23 نوفمبر، 2024 10:30 ص
Search
Close this search box.

لماذا على العبادي الغاء مجالس المحافظات ومجالس امناء الهيئات؟

لماذا على العبادي الغاء مجالس المحافظات ومجالس امناء الهيئات؟

بعد العام 2003، وفي محاولة لدعم لامركزية ادارة الدولة ومؤسساتها، وتطبيق تجربة “مجالس الادارات” ومجالس المحافظات ومجالس الامناء، في جسم الحكومة العراقية، لتفعيل شراكة الخبرات وتطوير العمل والانتاج والاستشارات، اسست ظاهرة “مجالس المحافظات” و”مجالس امناء” الهيئات المستقلة، وعددها 10 هيئات في العراق، وهي توازي وزارات لكنها تتبع وفقاً للدستور لمجلس النواب، رقابة واشراف، وبعضها مستقل سياسة وادارة، لكن تلك “المجالس” سرعان ما تحوّلت الى حلبة صراع سياسي، وتقاسم حصص، وارضاء “حزب فلان” و”تيار علاّن”، حتى تضاعف عدد “الامناء” في بلاد الله المنهوبة، وصاروا رقماً فضائياً، بعدد الفضائيين الذين مرّوا على الهيئات، فمنهم من خدم سوى شهرين، واستلم نهاية خدمة باهضة، ومنهم من جيء به، “غصباً” على الدولة، للتخلص من الالحاح و”الواسطات” و”التوسلات”، وطبعاً ثمن هذا كله كالتالي في اقل الحالات [ 6 ملايين دينار ونصف المليون دينار، عداً ونقداً + 750 الف دينار مصاريف هاتف محمول، ومخصصات وقود تصل الى 3 ملايين دينار + سيارتين او ثلاث مصفحة بموديل انتاجها + وحماية 20 عنصراً، اضافة الى الايفادات والتكاليف الاخرى

الى تثقل كاهل الدولة] دون ان يُقدم هولاء “الامناء” الفضائيون، عملاً او خدمة، سوى اضافة عراقيل على البيروقراطية المتفشية في جسم الدولة العراقية.

مجالس الامناء، حلقة زائدة، وباب لهدر أموال الدولة، والمحاصصة، والفساد، وارهاق الميزانية التشغيلية، وهو ما يجب ان تتنبه اليه الحكومة، بمساعيها الى التقشف وتفعيل حزمة الاصلاحات التي طرحها السيد رئيس الوزراء استجابة للمطالب الشعبية ومطالبات المرجعية النجفية، وبعدها التصويت بالاغلبية على الحزمة في مجلس النواب.

وان كانت الحكومة ترى فيها حاجة، فلتقلصها الى الحد الادني وشطب الامتيازات، او باقل تقدير إلغاء تلك “المجالس” مؤقتاً، لانتفاء الحاجة اليها، واعادة النظر بمهامها عبر قانون موحد يشرّع بمجلس النواب، كأن يكونوا خبراء منتدبين، بأجور معقولة.

وما لا يعرفه الناس، ان هولاء الامناء، ادارياً يعتبرون بمنصب “وكيل وزير”، ويتمتعون بمخصصات مماثلة لوكلاء الوزراء التنفيذيين في الوزارات الحكومية، لكن الفرق الكارثي، ان “الامناء” ليس لديهم صفة حكومية تنفيذية، بل مجرد خبراء و”مشرّعون” او “جهاز رقابة” على عمل الهيئات المستقلة.

ولان الحكومة باشرت اجراءاتها ضد “الفضائيين” في الجيش العراقي وقوى الامن الداخلي وهي الان تقوم بصولة

شجاعة ضد الفساد والفاسدين، عليها ان تنتبه ان هناك “جيشا فضائيا” يمثله “مجالس الامناء”، لجهة انهم “وكلاء وزارة” لا يتمتعون بأية صفة وظيفية واضحة المعالم والصلاحيات، ويرهقون خزينة الدولة برواتب ومخصصات، دون ان يقدموا جهداً او تطويراً لقاء ما يقبضونه شهرياً من قوت الشعب.

