ان المتابع لكل التحليلات السياسية تقريبا، وكل ما تنقله القنوات الفضائية وبالذات العربية الا البعض منها وهي قليلة بالقياس الى مدافع اعلام واخبار القنوات العربية الفضائية وبالذات العربية والحدث والجزيرة.. ان سوريا اصبحت حرة وقد تخلصت من نظام بشار الاسد الذي اقترف الجرائم بحقالشعب السوري، وان ساعة الخلاص والحرية للشعب السوري قد حلت. متناسين ان سقوط النظام السوري؛ لسوف يشكل مرحلة جديدة وهي المرحلة الأخطر على الاوطان العربية في كل تاريخهم، ربما باستثناء دول الخليج العربي، فهي قد وهبت الجمل بما حمل للراعي الامريكي ومعه الكيان الاسرائيلي. ان هذه المرحلة لسوف يكون لها تأثيرات استراتيجية على القضية الفلسطينية وعلى كل الاوطان العربي، ومن الطبيعي ان هذه التأثيرات هي وبكل تأكيد تأثيرات سلبية جدا، وتاريخية. ان سقوط النظام السوري او نظام بشار الاسد كان بمؤامرة دولية؛ اقطابها الكيان الاسرائيلي والامريكي والتركي، وربما هناك معهم البعض من دول الخليج العربي. الأكيد ان النظام السوري نظام دكتاتوري، حكم الشعب السوري بالحديد والنار والسجون، وقصف حماه في عام 1982بالطائرات المقاتلة وبالمدافع. إنما سقوطه لم يكن بإرادة سورية بحته، بل بإرادة امريكية تركية اسرائيلية؛ من حيث الغلبة والتخطيط، مع ان التنفيذ كان بأذرع الشعب السوري الذي تعرض للظلم من قبل النظام.. لإقامة او للبدء بتأسيس الشرق الاوسط الكبير او الجديد الذي جرى العمل عليه، منذ عدة سنوات، بل منذ اكثر من عقدين من الآن؛ بإعادة تشكيل النظام الرسمي العربي، جغرافيا وسياسيا؛ لضمان الأمن الدائم او المستدام للكيان الاسرائيلي على حساب حق الشعب الفلسطيني في حياة حرة وكريمة. ان التهليل لهذا السقوط، وهو بكل تأكيد سقوطا دراماتيكيا؛ سوف يرتد سلبا على سوريا الدولة والشعب وعلى تركيا. ان سقوط النظام السوري كان؛ مؤامرة دولية واقليمية، ومن داخل النظام ذاته. ان قوات الجيش السوري لم تنسحب انسحابا فوضويا بسبب الانهيار، لأنها لم تقاتل قتالا حقيقا اصلا؛ بأمر وتوجيه من قيادتها في دمشق، اقصد قيادة الجيش وليس رأس النظام. لقد تم سحبها انسحابا منظما، وبالتوالي محافظة بعد محافظة، حتى دمشق العاصمة؛ حينها سقط النظام وغادر رأس النظام الى روسيا، بعد ان اجرى مفاوضات مع البعض من الفصائل كما ورد في بيان الخارجية الروسية. ان سحب الجيش السوري بهذه الطريقة يقود المتابع الى انه ربما كبيرة جدا، تقترب من حافة اليقين؛ هناك خطة غير معلنة بين اركان النظام او الحلقة الاقرب من رأس النظام مع مخططي الهجوم تركيا وامريكا والكيان الاسرائيلي، وربما من زمن او من فترة ليست بالقليلة. ان هذا السقوط المدوي للنظام السوري لسوف يضع تركيا بالذات في ورطة حقيقية؛ تتعلق في عدم قدرة تركيا على ضبط ايقاع علاقة هذه الفصائل المسلحة مع بعضها، لدخول العامل الامريكي الاسرائيلي على خط اللعبة، بما يخدم مشرعهما. ان امريكا والكيان الاسرائيلي هما المستفيدان الوحيدان من هذا التغير او من سقوط نظام الاسد. لسوف تستثمران كل ما سوف او ربما كبيرة سوف يحدث، بدفع وتمويل منهما، من صراع وتناحر واقتتال بين الفصائل المسلحة التي استولت على النظام ولو بعد حين؛ بمايخدم مشروعهما التفتيتي للأوطان العربية، سابق الاشارة له في اعلى هذه السطور المتواضعة؛ في اقامة شرق اوسط كبير او جديد، الذي يتضمن واهم ما يتضمنه؛ هو إعادة رسم خارطة الدول العربية؛ سياسيا، وعرقيا واثنيا على منضدة او مشرحة الجراح الامريكي الاسرائيلي. ملاحظة يجب ان تقال؛ ان الشعب السوري له كل الحق في الثورة على النظام السوري؛ لأنه كما غيره من انظمة الحكم العربية كلها، نظام مستبد، وصادر حريات الشعب؛ بالسجون والاعدامات والقتل والتعذيب. إنما هذه الإرادة نحو الحرية والكرامة وحفظ حياة الناس؛ تم استغلالها من قوى الارهاب ومن امريكا والكيان الاسرائيلي، وبالشكل الذي يتقاطع كليا مع إرادة الشعب السوري، الذياوهموه كما اوهموا غيره في زمن سابق؛ بالحرية الكاذبة والتي سوف لاحقا يكتشف زيفها، إنما بعد فوات الأوان. كما قال ذات يوم، الراحل الصدر، في نهاية او في الصفحة الأخيرة من كتاب فلسفتنا؛ كم انت مظلومة ايتها الحرية، كم من الجرائم بحق الشعوب ترتكب بأسمك..