18 ديسمبر، 2024 11:16 م

لماذا فشلت وستفشل مهمة العبادي..؟

لماذا فشلت وستفشل مهمة العبادي..؟

قلنا في مقالنا السابق(العبادي والمهمة المستحيلة)، أن العبادي سيفشل في مهمته بتشكيل حكومة عراقية يشاركه فيها الجميع كما أرادت إدارة اوباما ، وبينا أسباب ذلك الفشل ،ومنها ان المالكي يصر ويخطط لفشل المهمة بأية طريقة ومهما كانت حتى لو احترق العراق كله ببراميله المتفجرة وميليشياته الطائفية (مجزرة جامع مصعب بن عمير رض) وغيرها،المهم يفشل العبادي ويعود هو الى السلطة،وهكذا رأينا تصاعد حدة العنف الطائفي ومستوى القتل على الهوية والجثث المغدورة وانفلات دموية الميليشيات في شوارع بغداد والمحافظات الأخرى وبإشراف الحكومة ،واليوم وبعد مفاوضات صعبة لاتحاد القوى الوطنية الذي يمثل المكون السني في البرلمان،مع التحالف الشيعي(الوطني)، قدم فيها الاتحاد مجموعة من المطالب والحقوق المعترف بمشروعيتها جماهيريا وشعبيا وسياسيا ودوليا ،والتي بسببها خرج المتظاهرون منذ سنتين وتجاهلها الطائفي الخبيث نوري المالكي رئيس وزراء السلطة الطائفية المنتهية الصلاحية،انهارت هذه المفاوضات في أول جولة لها ،فمن كان وراء هذا الانهيار وما أسبابه ، وما هو الموقف الامريكي منه ، يقينا أن ما يشهده العراق من انهيار امني لم يسبق له مثيل تمثل بسقوط محافظات بكاملها بيد الدولة الإسلامية ،وهروب جيش وميليشيات المالكي الجبان أمامها ،وجراء سياسة المالكي الطائفية البغيضة ودمويته ،جعل الإدارة الأمريكية تظهر وبقوة في المشهد السياسي العراقي ،وتقف مذهولة أمام ما يحصل من تقدم الدولة الإسلامية الى محافظات أخرى كأربيل ودهوك ،مما أطار صوابها خاصة إذا ما عرفنا أن (مصالح حساسة جدا لأمريكا في اربيل من أجهزة عالية الخطورة والدقة والأهمية وأسلحة ومستشارين ومقرات مخابراتية وغيرها )،لذلك أسرعت في إنقاذ عمليتها السياسية الفاشلة في العراق ،وقد اعترف بهذا أسامة النجيفي رئيس البرلمان السابق في مؤتمره الصحفي عندما ذكر أن إدارة اوباما منعت سقوط بغداد قبل شهر وطلب من الصحفيين عدم مطالبته التوضيح أكثر لحساسية الموضوع،ان انهيار وفشل المفاوضات بين التحالف الشيعي واتحاد القوى السنية كان بسبب التدخل الإيراني المباشر وعدم موافقتها على مطالب اتحاد القوى،كان يهدف الى إحراج إدارة اوباما التي تبنت انجاز مهمة العبادي والبدء بمرحلة جديدة في العراق،وعقد صفقة أمريكية إيرانية في تشكيل حكومة العبادي ومواجهة الدولة الإسلامية في العراق،كما صرح بذلك علانية وزير الخارجية الإيراني محمد ظريف حين قال(ان إيران لاتشارك امريكا في حربها على الدولة الإسلامية في العراق ما لم  تخفف عن قيودها عن برنامج إيران النووي العسكري في مفاوضاتها )،هذا يعني إن وراء إفشال مهمة العبادي إيران بشكل رئيسي وزيارة وزير الخارجية تؤكد ذلك بما لا يدع مجالا للشك ،وتريد عقد صفقة بذلك مع امريكا ،وبعد هذه اللعبة ،طرقت الدولة الإسلامية أبواب إيران من الداخل فعلقت راياتها في سبعة محافظات إيرانية (أرومية وسنندج وغيرها وهي محافظات محاذية لشمال العراق يتمركز فيها حزب بيجاك والفصائل الإسلامية الأخرى ،وهذه رسالة أمريكية واضحة إلى إيران ان خطر الدولة الإسلامية غير بعيد عنكم أيها الإيرانيون، إذن اللعبة اتضحت ان امريكا تلعب بأعصاب حكام طهران بعد قصقصت أجنحتها وقلصت نفوذها في العراق ،وقد أثبته فشل مهمة قاسم سليماني في العراق فغيرته إلى همداني ،وهكذا تقلص النفوذ السياسي الإيراني ،وأمسكت الملف إدارة