وبحسب اللجنة المالية النيابية، فأن عدد وكلاء الوزارت في الدولة العراقية، ممن تصرف لهم رواتب وامتيازات وتقاعد هو (712) وكيل وزير! عدد مهول في دولة تعاني من بطء الاجراءات الحكومية، وفشل مريع في الادارة نتيجة وجود هذه الحلقات الزائدة.

وهذا الامر ينسحب الى مجالس المحافظات التي ما قدمت شيئاً سوى التعارك على الامتيازات والاثراء على حساب الصالح العام، عبر عرقلة مشاريع التنمية بالمحافظات نظراً للصلاحيات الممنوحة اليها، فاتت وكراً كبيراً للفساد والفاسدين، وتقوية لمنظومة فساد تطيح بكل جهدٍ للدولة بتحسين الخدمات، نظراً لكونها تتحكم بمفاصل المحافظات ووارداتها، حتى باتت اقطاعيات لحزب فلان، وتيار علان، فتتصارع تلك الكتل في جميع المحافظات ما بينها، تتراضى بالمشاريع، وتختصم حول مشاريع، فيما المواطن الغلبان يظل يضرب اخماس الفقر باسداس سوء الخدمات، وغالباً ما تتحجج تلك المجالس ذات الكروش، بقلة الموازنات المقدمة من قبل الحكومة الاتحادية، فيما هي تحصل على واردات

اكبر لاسيما المحافظات المنتجة للنفط والغاز، والتي تحصل على ميزانيات كبيرة تكفي لاعادة الحياة وانعاش قطاع الخدمات والكهرباء، لكن لا ميزانيات تنمية الاقاليم التي تخصصها الحكومة الاتحادية تنفع، وميزانيات البترودولار تنفع، طالما ان مجالس المحافظات تلك تتقاسم كعكة الاموال، وتُلقي للمواطن نفايات، حتى باتت النفايات تحاصر المدن وتتفشى كالوباء فيها، اليس بحرمان المواطن من خدماته الاساسية والطبيعية هو عصيان ضد الدولة تقترفه تلك المجالس، التي تسرح بلا رقيب ولاحسيب، وليس لاحد سلطة عليها، سوى رقابة هشة وشكلية لوزارة الاشغال والبلديات؟

وعلاوة على ان مجالس المحافظات كما “مجالس الامناء” تمثل حلقة زائدة في جسم الدولة العراقية، فهي تمثل هدراً كبيراً في المال العام، لجهة الاموال المستنزفة من ميزانيات المحافظات لمخصصات وامتيازات اعضاء المجالس الذي يبلغهم عددهم في عموم العراق، نحو 500 عضو يحملون صفة عضو فاعل الان، فيما هناك اكثر من 2000 عضو سابق لهذه المجالس، وجميع هولاء يستلمون امتيازات وتقاعد، ما يعني ان هذه المؤسسة ستسمر بتفريخ اعضاء حاليين وسابقين، والضحية ميزانية الدولة والشعب العراقي المنكوب.

لذا على رئيس الوزراء الاستجابة العاجلة لمطالب المتظاهرين، في جميع المحافظات والذي عبروا بصدقٍ

وامانة عن الواقع المرير الذي تعيشه محافظاتهم جراء اخفاق تلك المجالس، لاسيما وانها مصنع دائم للفساد، واذا ما اراد السيد رئيس الوزراء المضي حقاً بمشورعه لمحاربة الفساد ووقف هدر اموال الدولة، فعليه الغاء مجالس المحافظات بصيغتها الحالية، والغاء مجالس الامناء تماماً، لكون الاخيرة، لا تقدم شيئاً للدولة العراقية سوى مزيدٍ من الهدر العام والبيروقراطية وتعزيز الفساد.

أحدث المقالات

أحدث المقالات