تعمل في وضح النهار من جرائم بلا محاسب،  لقد تحولنا فيما بعضنا الى سم زعاف، ولا نعرف متى تنصب موازين العدل وتقام المحاكم لأجل الاقتصاص من الفاسدين والمجرمين بمحاكمات عادلة وبجلسة مفتوحة، لانهم جعلوا من سمعة العراق احمق من الحُمق.
كل هذه الامر وبالإتيان على مجملها تجعلنا نصل الى ضرورة العمل على الغاء هيئة النزاهة الحالية وانسجاما مع الدستور ومع الاتفاقيات الدولية، تشكيل هيئة جديدة تنضوي تحت جنح القضاء وبعيدا عن تشكيلاتها الإدارية المتشعبة والاستفادة من كفاءاتها وخبرتها وموظفيها ومحققيها المهنيين، لأن مؤشر الفساد بقي في أدنى مستوياته، ونحتاج ان نهز دولاب الفساد الزؤام بقوة وقضايا النزاهة لازالت تحبو ولم تنجز واضابيرها لازالت عرضة للمساومات.