23 ديسمبر، 2024 3:29 م

لماذا سمح أهل الفلوجة للإرهاب بالدخول؟!

لماذا سمح أهل الفلوجة للإرهاب بالدخول؟!

حين يلامسها ماء السماء، فإن تربتها تتفلج عن خيرات أرض صالحة للزراعة، ومدينة مساجد تعمر بطريقة مدهشة، عاشت خلال حكم الطاغية المجنون أوج عظمتها، مع أنها كانت بين الفينة والأخرى تنتفض ضده، لكنه كان ينهيهم بسلوكه الإجرامي، بإعدام الشيوخ والقادة العسكريين، وإثارة النعرات العشائرية، مثل إنقلاب الشهيد محمد مظلوم الدليمي، التي شهدت فيها الأنبار مواجهات واسعة، لكن الأمر لم يدم كثيراً، والسبب التعصب القبلي لبعض العشائر الفلوجية، لمذهب النظام المقبور!
التشدد المتزايد للأنباريين بعد سقوط الصنم، بات واضحاً وضوح الشمس، وتسنم الشيعة لحكم العراق، هو ما رفضوه جملة وتفصيلاً، فقد كانوا بالضد من العملية السياسية، وسمحوا لعصابة تنظيم القاعدة بالإنتشار، وبناء حواضن فكرية وعشائرية، إضافة لقيام الجماعات المسلحة، بقتل سائقي الشاحنات المتوجهين من والى العراق والأردن، عن طريق السيطرة على الطرق الدولية، وإثارة الرعب لإيقاف الحركة التجارية، وبالفعل شهدت سنوات تواجد الجماعات التكفيرية، زراعة البذرة الأولى لإنتشار الفكر الوهابي المتطرف.
ساحات الإعتصام هي الأخرى، لم تتعامل معها الحكومة السابقة بالشكل الصحيح، حيث رسخت للشريك الآخر بالوطن، فكرة التهميش والإقصاء، ونشروا الرعب عبر شعاراتهم الزائفة، وهم يعتلون منصات الجمعة، فبات الشارع الأنباري ينظر لهؤلاء الخونة، على أنهم قادة التغيير، وإسترجاع الحقوق، فعاش العراق محنة كبيرة، فأهل البلد يسعون بخرابه، وتحمل أبناء الجنوب نصيبهم من الدماء، حيث تلخطت بعض العشائر الانبارية بهم، لأنهم سمحوا للأرهاب بالنمو، في بيئة عقائدية تعاني الخلل والتزييف.
يُعرف تأريخ الفساد والطغيان الأموي، بنوعية رجالات متشددين فاسدين، والحق أننا نتذكر بعض المحسوبين، على مشايخ الفلوجة والرمادي، كانوا يساومون أهالي الجنوب، لإسترجاع أولادهم من حالات الخطف والقتل، التي شهدتها أرض الأنبار قبل بضع سنين، وكأنهم مجموعة قطاع طرق يسلبون الحياة، لمجرد الإختلاف في المذهب والعقيدة، ولا يحتملون فكرة، أن يسترجع الشيعة حقهم في الحكم، بتجربته الديمقراطية الجديدة، التي لم تقصي أحداً، لكن العزة بالإثم أخذتهم، وجعلت من مدينتهم معقلاً للتطرف والإرهاب.
سلوك غير وطني، لبعض رجال الفلوجة، بفعل سطوة الفكر الوهابي، الذي غرر لهم بأن مكاسبهم وحقوقهم رحلت مع رحيل الطاغية، وهذا ليس صحيحاً مطلقاً، فما زال أبناء الأنبار يحتلون مناصب حكومية مهمة، ويبدو أن بعضهم لم يندمج مع الوضع السياسي القائم، وكأن جاهلية أبي سفيان وأبي الحكم، سارية المفعول في دمائهم وعقولهم، لذلك فمَنْ دخل من داعش للفلوجة كان آمناً أما عندما يراد للحشد الشعبي الدخول للتحرير فالأمر مختلف جداً! 
تدمير وخراب حل بإقتصاد المحافظة، جراء سيطرة الإرهاب الداعشي الأعمى، تنبه له الأنباريون فإنتفضت عروبتهم، ليعلن الحشد العشائري إنطلاقه، سائراً على خطى الحشد الشعبي المقدس، فشارك أبناء مكونات العراق كافة، لتحرير الأرض والعرض، ولمواجهة عالم نسج خيالات مزيفة، تصور لهم عدلاً وهي في حقيقتها، أحلام يقظة سفيهة، غرد لها إنتحاريون ومهرجون، لا يتبعون إلا السراب فخاب سعيهم، وسنطفئ هذه العين الشيطانية، فيا أهل الفلوجة لا تستوحشوا طريق الحق لقلة سالكيه!