اوباما الآن ،لذلك شرعت فورا بتحشيد دولي وإقليمي لمحاربة الدولة الإسلامية في العراق ،بعد أن تأكدت خطر الدولة  الإسلامية داهم لها ولمصالحها ومصالح الغرب ، الآن أصبحت المهمة الأمريكية أصعب بعد فشل مفاوضات الأطراف العراقية في تشكيل حكومة يرأسها حيدر العبادي ،وهي خيار أمريكي بحت،لاسيما وإنها تحشد العالم لمحاربة الدولة الإسلامية في العراق ،فماذا ستفعل إزاء هذا الفشل والإصرار الإيراني-المالكي عليه،اعتقد أن المشهد السياسي سيزداد توترا وتعقيدا ،وسيشهد العراق إراقة دماء عراقية بريئة أكثر على يد المالكي الدموي الخبيث، لاسيما وان فترة حكمه لم يبق منها سوى أيام معدودة ،على يد ميليشياته والحشد الطائفي البغيض وجيشه المهزوم الجبان،أما إدارة اوباما فستصر على إخراج حكومة توافقية تشمل الجميع وتحقق مطالب الجميع ،وستمارس سطوتها ونفوذها على الكتل الأخرى وفي مقدمتها التحالف الشيعي الذي يصر على إفشال مهمة العبادي إرضاء لإيران والمالكي،ولذلك شاهدنا السفير الامريكي في بغداد وهو يهرول إلى رئيس اتحاد القوى الوطنية السيد صالح المطلك ويجتمع به فور إعلان انهيار المفاوضات مع التحالف الشيعي،لتقريب وجهات النظر بينه ،وبين الطرف الشيعي المعترض على المطالب (بوحي وتوجيه من المالكي الخبيث)،وهو الذي صرح علانية بذلك في كلمته البائسة يوم الأربعاء الفائت، عندما قدم نصيحته الطائفية الكريهة وطلب من العبادي أن لا يقبل بشروط ومطالب الطرف السني ،لأنها تعجيزية  وغير دستورية،ووعد بان يأخذ العراق الى الجحيم  ،وفعل هذا تماما في مجزرة جامع مصعب ابن عمير والبراميل المتفجرة التي زادت وشملت كل مدن واقضيه ونواحي وقرى العراق السنية ، هكذا أفشلت إيران مهمة العبادي في تشكيل حكومة عراقية تلبي مطالب الشعب العراقي وتنهي حقبة من الحرب الطائفية التي أججها نوري المالكي وأحزاب السلطة الطائفية ،نكاية بإدارة اوباما ،فهل تتمكن إيران والمالكي بهذه المهمة الى النهاية ،ام هناك سيناريوهات أمريكية أخرى لإنجاح مهمة العبادي وإفشال مخطط إيران ودحره ،الأكيد ان اوباما مصمم على انجاز حكومة عراقية برئاسة العبادي الذي حظي بقبول دولي وإقليمي وعربي،والسبب الآخر هو الخطر الأكيد الذي يهدد المصالح الأمريكية في المنطقة من قبل الدولة الإسلامية ،فتنتظرها حرب علنية تحشد لها العالم كله في الموصل ،ولهذا لابد من اكمل تشكيل الحكومة ،والتفرغ للحرب ،حيث لا يمكنها البدء بالحرب ،قبل إكمال حكومة العبادي كما صرح بذلك اوباما وجون كيري وزير خارجية امريكا،وهو يتهيأ لزيارة سريعة الى المنطقة لهذا الغرض،حكومة العبادي والكتل السياسية في وضع لا يحسدون عليه من الضغوط الأمريكية-الإيرانية  وانهيار الوضع الأمني وانفلات الميليشيات وعبثها في البلاد قتلا وتهجيرا،وأمريكا ايضا في زاوية حرجة جدا وهي أمام خيارات كلها مريعة وينتظرها الفشل إذا لم تسرع وتعالج الأمور بقوة وجرأة لا يمتلكها اوباما أبدا ،واقصد به الملف السوري-العراقي،اذا مهمة تشكيل حكومة العبادي ستفشل حتما ام إصرار إيراني حيالها الا بعد عقد صفقة مع امريكا بخصوص البرنامج النووي،والذي قابلته امريكا بمزيد من العقوبات على إيران كورقة ضغط اخرى عليها ،الآن العراق امام عدة سيناريوهات اقلها الحرب العالمية على الدولة الإسلامية في العراق ،وهو سيناريو مرعب ووخيم على العراقيين ،والأيام القليلة القادمة ستفصح عن بعض هذه السيناريوهات المدمرة في المنطقة عموما والعراق خصوصا ،لأنه مسرح الحرب القادمة …والله يستر …